JustPaste.it

http://s04.justpaste.it/files/justpaste/d239/a9623899/0027-small2.gif

logo-small_small.gif

فتاوي وردود

الرد على المجاهدين في الثغور

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين


اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا برحمتك.

إخواني الأحبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ابتدا أسأل الله تعالى أن يحفظكم بحفظه وأن يوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه من القول والعمل والنية، كما وأسأله أن يجزيكم خير الجزاء على تحريكم للحق وطلبكم لحكم الله تعالى أو ما يظن به حكم الله تعالى في هذه النوازل الجليلة مع الحال الذي تعلمون فالحمد لله على توفيقه.

  • بالنسبة للسؤال الأول ؛ وهو ما يتعلق بالطائفة التي تقاتل الهنود في كشمير ونيتها أن تسلمها لباكستان تحت دعوى فاسدة، وهو أن كشمير لا يمكن لها لو استقلت وتحررت من يد الهنود أن تقوم بنفسها لضعفها ؛

    ومع أن هذه حجة باطلة شرعاً وقدرا، ولو تفكر هؤلاء فإن التي يقال لها كشمير هي أكبر من أول دار إسلام وقعت في تاريخنا ألا وهي المدينة المنورة بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها، والواقع يشهد قيام دور ودول على قطع أرض أقل مساحة من كشمير وها هي دولة يهود تقوم على مساحة أرض أظنها أقل من كشمير بقسميها، فدعواهم باطلة واقعاً على ما فيها من فساد ديني خطير، وهو أن قولهم هذا اقرار برضى الكفر أن يحكمها، ومن رضي بحكم الكفر عليه ولوساعة أو أقل على هذا المعنى فحكمه الردة، فيجب تعليم هؤلاء معنى قولهم هذا، وأنه خطير على دينهم وإيمانهم، ولولا وجود عذر لهم وهو جواز الجهاد لدفع الصائل أي الهندوسي عن الأعراض لإنقاذه دون النظر للحكم الذي سيدخل فيه بعد لكانت هذه الطائفة لا تفترق عن الجيش الباكستاني في أنه طائفة ردة والعياذ بالله وبالتالي حكمهم هو حكم هذا الجيش.

    فإن كان لكم صلة بقادتهم ومقدميهم فاشرحوا لهم إخواني وعلموهم دينهم، وهم أولى من غيرهم في تعليم هذه الأبوب العظيمة لأنهم على أبواب الموت ولثقل ما تولوا من أعمال.

    فحسبنا الله ونعم الوكيل

    ولذلك إن أصرت هذه التنظيمات على هذه النية والقصد فيجب التحذير منها وتنبيه المسلمين الموحدين من الإنضمام لها، فإن دم هذا الموحد وروحه أغلى من أن تضيع تحت هذه الرايات الفاسدة الخبيثة.

  • وأما من علم حال هذه التنظيمات وهي على ما هي عليه من قصد السوء والباطل، فدخلها كما في السؤال خوف الصليبيين ؛

    فله ذلك، فهذا هو عذره وهو الإكراه الملجيء وأما دخولها للإعداد فإن قصد أن يصبح جزءاً منها لإعداد نفسه فهذا ليس بعذر والله يغنيه وأما إن كان المعنى أن يتدرب فيها فقط دون أن يصبح جزءاً منها فهذا لا باس به ولا محذور شرعي فيه.

  • وأما السؤال المتعلق بتعاون تنظيمات الجهاد الكشميرية مع الحكومة الباكستانية المرتدة ؛

    فهذا أمر سبق أن أجابت عليها بعض التنظيمات الجهادية وأنه يجوز بأمور منها:

    1- أن لا يكون هناك حلف يلتزم به أهل الإسلام لهذه الدول بشيء على خلاف الشرع، فلا يكون الدم الدم ولا الهدم الهدم ولا أن يكون دخولنا فيها لنا كجزء تحت طوائفهم لا أفراداً ولا قيادات، فلا يجوز تسليم أي فرد من أفراد الجماعة مثلاً للدولة ليعمل تحت إمرتها لعمل ما.

    2- أن لا يكون هذا الأمر ملزماً لطائفة أخرى من طوائف الجهاد بل يكوم خاصاً لتلك الطائفة فقط.

    3- أن يكون إما مطلقاً غير مقيد بزمن أو مقيد بزمن، ولايجوز عقده على التأبيد.

    4- أن يتجنبوا وبقوة أي اتفاق فيه مخالفة إجماع أهل العلم على عدم جواز صلح المرتدين وليقتربوا من هذه الاتفاقات على مفاهيم أخرى كالبيع والأجارة وما شابه ذلك.

    ويبقى المسلم في هذه الأبواب على حذر من هؤلاء فإن القرآن أعلمنا قذارة أنفسهم كما الواقع يشهد على هذا كما ترون.

    وبالتالي لو تعاقدت هذه التنظيمات مع الدولة الباكستانية على عقود تعاون كإمداد السلاح وأخذ المال فلا بأس بهذا القدر والله الموفق.

  • وأما السؤال المتعلق بحكم الله تعالى مع ضباط المخابرات في الجيوش المرتدة، كالجيش الباكستاني مثلاً ؛

    فهذا أمر متفق عليه فيما أعلم أنه إن تبين لنا إسلام الرجل ونيته الحسنة في هذا الباب ولو متأولاً مع تحقق صدقه في دعواه أنه مسلم يعمل معه ويستفاد منه بما يرى أهل الشأن من أهل الاسلام، وكذلك هو مسلم إن جهل حكم الله في هذه الطوائف وكان مسلماً في نفسه بإقامة الصلاة.

  • أما السؤال المتعلق بالطرق الشرعية في التعامل مع الطوائف البدعية كالجماعة الباكستانية ؛

    فهذا امر يتعلق بالمصلحة كما هو أمر الهجر وغيره مع المبتدع والضال وغيره. فلا ضابط سواها.

    ان كان في هجرهم مصلحة فنعمل بها وإن كنت أعتقد أن الهجر اليوم لا يحقق المصلحة بل ربما يجر لمفسدة، ومع ذلك أبد من تقدير العقلاء لهذا الأمر والى أي مدى نعمل معهم أو نقترب منهم.

  • أما السؤال الأخير ؛ وهو ما يتعلق بقتال طوائف الكفر المحاربة لدين الله تعالى ولأوليائه ؛

    فهو أمر واضح جلي وهو كما قال تعالى: {قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة}. فهذا هو الحكم الشرعي، ولكن يبقى لأهل الحل والعقد مجالات تطبيقه ووضع أولوياته، وكيف يمارسونه ليتحقق هدفه أي هدف الجهاد.

    فلا فرق لا شرعاً ولا قدراً بين طائفة من هؤلاء الملاعين وطائفة الا بزيادة في الكفر في بعضها عن بعض، فالمطلوب هو التسليم لما يقوله أهل الحل والعقد في ذلك وفي كل خير.

  • وأما ضرب مواقع معينة مع التخوف من وجود معصوم الدم ؛

    فهذا من تلبيس إبليس وبعض الكهنة، فلا يمنع أحد من أهل العلم هذا النوع من الاختلاط القائم على التجوز العقلي أو الاحتمال اليسير، وبالتالي من منع فهو محجوج بالكثير من كلام العلماء وبنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في خبره عن الجيش الذي يغزو الكعبة.

    ولكن ينبغي دائماً الرجوع في هذه الأمور أي بمن نبدأ وكيف نعمل لإصحابها الذي لديهم إطلاع على حقائق الأمور أكثر من غيرهم خاصة في هذا الظرف الذي يحتاج الى ادارة صراع موفقة من الله تعالى يقودها صاحب علم وعقل ونظر وتوفيق الهي. اسال الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد في الأمر كله ونسال أن يقدر لنا عاقبة الخير فيما اراده لنا إنه خير مأمول ومسؤول.

    والحمد لله رب العالمين

    [اخوكم الراجي عفو ربه؛ أبو قتادة الفلسطيني]

tealscrollroses_small.gif

 

 

طائفة الأحباش طائفة كفر وشرك

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

بسم الله، وبه نستعين، ربّ أعن ويَسِّر.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيّ الرحمة والملحمة، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

سألني بعض الأخوة في أستراليا عن حكم الله تعالى في طائفة الأحباش المنسوبة إلى عبد الله الحبشي، المقيم في لبنان، حيث ارتفع صوت هذه الطائفة، وعمّ شرّها ، كالكثير من فرق الضلالة في هذا الزمان كما قال تعالى: { وَلقد صدقَ عليهِم إبليس ظنّه فاتّبَعوه إلاّ فريقاً من المؤمنين } ، فالجواب:

إن طائفة الأحباش طائفة كفر وشرك، حيث اجتمعوا على الكثير من الأمور التي لم يختلف عليها أهل الإسلام في الأزمان الأولى أنها شرك، بل هي من الشرك التي بعث من أجل محوه وإزالته عامة الأنبياء والمرسلين، ولكن لغلبة الجهل وخاصة في التوحيد، صار الناس لا يقيمون لها شأناً، ولا يرفعون لها رأساً، ومثالها مثال الكلمة التي يلقيها صاحبها، ولا يلقي لها بالاً، ولكنها تهوي به في جهنم سبعين عاماً كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأما هذه المكفّرات عند أهل هذه الطائفة الضالة:

1- جواز الاستغاثة بغير الله تعالى، فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، وهم يدعون إلى الالتجاء للأموات ولساكني القبور ممن لا يقدرون على شيء. وهذا شرك بالله تعالى، والدعاء هو عبادة خالصة لله، لا يجوز لأحد أن يصرفها لغير مستحقّها. كما قال تعالى: { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين } ، فقد سمى الله الدعاء عبادة، وكقوله صلى الله عليه وسلّم: ((الدعاء هو العبادة ))، حديث صحيح.

وعلى هذا فمن دعا غير الله تعالى فقد عبده، وكُتُبُ أهل العلم الموثوقين مشحونة ببيان هذا الشرك الأكبر والتحذير منه، وأما قول بعض الجهلة: إن هذا لا يكون شركاً حتى يصاحب اعتقاد الربوبية في المستغاث به، فهذا رجل لا يفرّق بين شرك الاعتقاد، وشرك العبادة، فقد يكون الرجل مشركاً في عبادته دون اعتقاده، ولكنه بمجرد حصول العبادة لغير الله توقع صاحبها في الشرك دون سؤاله عن اعتقاده.

2- موالاة المشركين والمرتدّين المجمع على ردّتهم وكفرهم أمثال حاكم سوريا النصيري البعثي، وجيش الدولة اللبنانية والله تعالى يقول: { ومن يتولّهم منكم فإنه منهم } ، والإجماع على إمضاء هذه الآية على ظاهرها كما ذكر الكثير من أهل العلم- ومنهم ابن حزم الظاهري رحمه الله تعالى - وعلى هذا فإنهم من أهل الشرك والردة لموالاتهم الظاهرة لهم.

3- سبّ دين الموحدين، وترديد عبارات الجاهلية في وصف الموحدين والمجاهدين مثل تسميتهم بالإرهابيين والمتطرّفين، وهذا لتنفير الناس عنهم، واستعداءً للمشركين عليهم، وإرضاءً لأهل الشرك والكفر والردة. وسبّ دين الموحدين شرك وكفر بالإجماع.

4- دعواهم بدعوى الجهمية الغلاة، والمرجئة الغلاة، وذلك بإنكار علو الله تعالى على خلقه كما وصف نفسه، وقصرهم مسمى الإيمان على التصديق، وقد أكفر الأئمة من قال بهذا القول، كما ذكر ابن تيمية في كتاب الإيمان الكبير المجلد السابع من مجموع الفتاوى.

وهنا بقيت مسألة: هل يحكم على أفرادهم وأعيانهم بالكفر والردة، والجزم بخلود الواحد في جهنّم ؟

فالجواب: أما أئمتهم وكبراؤهم فنعم، وأما الدهماء والجهلة من مقلّديهم ظانّين أنهم يتّبعون الموقعين عن رب العالمين، فالله أعلم بهم، وما هم عليه في الآخرة، فالواجب التوقّف بالجزم في خلودهم في النار، وأما إلحاقهم في الدنيا باسم المشركين فنعم، ولا يقولنّ قائل هم من الفرق التي حدّث عنها رسول صلى الله عليه وسلّم، فهذا خطأ، فهم بقواعدهم هذه لا يستحقّون الدخول في أهل القبلة.

وعلى هذا فلا يجوز الصلاة وراءهم، ولا أكل ذبائحهم، ولا مناكحة نسائهم، ويعاملون في كل أمر معاملة المشركين كما هو مبسوط في كتب الفقه المعتمدة، وعلى الفضلاء من المسلمين عدم مجالستهم لما يحصل بمجالستهم من خداع للعامة، والواجب عدم السماح لهم بالتدريس في مساجد المسلمين أو الدخول في بيوت الموحدين.

هذا وآخر قولنا
الحمد لله رب العالمين
وفق الله الجميع لخيري الدنيا والآخرة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم الداعي لكم بكل خير :
عمر بن محمود أبو عمر، أبو قتادة

tealscrollroses_small.gif

 

خبر الآحاد يحتج به في العقائد إذا احتفت به القرائن

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحسن الله إليكم يا شيخنا الفاضل ؛ وقع بيني وبين بعض الإخوة نقاش علمي في مسألة الاحتجاج بخبر الواحد في العقيدة، فذكرتُ له أن الراجح من أقوال العلماء هو أن خبر الواحد إذا احتفت به القرائن - مثل أن تتلقاه الأمة بالقبول أو أن يوجد في الصحيحين أو أحدهما، الخ. . . - يفيد العلم ويحتج به في العقائد، أما لو لم يكن كذلك فلا يحتج به في العقائد.
ونقلت له كلاما لابن تيمية في الموضوع - عن كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة للمحمود - وكلاما صريحا لابن القيم في مختصر الصواعق المرسلة يقول فيه ؛ إن من ادعى على أحمد أنه يقبل خبر الواحد في العقائد مطلقا أنه يكذب عليه. ثم ذكرت له أن من أهل السنة من قد يقول بهذا القول - أي الاحتجاج في العقائد بخبر الواحد مطلقا - ولكنه مرجوح.
ولكن الأخ الذي أناقشه تبنى القول الآخر وقال: " أهل السنة يحتجون بخبر الواحد في العقائد مطلقا سواء احتفت به القرائن أولا ".
ولكنني لما طالبته بمثال على صفة من الصفات - على سبيل المثال - أجمع أهل السنة على إثباتها مع أنها واردة في خبر آحادي لم تحتف به القرائن، لم يستطع أن يأتيني بمثال واحد. فما فصل الكلام في هذه المسألة ؟ مع الإحالة على بعض المراجع التي تطرقت لهذه القضية.
أفتونا بتفصيل والله يثيبكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

وبعد :

أخي الطيب :

ما ذكرته هو الصواب، وأن الحديث ينبغي أن يكون صحيحا على طريقة الأوائل وهو ما قلته عن القرائن، وأما ما صححه المتأخرون على طريقتهم وعلى خلاف ما حكم الأوائل به على الحديث من ضعف فلا ينبغي الإلتفات إلى تصحيحهم أولا ولا يحتج به في العقائد ثانيا.

هذا هو معنى قولهم: " تلقته الأمة بالقبول " ؛ وهو من معنى قولهم: " واحتفت به القرائن ".

أما أن يأتي المتأخرون - على طريقتهم - في تصحيح المنكرات وما حكم الأئمة بنكارته وشذوذه فيصححوه ثم يجعلونه حجة في العقائد فليس هذا هو الصحيح ولا منهج المتقدمين.

نعم لم يكن هذا الشرط عند الأوائل - أعني؛ أن تتلقاه الأمة بالقبول، وأن تحتف به القرائن - لأنهم كانوا على منهج سليم في التصحيح والتضعيف، وكانوا في هذا الباب على نور واضح، لكن صار الأمر للأسف إلى قوم يعدون كثرة الأسانيد مطلقا مشعرا بالثبوت، حينها كان لا بد من هذا القيد، ولذلك رأيتهم قالوا: " كأن يكون في الصحيحين "، وهذا يدل على أن هذا القيد متأخر عن الأوائل كشعبة وعبد الرحمن بن مهدي وابن المبارك ومالك وأحمد وابن معين واسحق وابن عيينة ومن هو على طريقتهم كصاحبي الصحيح.

ومن اطلع على تصحيح السيوطي والمناوي والألباني مثلا، ثم فقه طريقة السلف في التصحيح ونقد المتون علم صدق ما أقول، وأنهم - أي المتأخرون - يعمدون إلى المنكرات وما حكم الأئمة بغلطه فيجعلونه شاهدا للضعيف فيحكمون على الضعيف بالصحة أو الحسن ثم يجعلون الحديث حجة في العقيدة وغيرها، وهذا غلط على طريقة السلف في التصحيح، وهو الذي أوجب على المتأخرين أن يذكروا هذا القيد.

على كل :

ما ذكرته أنت هي طريقة من علم الفرق بين المتأخرين والمتقدمين في التصحيح كابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن كثير وابن الصلاح والشيخ شاكر، وما ذكره صاحبك هو طريقة من قال من المتأخرين بالاحتجاج بالحديث في العقيدة ولم ير التفريق كابن حزم والألباني ذلك أن المتأخرين من الأصوليين مالوا إلى عدم اعتبار الحديث الصحيح في العقائد ما دام من حديث الآحاد.

فالطريقة بينك وبين صاحبك لرفع الخلاف هو أن تتفقا على عدم قبول حديث صححه المتأخرون وحكم السلف من جهابذة الحديث على غلطه ورده، حينها تتفقان على القول أن الحديث ما دام صحيحا هو حجة في دين الله تعالى, ويكون تصحيح الأئمة هو القيد الذي قاله المتأخرون: " ما احتفت به القرائن وما تلقته الأمة بالقبول ".

ثم هناك مسائل أخرى في هذا الباب لا أقدر على تفصيلها هنا.

والله الموفق.

tealscrollroses_small.gif

معنى توحيدالحاكمية، وحكم افراده بقسم مستقل من أقسام التوحيد

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو أن توضح لي؛ معنى "توحيد الحاكمية" وهل هو جزء من توحيد الألوهية؟

* * *

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين


توحيد الحاكمية؛ هو جزء من توحيد الإلهية، الذي هو توحيد القصد والطلب، هذا من جهة كون العبد مقرا له ملتزما به.

وهو من توحيد الربوبية - الذي هو توحيد المعرفة والإثبات - وهذا من جهة كون الرب يفعله - أي أن الله هو الحاكم والشارع لعباده الشعائر والشرائع -
وهذا أمر لا ينكره مسلم كموضوع، لكن خالف فيه من خالف كمصطلح من جهات هي:

زعموا أن هذا النوع من التوحيد لم يقل به السلف، إنما الذي لهم تقسيمان؛ إما تقسيم ثنائي: وهما توحيد الإثبات والمعرفة وتوحيد القصد والطلب، وإما تقسيم ثلاثي؛ وهي توحيد الألوهية - أو الإلهية - وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.

والرد عليهم سهل واضح، وهو أن هذا التقسيم دليله الاستقراء، وهو أمر اجتهادي لا نصي حتى يقال إن الزيادة عليه بدعة.

ثم يقال لهم: ما الحاجة إلى ذكر توحيد الأسماء والصفات وهو من توحيد الربوبية؟

فإن قالوا؛ ضرورة التفصيل للحاجة والرد على المخالف في هذا الباب.

يقال لهم: وكذلك يذكر توحيد الحاكمية، فإنه ما ذكر إلا لهذا السبب.

ولهم سبب آخر لرده، وهو قولهم: إن هذه الصيغة - وهي الفاعلية - لم ترد في باب الأسماء والصفات، فليس من أسمائه الحاكم.

يقال لهم: لا مشاحة في الاصطلاح ما دام يدل على معنى صحيح، ثم إن باب الإخبار أوسع من باب الإثبات.

ولهم دليل آخر لرد هذا النوع؛ وهو قولهم بوجود مراتب لهذا التوحيد، وليس كل مرتبة تخالفه تنقض التوحيد.

يقال لهم: وكذلك مرتبة كل ما يخالف باب توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية لا ينقض أصل التوحيد، فالرياء - مثلا - هو مخالف لتوحيد الألوهية وهو مع ذلك لا ينقض أصل التوحيد.

القصد؛ أن هذا النوع من التوحيد جاءت به الشريعة، والقرآن والسنة دالان عليه دلالة صريحة، لا ينكر موضوعه إلا كافر أو جاهل، لكن من أنكر تسميته مع إقراره بمعناه وموضوعه؛ فهو مخطئ غير مصيب.

  • أما موضوعه ومعناه؛

    فهو إثبات خاصية الحكم والتشريع لله رب العالمين، ونزع ذلك الحق عمن سواه.

    هذا ما يحتمله المقام، ولي محاضرة مطولة في هذا الموضوع أرجو من الله أن ييسر نشرها في هذا المنبر.

    والله الموفق.

tealscrollroses_small.gif

 

الفرق بين رجل مرجئ وبين رجل فيه إرجاء

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

إلى الشيخ الفاضل أبي قتادة ثبتك الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد :
فسؤالي عن أمر اختلط علي وأعتقد أنه اختلط علي البعض أيضا ، وهو الفرق بين رجل مرجئ وبين رجل فيه إرجاء ، والحقيقة بدا هذا السؤال لدي عندما قام أحد الشباب ممن ينفون الإرجاء عن الشيخ الألباني رحمه الله بالاتصال بأحد المشايخ المشهود لهم بصحة العقيدة بل ومن الداعين لها وتحمل ما تحمل في سبيل ذلك وسأله عن الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له إن كان من المرجئة أم لا ؟ فأجابه : " أن الشيخ الألباني رحمه الله صحيح العقيدة وإنما وافق كلامه كلام المرجئة " ، فلم أفهم ما المقصود بهذا؟
ثانيا : لدي شريط للشيخ الألباني رحمه الله يتحدث مع أحد طلبته عن الإيمان ، وقال : إن العمل شرط كمال في الإيمان ، وقال أيضا : إنه يعلم أن البعض يطلق عليه أنه مرجئ ولكن هذا هو الحق ، وأعتقد أن فضيلتكم لا بد وقد استمعتم لهذا الشريط ، ولكن سؤالي : ما هو وضع الشيخ الألباني رحمه الله ووضع أتباعه الذين ملؤوا الدنيا بدعواهم؟
وعذرا على الإطالة و جزاكم الله خيرا.


الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.

الفرق بين قولهم رجل خارجي ورجل فيه خارجية، أو قولهم رجل مرجئ ورجل فيه إرجاء : هو بسبب الفرق بين حال الرجلين، فالرجل الذي تلبس بأصل البدعة وقال بها فهو الذي ينسب لها بإطلاق، أما الذي لا يقول بأصل البدعة ولا يتبنى هذا الأصل لكنه ربما يقع في بعض لوازمها أو مقتضياتها أو ببعض فروعها وحينها يقال عنه فيه كذا. هذا هو الفرق.

لكن ما قاله المجيب بالنسبة للشيخ ناصر الألباني رحمه الله تعالى فإنه موهم؛ فالقائل صحح عقيدته ولكنه تكلم على كلامه وعبارته وخطأ هذه العبارة.

وهذا خطأ، فالشيخ ناصر أصوله في الاعتقاد سنية لكنه تلبس ببعض أقوال المرجئة في اعتقاده، فهو يقول؛ " إن الإيمان قول وعمل " وهذا أصل سني، لكنه يفسر هذا القول على طريقة تغاير قول أهل السنة، وهنا وقع في الإرجاء وهو قوله: " إن العمل لا يكون شرط صحة للإيمان "، هذا مع قوله إن الكلمة والاعتقاد شرطا صحة، ففرق بين العمل والقول، وهذا خلاف قول السلف، بل هو توليد مذهب الإرجاء.

والشيخ الألباني لم يخطئ بلفظه فقط لكن أخطأ في اعتقاده كذلك وأصابه مذهب الإرجاء في بعض فروعه.

ويزعم من يحاول رد التهمة عنه بسوق بعض عبارات السلف كالإمام أحمد رحمه الله تعالى: " أن من قال: الإيمان قول وعمل فقد بريء من الإرجاء "، ويقول: " إن الألباني يقول الإيمان قول وعمل"، فبالتالي برئ الرجل من الإرجاء.

وهذا قول لا علمية فيه لمن يعرف المذاهب والفرق.

ولبيان فساد هذا الاستدلال فإني أمثل بالتالي:
الأشاعرة يقولون ؛ " القرآن كلام الله تعالى "، فهل قولهم هذا كاف لجعلهم في هذا الباب على معتقد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لهم في هذا الباب؟
الجواب : يعلمه كل طالب علم؛ لا، وأن هذا القول مع صوابه لا يجعلهم على معتقد صحيح.

والسبب أنهم يفسرون هذه العبارة على غير مراد السلف الذين قالوها، فهم وإن قالوا كلمة صحيحة لكن لما فسروها أخرجوها عن حد الحق التي تعرف به بين أهلها، فهم يجعلون الكلام هو المعنى النفسي القديم القائم بالذات، ولا يجعلون ما يقرؤه المرء من حروف القرآن هي كلام الله تعالى وذلك لتفريقهم بين اللفظ والمعنى، فهم قالوا كلمة صحيحة لكنهم حملوها على غير محمل أهلها لها، فأصابوا شيئا وأخطؤوا في شيء.

والألباني في هذا الباب كذلك؛ فإنه قال كلمة صحيحة، وهي: " الإيمان قول وعمل " ، لكنه حملها على غير محمل أهل الحق لها، إذ فرق بين القول والعمل، فجعل الكفر الأكبر كله اعتقادي ولا يكفر المرء بعمل، والكفر الأصغر كله عملي، وهذا باطل وغلط على دين الله تعالى.

وقول الألباني؛ " إن العمل شرط كمال واجب "، هو من باطل الأقوال التي تردها مئات بل آلاف النصوص من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله ومن كلام أهل العلم، وقد كتبت في ذلك الكتب من قبل المتقدمين والمتأخرين فلتراجع.

والله الموفق.

tealscrollroses_small.gif

حول تكفير تارك الزكاة

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحسن الله إليك يا شيخنا.

اطلعتُ منذ مدة على ما كتبه الشيخ عبد القادر بن عبد العزيز في كتابه "الجامع" في قضية تكفير مانع الزكاة، وأريد أن تذكروا لنا الراجح في هذه المسألة، مع التفصيل وذكر بعض المراجع التي يمكن أن تغنينا عن كلام المعاصرين.

* * *

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أما تكفير تارك الزكاة؛ فهو اختيار جماعة من أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض أهل الحديث:

  • فهو اختيار ابن مسعود رضي الله عنه.

  • وهو أحد أقوال أحمد بن حنبل - كما ذكر ذلك ابن تيمية في كتابه "الإيمان الكبير" -

  • وهو اختيار الحميدي صاحب المسند شيخ الإمام البخاري - كما في عقيدته المثبتة في خاتمة المسند المطبوع بتحقيق الأعظمي -

    ولا أعلم أحدا بسط هذه المسألة من المتأخرين، سوى ما ذكره سفر الحوالي في كتابه "ظاهرة الإرجاء"، فقد تبنى القول بتكفير من ترك المباني الأربعة.

tealscrollroses_small.gif

ضبط معنى "جنس العمل"

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

سماحة الشيخ الفاضل.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرف بارك الله فيكم وفي علمكم ما يدور هذه الأيام من أخذ ورد حول مسألة الإيمان، وقد أشكل علي في هذه المسألة ضبط معنى "جنس العمل"، والمقدار المطلوب من العمل ليكون الإنسان مؤمناً.

* * *

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم


أخي السائل...

اعلم أن الكثير من المصطلحات التي تكلم بها أهل العلم لا يمكن لك أن تفهمها خارج سياقها التي وضعت له ومن أجله، ومن ذلك هذا اللفظ الذي سألت عنه.

ولفهمه أقول...

معلوم أن المرجئة نفوا أن يكون العمل من الإيمان، وجعلوا الإيمان هو التصديق، والكلمة دليل على هذا التصديق - وأقصد بـ "الكلمة" أي كلمة الشهادة - ثم نشأت فرقة من المرجئة؛ جعلت العمل من الإيمان على معنى واحد، وهو الإيمان الكامل، ولم تجعل العمل من أصل الإيمان، وهي ما عليه بعض المعاصرين ممن انتسب للسلفية وأهل الحديث.

والصحيح؛ أن العمل من الإيمان، ولكن حين نقول هذا فإنما نقول معه؛ أن الإيمان على مراتب...

  • فهناك أصل الإيمان، وشرطه، وركنه، ولا يصح الإيمان إلا به.

  • وهناك الإيمان الواجب، وهو ما ينقص الإيمان بنقصه، مع بقاء أصله.

  • وهناك الإيمان المستحب.

    والعمل يقسم إلى هذه الأقسام الثلاثة، ففيه ما هو ركن من أركان الإيمان، ومنه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب.

    فحين نقول؛ "جنس العمل من الإيمان" - هكذا بإطلاق - فهو للدلالة أن العمل بجنسه الذي يميز به عن القول، يدخل في الإيمان.

    وحين نقول؛ "جنس العمل ركن في الإيمان"، فهو للدلالة أن من جنس العمل ما هو معدود من أركان الإيمان... وهكذا.

    فلا بد إذا من معرفة السباق، وكلا اللفظين صحيح ولا حرج فيهما، ويوجد في كلام العلم ما يدل على استخدامهم لهذين اللفظين.

    أما معرفة المقدار المطلوب من العمل ليكون الإنسان مؤمنا - وأظن أنك تقصد ما يحصل به أصل الإيمان وليس كماله الواجب ولا المستحب - فأقول...

    هذا من الأسئلة الحادثة، وبسببه وقعت طوائف من البدعة، لأنهم صرفوا أذهانهم عند سؤاله إلى الأعمال الظاهرة دون الأعمال الباطنة، من الحب والبغض والولاء القلبي والبراء القلبي والتمني وغير ذلك، وهي من الأعمال التي يدخل أصلها في أصل الإيمان، وعدم وجود أصلها ينقض الإيمان من أصله.

    لكن إن سألت ما هو من الأعمال الظاهرة التي تكون من أصل الإيمان؟

    فيقال لك؛ اتفق الصحابة على الصلاة، واختلفوا فيما سوى ذلك من المباني الأربعة.

    وأما الأعمال الباطنة؛ فلا بد من وجود أصولها التي لا يصح الإيمان إلا بها، كأصل الحب، وأصل البغض، وأصل الخوف، وأصل التمني، وأصل البراء، وأصل الولاء، وغير ذلك من الأعمال الباطنة.

    والله أعلم

tealscrollroses_small.gif

حكم الإعداد العسكري للجهاد

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سؤال لفضيلة الشيخ أبي قتادة؛
ما حكم الإعداد العسكري للجهاد في سبيل الله وهل هو فرض عين على المقتدر؟

* * *


الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أخي الطيب :

اعلم أن الجهاد اليوم فرض عين على كل مسلم قادر.

فالجهاد ضد اليهود فرض عين والجهاد ضد طواغيت العرب والعجم الذين بدلوا الشريعة واستحلوا الحرمات وناصروا أعداء الله تعالى وقتلوا المسلمين بسبب دينهم كل هؤلاء يجب أن يعلم أن الجهاد ضدهم فرض عين.

وحين يكون الأمر فرض عين تصبح مقدماته ووسائله كذلك، إذ الوسائل لها حكم المقاصد، والإعداد هو وسيلة الجهاد الذي لا يتحقق إلا بها، وبالتالي فالإعداد فرض عين اليوم على كل مسلم قادر ومن هذا الإعداد هو الإعداد العسكري.

ولكن توزيع الناس إلى ما يلزمهم من أنواع الإعداد يوجب عليهم التنظيم والترتيب حتى يتم وضع المرء فيما يناسبه وما يحتاجه أهل الجهاد، فيكون حينئذ في موقع إعداد مناسب له يلبي حاجة أهل الإسلام في بلده.

tealscrollroses_small.gif

 

حكم من يستغيث بغير الله أو يطوف بالقبور من العوام

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

لدي سؤال عن عوام المسلمين من يستغيث منهم بغير الله - وهم الأغلب - أو يطوف بالقبور، أو يسأل أصحابها، أو ينذر لغير الله، أو يذبح؛ ما حكمهم هل هم كفار أم لا؟ ومتى يكونون كفارا؟ وما هو حد إقامة الحجة عليهم حتى يحكم عليهم بالكفر؟

أرجو من فضيلتكم إفادتي في هذا الموضوع وإشفائي - بإذن الله - بارك الله فيكم وفي علمكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

* * *

الجواب:

أخي السائل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اعلم أخي: أن إعذار هؤلاء بالجهل؛ هو مذهب كبار الأئمة الذين تكلموا في هذه المسائل.

فقد أعذرهم ابن تيمية ولم يقل بكفرهم، عندما تكلم عن هذه المسائل في كتابه "الاستغاثة الكبرى" - أو "الرد على البكري" - وعلل ذلك بسبب غياب الكثير من معالم الرسالة، وهذا في عصره وكان يتكلم عن القضاة والمفتين كالبكري - مثلا -

وهو ما قاله ابن عبد الوهاب - كما هو منتشر في "الدرر السنية" في مواطن متعددة - وهو قول الكثير من أتباعه، كسلمان بن سحمان.

وهو قول علامة العراق؛ محمود شكري الألوسي، كما في كتابه "غاية الأماني في الرد على النبهاني" - هذه الأقوال تراها في كتابي "جؤنة المطيبين"، وسينشر قريبا مطبوعا، وعلى هذا الموقع [1] إن شاء الله تعالى -

وخالف بعض المتأخرين؛ كالصنعاني - صاحب "سبل السلام" - وأنكر عليه أئمة الدعوة النجدية ذلك، وهو مذكور في كتابه "التطهير"، وقد اختاره بعض مشايخ الدعوة؛ وهو الشيخ اسحق آل الشيخ.

أما موضوع إقامة الحجة:

فهو أمر وجدي نسبي، لا حد له يرجع إليه.

وهذا هو القول الصائب في موضوع إقامة الحجة في غير كلمة التوحيد والشهادة بالرسالة.

فالحجة في الكلمة؛ هو مجرد البلاغ فقط، بخلاف غيرها من المسائل العلمية والعملية.

والموضوع طويل الذيول، وهذا ما يحتمله المقام.

والله أعلم


[1] يقصد الشيخ موقعه على شبكة الإنترنت.

tealscrollroses_small.gif

 

قتال المرتدين والكفار والتعاون بين الجماعات

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

الحمد لله الذي سخر لنا هذا الموقع ليكون منارة للموحدين مع وحشة الطريق وقلة الزاد..
ونسأله تعالى أن يوفق شيخنا المجاهد وأن يشرح صدره للإجابة على بعض الأسئلة الهامة التي كثر التساؤل عنها وخاصا في الآونة الأخيرة وهي تتعلق بالوضع الراهن.
ما يحدث في فلسطين ليس حادث عابر.. ولكنه مخطط ودبر بليل.. وما هو إلا تتويج لحرب الخليج الثالثة.. والملك الألفي والهيكل المزعوم ؟!
"ويمكرون ويمكر الله .. والله خير الماكرين " .. فلا نحسبهم إلا أنهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين… وأن وعد الله حق وأن نصر الله قريب.

السؤال الأول: هل البدء بقتال المرتدين من أمور السياسة الشرعية الذي ينظر فيها للمصالح والمفاسد أم هو حكم شرعي لا نحيد عنه بحال ولو بدأنا بقتال اليهود أو الأمريكان لكنا آثمين مخطئين؟!

السؤال الثاني: وهو مبنى على السؤال السابق، ما الواجب أمام الجماعات الجهادية مع مختلف الجماعات الأخرى.. التي تتفق معنا في وحدة الأصول ونختلف معا في تنزيل النصوص على الواقع، مما يؤدي لاختلاف المناهج… فهل يجدي التنسيق معها في قتال اليهود متجاوزين الخلاف بيننا في وجوب قتال الحكام المرتدين.. أم لا ؟

السؤال الثالث : ما هو الواجب في قتال دفع الصائل الذي حل ببلاد المسلمين ؟ وإن كنا نقاتل تحت راية التوحيد .. فهل من الشرع ما يجوز التنسيق مع رايات جاهلية أخرى تشاركنا في وحدة العدو.. أم لا ؟

ثلاث أسئلة هامة أطرحها، حتى تتكون لدينا رؤية واضحة المعالم في التفاعل مع الأحداث.. ولعل الفتح قريب .. قريب ؟
"وما يعلم جنود ربك إلا هو".

الجواب :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.

أخي الطيب :

أصدقك أن أسئلتك من خيرة ما ينشغل المرء بتعلمه والبحث عنه وإدراك حكم الشرع فيه ومعرفة سيرة السلف وذلك بعد معرفة المرء لتوحيد الله تعالى وما يجب عليه من علم عيني.
أخي وبارك الله فيك، للإجابة على أسئلتك أحتاج إلى مؤلف كامل لكن يكفيك من السوار ما يلف على المعصم.

فأقول وبالله التوفيق:

بالنسبة لسؤالك الأول:

اعلم أنه لا يوجد عالم على ظهر الأرض حرم قتال الكافرين قبل المرتدين وإنما ما ذكروه هو في بيان الأولوية في القتال، كما أننا نعلم أن أبا بكر رضي الله عنه أرسل جيش أسامة رضي الله عنه إلى النصارى في الشام وكان قرن المرتدين قد ظهر، ولم يكن وجود المرتدين كقوة متغلبة وطائفة محاربة بمانع أن يرسل جيش أسامة رضي الله عنه إلى الكفار الأصليين.

ثم من هو الذي يستطيع اليوم أن يفرق بين طوائف المرتدين وطوائف الكفار المحاربين، فأنت تعلم أنه لا قوة للمرتدين إلا بقوة اليهود والنصارى وكذلك العكس، ولعلك ترى كذلك ويرى المسلمون أن الذي يدير المعركة هم اليهود فالأمن اليهودي هو الذي يسيطر اليوم على دوائر الأمن في كثير من بلاد الردة، ثم أنت ترى أمريكا قد قامت بعمل الشرطي الحافظ لأنظمة الردة ؛ فهي التي قامت بخطف مجمعات المجاهدين في مناطق متعددة من العالم وتسليمهم إلى طوائف الردة في بلاد المسلمين، فلا ينبغي للمسلمين المجاهدين أن تخطئ عيونهم هذه القضايا، بل عليهم أن يعرفوا سبيل المجرمين كما يعلموا سبيل المؤمنين.

أما موضوع التنسيق والتعاون بين الجماعات السنية المجاهدة وبين الجماعات المسلمة الأخرى في قضية قتال اليهود أو المشركين من نصارى وغيرهم؛

فهل نحن يا أخي نريد أن ننشئ دينا وفقها جديدا في أيامنا هذه تحت دعوى أننا من أهل السنة وغيرنا من أهل البدعة؟!

اعلم أخي الحبيب : أن هذه المسائل قد فرغ منها علماؤنا منذ القدم وحققوا فيها النصوص ولم يبق لنا إلا أن نلزم غرزهم، ومما قالوه: إن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، وهو جائز تحت البر والفاجر ما دام فجوره على نفسه، ولعلك قرأت سيرة أئمة المالكية وقتالهم تحت راية الخوارج ضد العبيديين، ولا تنس حال الدول والممالك الإسلامية وما كان حال أمرائها، ومع ذلك قاتل أهل العلم تحت رايتهم، ثم لعلك تعلم شأن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه لما رفض في بداية الأمر أن يقاتل تحت راية يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثم ندم على ذلك وخرج معه بعد ذلك وقتل شهيدا تحت أسوار القسطنطينية في أول غزاة لها.

كل هذا أيها الأخ لتعلم أن الجهاد يجوز تحت راية المسلم وإن اختلط بشيء من البدع غير المكفرة له أو المعاصي التي تضره هو ولا تضر الجهاد ومقاصده.

ولكن هذا يوجب علينا الحذر من بدعهم التي تضر بمقاصد الجهاد، وكذلك أن نسعى دائما إلى تحقيق قدر من الاستقلال الذي به تقوى الشوكة، كما يجب عدم الدخول في أحلاف مع من لا يرى المقاصد الحقيقية للجهاد؛ كمن يرى أن الجهاد لتحقيق دولة قطرية أو يرى جواز التحالف مع المشركين والمرتدين، كما أنه يجب الحذر من ألاعيب أهل البدع وعدم تسليمهم الراية ما استطعنا فإن التجارب الكثيرة علمت كل عاقل أن هذه التحالفات التي تؤدي إلى ذوبان إخواننا في هذه الطوائف يضر بمقاصد الجهاد في سبيل الله تعالى ولا يؤدي إلى ما قام من أجله الاتحاد والألفة.

القصد أن هذه القضايا تحتاج إلى حنكة القادة وحكمتهم في التعامل مع هذه الأمور، فلا تقفل بالكلية ولا تفتح من غير ضوابط، بل ينظر دائما إلى مقدار تحقق مقاصد الجهاد ومصالحه في هذا التعاون.

وبالنسبة للتعاون فهو عمل خير ما دام يحقق ما قام من أجله وإلا فلا.

أما السؤال الثالث:

فإن كنت تقصد بالرايات الجاهلية أي الشركية الكافرة كالقومية والعلمانية، فهذه لا يجوز للمسلم أن يتحالف معها ولا أن يعمل معها في أي عمل جهادي، بل هؤلاء هم أولى بالقتال من اليهود ن وخاصة هذه التنظيمات اللعينة التي جرت على أمتنا الويلات والمصائب، ولا يجوز لك أن تحسن الظن بها وإن رفعت راية قتال اليهود، فهؤلاء أخبث من اليهود وأقذر ولا تغرك هذه الشعارات ولا هذه الدعاوى فرؤساؤهم لا يتورعون عن ارتكاب الجرائم التي لا يفكر بها اليهود والنصارى والمشركون الأصليين، فاتق الله تعالى في هذا الباب وكن على حذر منه.

لكن أن نتعامل معهم من أجل الحصول على العتاد مثلا أو تعلم ما ينفع أهل الجهاد فكل هذه الأمور مذكورة على الجواز في كتب السلف.

وأمر أسئلتك يحتاج بحق إلى بسط أكثر وأوسع لكن يكفي هنا من هذا الأمر للدلالة عما بعده وعسى أن يوفق الله لبسط الكثير من الأمور.

والله الموفق.

tealscrollroses_small.gif

حكم الانتماء إلى جماعة عاملة لدين الله تعالى

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا الفاضل؛
ما حكم الانتماء إلى جماعة إسلامية؟ هل هو واجب، أم مستحب، أم جائز؟ وإذا كان واجبا فهل تبرأ الذمة بالتعاون مع اخوة من غير أن يكون عليهم أمير؟ أفتونا بتفصيل أطال الله عمركم في نصرة الإسلام، وحفظكم ذخرا للمسلمين.

* * *


الجواب:

حول حكم الانضمام لجماعة عاملة لدين الله تعالى، فأقول وبالله التوفيق:

العمل لدين الله تعالى واجب شرعي، وخاصة ما تعلق في إعادة دولة الإسلام التي غيبت واستبدل عنها بأنظمة الردة المعاصرة.

ومعلوم أن مثل هذه الواجبات - والتي على رأسها الجهاد في سبيل الله تعالى - لا يمكن أن تقوم إلا بعمل جماعي منظم يقوم عليه قوم فيهم الإخلاص والفهم والعلم والذكاء والصبر، ولا يمكن للمرء أن يقوم بهذا العمل منفردا، لحاجة هذا العمل إلى التكاتف والتناصر.

فحيث وجد المسلم في مثل هذا العمل فقد قام بالواجب لأنه هو المقصود وغيره وسيلة له.

أما ظن البعض أنه بمجرد وجوده في جماعة فقد سقط عنه الواجب؛ فقد احتال على نفسه دون غيره، لأنه حينئذ أقام الوسيلة مقام المقصد، وهو منتهى الجهل والغباء.

ولذلك؛ لو قامت جماعة للعمل لدين الله تعالى من غير بيعة فيما بينهم لما كان هناك بأس، وإن كانت العقود الشرعية تتأكد من خلال العقود الحكمية، وما تعاقد الناس عليه من الشرع إنما هو تأكيد للمشروع.

وأما موضوع الأمير؛ فهو من لوازم العمل شرعا وقدرا، وقد كتبت فيه الأبحاث ولا ضرورة لذكرها هنا، تزيدا فلتراجع.

والحمد لله رب العالمين

tealscrollroses_small.gif

لماذا ينزل المسيح عليه السلام في آخر الزمان

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

وليس محمد صلى الله عليه وسلم

لماذا يبعث الله تعالى في آخر الزمان عيسى عليه الصلاة والسلام وليس نبينا صلى الله عليه وسلم؟

الجواب:

أما لماذا يبعث الله تعالى في آخر الزمان عيسى عليه الصلاة والسلام وليس نبينا صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى يقول: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة}.

وقد يلتمس لذلك حكما منها؛ أن النصارى كذبوا على عيسى وافتروا عليه هم واليهود، فالنصارى زعموا أن عيسى قدقتلوه هم، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر في آخر الزمان أنه سينزل، وعليه فإذا نزل استفدنا من ذلك فائدتين:

الأولى: صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم الأنبياء لأنه أخبر عن شيء سيحصل في المستقبل، إذا هو صادق في كل ما يخبر به عن ربه.

وثانيا: كذب النصارى في افترائهم على عيسى.

ومن الحكم أيضا: أن يستبين بحق أن محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، فإنه لو نزل محمد صلى الله عليه وسلم لما فاد ذلك فيما يظهر، ولكن إذا نزل عيسى عليه الصلاة والسلام، ثم اتبع شريعة نبينا ، وحكم بها، وألزم الناس بها، والتزم هو بها، بل وصلى خلف المهدى المنتظر، كل هذا يبين بجلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، وأن شريعته هي خاتم الرسالات، وأنه لا يفيد أحدا أن يدعي أنه متبع لعيسى، حتى وإن كان عنده الإنجيل الكامل غير المحرف، لأن عيسى سيحكم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن الحكم أيضا: أن يكون قتل المسيح على يد المسيح، فالمسيح الدجال يقتله المسيح عيسى بن مريم، فمسيح الكفر يقتله مسيح الإسلام.

ولكن القول بان عيسى يبعث ليس بذلك الصحة، فإنه لم يمت حتى يبعث، بل ينزله الله تعالى، اما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مات.

ومن الحكم أيضا: أن عيسى عليه الصلاة والسلام هو الذي بشر بالنبي صلى الله عليه وسلم في القرآن، كما ذكر تعالى: {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}، وفي الإنجيل كذلك، فينزل ليرى هل استمع مدعوا النسبة إليه، هل استمعوا إلى بشارته، أم أصروا على كفرهم وعنادهم.

tealscrollroses_small.gif

مسألة مهمة في أحكام الشركات؛ شركة المضاربة

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

ما حكم رجل شارك رجلاً آخر على أنّ الربح بينهما مناصفة، إلا أن أحدهما اشترط على الآخر أجرة متفق عليها بينهما مقابل عمله؟
وجزاكم الله تعالى خيرا.



الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن عقود الشركات من العقود التي أجازها الإسلام لمبنى كثير من تصرفات الناس وأعمالهم على هذا النوع من التجارة.

والأصل أن أي شركة هي جائزة سواء كانت شركة عنان أو أبدان أو مضاربة، ولكن هناك من الشروط العامة التي يجب على المتشاركين الاعتناء بها وإلا وقعوا في الإثم ومخالفة الشريعة.

وهناك مسألة مهمة جداً انتشر العمل بها وهي المسألة المسئول عنها لجهل المسلمين بها، فنحبّ أن نجيب عنها باختصارٍ شديد لضيق المجال في صفحات مجلتكم الغراء، والله وحده المستعان.

المسألة: أجمع أهل العلم على عدم جواز أن يفرض لأحد الشركاء فضل دراهم أو دنانير زيادة على القدر المعلوم كجزء شائع.

ومعنى هذا الشرط الباطل؛ أن بعض الشركاء يتفق مع غيره من الشركاء أن يُعطى أجراً مقدراً معلوماً زيادة على النسبة المالية التي يأخذها لمقدار ماله، وهذا شرط باطل فاسد وأجمع أهل العلم على حرمته.
وممن نقل الإجماع هذا:

أ) ابن المنذر النيسابوري رحمه الله تعالى [ت سنة 318 هـ] قال في كتابه "الإجماع": (أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض -شركة المضاربة - إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. وممن حفظنا ذلك عنه مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي).

ب)- وقال في "الإقناع": (أجمع أهل العلم... ولا يجوز أن يقول لك نصف الربح إلاّ عشرة دراهم، أو لك نصف الربح وعشرة دراهم) [ج1 ص270].

ج)- قال أبو عمر يوسف بن عبد البر: [ت سنة 463 هـ]: (أجمعوا أن القراض لا يكون إلاّ على جزء معلوم من الربح، نصفاً كان أو أقل أو أكثر) [الاستذكار ج21 ص124].

د) قال ابن رشد في بداية المجتهد: (اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز أن يقترن بعقد المضاربة شرط يزيد في الغرر الذي فيه... ومنها: اشتراط أحد المتعاقدين شيئاً من الربح لنفسه) [بداية المجتهد ج2 ص236].

هـ] شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى [ت سنة 728 هـ] قال في كتابه "الحسبة": (ولو شرط في المضاربة لرب المال دراهم معينة فإن هذا لا يجوز بالاتفاق، لأن المعاملة مبناها على العدل، وهذه المعاملات من جنس المشاركات، والمشاركة إنما تكون إذا كان لكل من الشريكين جزء شائع كالثلث، والنصف، فإذا جعل لأحدهما شيء مقدر لم يكن ذلك عدلاً بل ظلماً) [مجموع الفتاوى ج28 ص84].

وهذه المسألة ذكرها عامة أهل الفقه في كتبهم بلا خلاف بينهم:

أ) ففي كتب المذهب الحنفي:

قال علاء الدين السمرقندي [ت سنة 539 هـ] في كتابه "تحفة الفقهاء": (ومن شروط صحتها أن يكون الربح جزءً مشاعاً من الجملة، أما إذا عيّن بأن قال؛ على أن لك من الربح مائة درهم أو نحوها فلا يصح لاحتمال أن الربح لا يكون إلاّ هذا القدر فلا يحصل الربح لرب المال) [ج3 ص20].

قال الكاساني - علاء الدين أبو بكر بن مسعود - [ت سنة 587 هـ] في شرحه لكتاب "تحفة الفقهاء" المسمى "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع": (وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع - الشركات - فبعضها يعم جميع الأنواع، منها: أن يكون الربح جزءاً شائعاً في الجملة لا معيناً، فإن عينا عشرة أو مائة أو نحو ذلك كانت الشركة فاسدة لأن العقد يقتضي تحقق الشركة في الربح، والتعيين يقطع الشركة لجواز أن لا يحصل من الربح إلاّ القدر المعين لأحدهما فلا يتحقق الشركة في الربح) [ج6 ص58-59].

وقال ابن نجيم [زين الدين بن إبراهيم/ ت سنة 970 هـ] في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق": (ومن شروط القراض... الرابع: أن يكون الربح بينهما شائعاً كالنصف والثلث لا سهماً معيناً يقطع الشركة كمائة درهم أو مع النصف عشرة) [ج7 ص264].

ب) وفي المذهب المالكي:

قال ابن عرفة الدسوقي في شرحه على الشرح الكبير للدردير، في القراض وأحكامه: (بجزءٍ شائعٍ كائن من ربحه لا بقدر معين من ربحه كعشرة دنانير، أي لا ينسبها لقدر سماه من الربح فيؤدي إلى الجهل بالربح) [ج3 ص517-518].

وقال الحطاب [أبو عبدالله محمد بن محمد/ ت سنة 954 هـ]: (يجب أن يكون حظ العامل جزءً من الربح معلوم النسبة منه احترازاً من دفع جرة عيناً) [ج5 ص358]، وانظر [بداية المجتهد لابن رشد ج2 ص236].

ولذلك منع مالك رحمه الله تعالى أن يكون مع المضاربة بيع أو كراء - الإجارة - أو أي عمل يشترطه أحدهما لصاحبه.

وقال ابن عبد البر في "الكافي": (ولا يجوز أن ينضم إلى عقد القراض - المضاربة - عقد غيره من بيع، ولا إجارة، ولا شيء سوى ذلك في العقود كلها).

ج) وفي المذهب الشافعي:

قال أبو زكريا يحيى بن شرف النووي [ت سنة 676 هـ] في "منهاج الطالبين": (ويشترط اختصاصهما بالربح واشتراكهما فيه).

قال محمد الخطيب الشربيني في شرحه للمنهاج في مغني المحتاج: (ولو شرط لأحدهما مالك، أو عامل، عشرة من الربح والباقي للآخر أو بينهما أو شرط لأحدهما ربح نصف مال القراض أو شرط له النصف ودينار مثلاً أو إلاّ ديناراً فسد القراض لانتفاء العلم بالجزئية ولأن الربح قد ينحصر فيما قدره فيؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح وهو خلاف وضع القراض - المضاربة -) [ج2 ص312-313].

د) وفي المذهب الحنبلي:

قال ابن قدامة: (والشروط الفاسدة - في الشركات - تنقسم إلى ثلاثة أقسام:... القسم الثاني: ما يعود بجهالة الربح مثل... يشترط لأحدهما دراهم معلومة بجميع حقه أو ببعضه... فهذه شروط فاسدة لأنها تفضي إلى جهل حق كل واحد منهما من الربح أو إلى فواته بالكلية، ومن شروط المضاربة كون الربح معلوماً) [المغني ج5 ص70-71].

وقال: (ومتى اشترط شرطاً فاسداً يعود بجهالة الربح فسدت المضاربة) [نفس المصدر].

وقال: (وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءاً وعشرة دراهم بطلت الشركة، وإنما لم يصح ذلك لمعنيين:
أحدهما: أنه إذا شرط دراهم معلومة احتمل أن لا يربح غيرهما فيحصل على جميع الربح، واحتمل أن لا يربحها فيأخذ من رأس المال جزءً، وقد يربح كثيراً فيستضرّ من شُرِطت له الدراهم.
والثاني: أن حصة العامل ينبغي أن تكون معلومة بالأجزاء لما تعذر كونها معلومة بالقدر، فإذا جهلت الأجزاء فسدت كما لو جهل القدر فيما يشترط أن يكون معلوماً به، ولأن العامل متى شرط لنفسه دراهم معلومة ربما توانى في طلب الربح لعدم فائدته فيه وحصول نفعه لغيره بخلاف ما إذا كان له جزء من الربح) [المغني ج5 ص38].

ولا أعلم كتاب فقه إلاّ وقد ذكر هذه المسألة ونبّه عليها، والمسلم الناصح لدينه وماله يسارع إلى تصحيح عقوده لاكتساب المال الحلال، وتجنّب ما حرمه الشارع، ومسألة الشركات فيها كلام طويل وإنما حرصنا أن نختصر قدر المستطاع، في بيان هذه المسألة المشاعة بين الناس، على أن حكمها متفق عليه بين أهل الملة الإسلامية.

والله تعالى أعلم
والحمد لله رب العالمين

 

[عن مجلة نداء الإسلام]

tealscrollroses_small.gif

من أحكام المشح على الخفين

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

 

مسحت على الخفين على طهارة وصليت صلاة العصر ثم غيرت الخفين وما أزال على وضوء، فلما حضرت الصلاة كنت قد بطلت الوضوء، فهل يجوز لي المسح على الخفين الجديدين؟ أم أن نزع الأولين أبطل شرط المسح؟

* * *


الجواب:

من فعل هذا فلا يجوز له المسح عليه باتفاق أهل العلم حديثا وقديما.

لأن الخف الذي يجوز المسح عليه هو الخف الذي لبسه المرء على وضوء غسل فيه رجليه، أما من لبس الخف على وضوء مسح فيه على الخف فلا يجوز له أن يمسح عليه.

وقد زعم بعض المعاصرين؛ أنه لولا وجود الإجماع على عدم جواز المسح على الخف في هذه المسألة لقال بجوازها قياسا.

لكن يقال لهذا المفتي: نعم! وجد الإجماع على عدم جواز المسح على هذا الخف في هذه المسألة، والدليل هو النص مع الإجماع.

وهو في قوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة رضي الله عنه: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين).

وقد أجاد الإمام البخاري حين بوب على هذا الحديث بقوله: (باب؛ إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان)، ويوحي كلامه بأن ما يجوز المسح عليه من الخف هو ما ستر الرجل وهما طاهرتين بالغسل لا بغيره.

والله أعلم

tealscrollroses_small.gif

هل الطهارة من الحدث الأكبر من شروط الصيام؟

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد بيان حول قضية من كان على جنابة وهو في شهر رمضان، وبقي على ذاك الحال لمدة 3 أيام أو ليوم واحد، فهل يكون صيامه جائزا أم لا؟

وجزاكم الله خيرا.

* * *

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين


ليس من شرط الصيام الطهارة من الحدث الأكبر.

والدليل قول عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما: (نشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان ليصبح جنبا من غير احتلام، ثم يغتسل، ثم يصوم).

وفي الحديث دليل كذلك؛ على جواز غسل الصائم، ورد على من كره ذلك.

أما هذا السائل، فإن قصد أنه بقي جنبا لمدة ثلاثة أيام متواصلة؛ فإن كان يعلم ذلك، فهذا تارك للصلاة، وهو كافر مشرك، للحديث: (من ترك الصلاة فقد كفر أو أشرك)، ولا أجر لصيامه.

مع أنه بصيامه هذا يذهب عنه إثم ترك الصيام لو تركه، لأن الصحيح هو تكليف المشرك والكافر بفروع الشريعة، مع أنها لا تصح منه إلا بالإسلام، لكنه حين يصوم هذا المشرك فلا أجر له، وله أمر واحد؛ أنه لا إثم عليه بترك الصيام ما لو تركه.

وهذا يعلم من حقيقة الواجب؛ فإن الواجب له فضيلتان:

الأولى: حصول الأجر.

والثانية: الخروج من إثم الترك ما لو تركه.

فمن فعل واجبا وهو مشرك؛ فلا أجر له لعموم الآيات والأحاديث التي تدل على عدم قبول العمل إلا من المؤمن، وفي الصيام لقوله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).

ولكن له أمر آخر، وهو سقوط إثم الترك ما لو تركه.

وهذه القاعدة؛ تعمل في كل عمل مشروع صالح في ذاته يعمله مشرك أو كافر.

أما إن كان هذا السائل؛ لا يعلم، فصيامه صحيح، ولا شيء عليه.

وأما بخصوص الصلاة وقضائها وقد صلاها جنبا؛ فهذه من مسائل الخلاف بين أهل العلم، فالجمهور على قضائها، ويرى بعض العلماء عدم الإعادة، والله أعلم.

أما إن كان المقصود من السؤال؛ أنه أصبح جنبا ثلاثة أيام، فقد تقدم الجواب.

والله أعلم

tealscrollroses_small.gif

 

 

هل يجب على المرأة تغطية يديها في الصلاة ؟

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نحييك يا شيخ.

نريد من فضيلتكم أن توضحوا لنا هذه المسألة، وهي كيف تصلي المرأة في الصلاة، هل تغطي يديها أم لا؟

وجزاكم الله خيرا.

* * *

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين


حجاب المرأة في الصلاة؛ هو أحد مباحث الفقه المهمة، وقد كتب فيها أهل العلم، فلا يخلو كتاب فقه من ذكر أحكام هذه المسألة، وللإمام ابن تيمية كتاب بهذا الاسم.

على المرأة في الصلاة؛ أن تغطي كل جسمها إلا الوجه والكفين، إجماعا، لا خلاف حول هذا القدر.

واختلفوا في كشفها لظاهر قدميها؛ فيرى الأحناف جواز ذلك، وخالفهم الشافعية, ورجح شيخ الإسلام؛ جواز كشف ظاهر القدمين لعموم المشقة ولسيرة نساء المسلمين بهذا الأمر.

والله أعلم

 

tealscrollroses_small.gif

 

هل يجوز الاجتماع لصلاة العيد في البيوت؟

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل يجوز لبعض الأخوة أن يجتمعوا في بيت من البيوت، ليصلوا صلاة العيد، وهل هذه بدعة؟

* * *

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين


صلاة العيد - على الصحيح من أقوال العلماء - أنها واجبة على المسلم.

ويجب فيها الإجتماع كذلك - كالجمعة - ولا تُصلى على انفراد.

والمعلوم أن السنة؛ هو أن يخرج الناس خارج البلدة للصلاة، ويجتمع فيها الرجال والنساء، هذه هي السنة التي عليها هذا الدين.

وما سأل عنه الأخ من صلاة بعض الناس في البيوت؛ فهذا مخالف للهدي النبوي وسيرة أهل الرشد من الصحابة والتابعين.

لكن هذا الأمر لا يفعل إلا لضرورة - كالخوف أو العجز عن أقامة السنة في الإجتماع - فإذا وجدت الضرورة الشرعية؛ فلا بأس من هذا الفعل.

والله الموفق

 

tealscrollroses_small.gif

 

هل يتيم المحدث الحدث الأكبر لكل صلاة

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.

بادىء دي بدء، وقبل استفتائك شيخنا العزيز، أهنئك بحلول شهر رمضان، شهر الانتصارات وشهر الايمان، راجيا من الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإاياك وجميع المسلمين من عتقاء هذا الشهر الكريم.

شيخنا الحبيب...

كما هو معلوم من ديننا الحنيف، أن التيمم يشرع عند فقدان الماء أو عند خشية الضرر، وهو يقوم مقام الوضوء من الحدث الاصغر والأكبر، فهل على المتيمم من الحدث الأكبر أن يصلي باقي الصلوات بنفس التيمم، مع العلم أن علته - التي كانت تتمثل في فقدان الماء - قد انتفت؟

وجزاك الله عنا وعن المسلمين كل خير.

* * *

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين


أسأل الله تعالى أن يستجيب دعاءك، وأن يرحمنا برحمته، وأشكرك على كلماتك الطيبة.

أخي سامحني فإن سؤالك واضح في أوله، لكنه موهم في آخره، حيث قلت: مع العلم أن علته - التي كانت تتمثل في فقدان الماء - قد انتفت.

فكيف انتفت العلة التي أجيز من أجلها التيمم، وهي فقد الماء؟!

إن المرء المتيمم بسبب فقد الماء إذا تحصل الماء، حتى وهو في صلاته، فإن عليه أن يقطع صلاته ويتوضأ لتلك الصلاة - في أصح قولي العلماء - فكيف لو وجدها وهو في غير الصلاة؟!

قطعا؛ إن تيممه قد ذهب ويجب عليه أن يصلي بوضوء، واذا كان محدثا فيجب عليه الإغتسال لما يأتي من صلاة.

أما الواضح من كلامك؛ فهو فهل على المتيمم من الحدث الأكبر أن يصلي باقي الصلوات بنفس التيمم؟

الجواب؛ لو أن رجلا أجنب ولم يجد الماء أو لم يقدر على استخدامه، وخاف الضرر لبرد أو مرض مثلا، فإن عليه التيمم، لكن هل يجب عليه أن يتيمم لكل صلاة فريضة أم أنه يجوز له أن يصلي ما شاء من صلوات الفريضة بتيمم واحد ما لم يحدث فينتقض تيممه بما ينتقض الوضوء؟

فالجواب على هذا السؤال هو التالي:

هذه من مسائل الخلاف بين أهل العلم.

  • فيرى بعض الصحابة وبعض الأئمة المتبوعين أنه يجب عليه أن يتمم لكل صلاة فريضة ويصلي ما شاء من النوافل، وهذا قول مروي عن علي وابن عمر وابن عباس، وهو قول مالك والشافعي، وقول عند أحمد.

    وليس لهم ما يحتج به من المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى حديث ضعيف جدا فيه الحسن بن عمارة، وهو متروك، وبعض آثار.

  • والقول الثاني؛ أنه يجوز له أن يصلي ما شاء من صلوات الفريضة والنافلة بتيمم واحد، ما لم ينتقض بنواقض الوضوء، أو بذهاب العذر، أو بتحصيل الماء، وهذا قول مروي عن سعيد بن المسيب، وهو مذهب أبي حنيفة وقول عند أحمد.

    وهذا القول يشهد له النص والقياس.

    فأما النص؛ فقوله صلى الله عليه وسلم: (الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك).

    وأما القياس؛ فالتيمم يقوم وبدل عن الوضوء وحكم البدل حكم المبدل منه إلا لمانع، وهنا لا مانع.

    والله اعلم

 

tealscrollroses_small.gif

هل يجوز شراء مسجد بقرض ربوي؟

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

السلام عليكم.

أنا أعيش في إسبانيا، ونريد شراء مسجد عن طريق البنك، فهل يجوز؟

والسلام عليكم.

* * *

الجواب:

شراء بيت لله تعالى عن طريق البنك؛ لا يجوز، فقد لعن الله أكل الربا وموكله وشاهديه.

وبيت الله تعالى من أجل العبادة، ولا يجوز أن تقوم العبادة على المعصية، بل على أعظم أنواع المعاصي، وهي الكبائر والتي منها الربا.

ليتق الله الأخوة، وسيجعل الله لهم مخرجا.

والبيت الذي ينسب لله؛ يجب أن يقوم على التقوى، لا على الحرام.

 

tealscrollroses_small.gif

 

ما هي علة تحريم لحم الخنزير؟

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

أدرس الإسلام هذه الأيام، وقارنته مع ديني، وبنيي وبينكم؛ الإسلام واضح وقوي، وقريبا سأسلم.

لكن الذي أريد معرفته؛ لأي سبب أو علة حرم لحم الخنزير في الإسلام؟

شكرا على اهتمامكم بسؤالي [1].

* * *

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين


أسأل الله لكِ حسن الإختيار، وأن يمن عليك بهذا الدين العظيم، ففيه سعادة الدارين - هذه الدنيا والآخرة - واعلمي؛ أن من رحمة الله تعالى على هذا العبد أن يوفقه الى اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتحقيق مقصد خلقه من عبودية لله تعالى.

بالنسبة لسؤالك:

فاعلمي أن هذا الدين يقوم على التسليم الكامل لله تعالى، فنحن خلق الله تعالى، وهو ربنا، ويجب علينا أن نطيعه ونمتثل أمره، حتى لو كان في نظرنا القاصر الضعيف؛ أن هذا الأمر ليس فيه ما ينفعنا.

فأبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام عندما جاءه الأمر الإلهي بذبح ابنه لم يسأل؛ لم؟ ومما المنفعة؟ بل سلم لأمر الله، ولذلك كان إبراهيم إمام المسلمين.

ودين الله أعظم من أن يتوقف هداية المرء له لمثل هذا السؤال، بل الواجب عليكِ أن تفهمي؛ أصل الإسلام، وهو توحيد الله تعالى وعبادته والإنقياد لأمره، ثم تسلمي أمرك له، وبعد ذلك تنشغلين بإدراك الحكم الربانية في الشريعة والأحكام.

لكن لو أردت أن تعلمي بعض حكم الله تعالى في تحريم لحم الخنزير، فسأخبرك بما أعلم من ذلك، وبالله التوفيق:

اعلمي أن المرء يتأثر بما يأكل، وقد أدرك هذا الناس قديما وحديثا، ولذلك نشأت بعض المذاهب القديمة التي تمنع أصحابها من أكل بعض المأكولات - كاللحوم مثلا لما ترى من تأثرها من أكل اللحم -

وفي الخنزير خسة الدياثة وعدم الإنتقام للأنثى، وهذا شيء مشاهد معلوم، فمن سيأكل منه؛ فلا بد أن يعديه هذا المرض الخلقي ولا شك، ولذلك نحن نرى أن الشعوب التي تأكل منه لا غيرة عندها على حريمها وأعراضها.

هذا واحد.

ثانيا: الخنزير لا يتورع عن أكل القاذورات والخبائث، بل هو أصل طعامه، ومعلوم تأثر اللحم بما يأكله الحيوان، ولذلم يمتنع عن أكل الجلالة - وهي الحيوان الطيب الذي يأكل النجاسات حتى ينقى لحمه - والخنزير لا ينقى لحمه.

ثالثا: يذكر أهل الخبرة؛ أن في لحم الخنزير دودا وأمراضا لا تنقى بمجرد الطبخ العادي، بل تبقى فيه حتى لو طبخ.

هذه بعض ما أعلم من حكم تحريم أكل لحم الخنزير، وهناك ما لا نعلمه وليس لنا إلا التسليم والإنقياد لحكم الله تعالى.

والحمد لله رب العالمين



1) السؤال مترجم عن اللغة الفرنسية.

 

tealscrollroses_small.gif

هل تجب الطهارة لسجود التلاوة؟

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

ورمضان مبارك، أهله الله علينا وعلى المسلمين الموحدين بالنصر والتمكين لدينهم الحنيف.

ما حكم سجود التلاوة لغير المتوضئ, وللمستمع، لشخص يقرأ أمامه, وحكمه في أماكن عامة؟

* * *

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين


سجود التلاوة؛ سنة، وليس واجبا - على الصحيح في أقوال العلماء -

قال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إن الله لم يفرض علينا السجود، إلا أن نشاء).

وقال أبوه رضي الله عنه: (إنا نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه).

أما الطهارة لسجود التلاوة:

ففيها خلاف شديد، وكأن البخاري مال في صحيحه إلى وجوب الطهارة.

والأقرب للصحيح؛ أن الطهارة ليست شرطا لسجود التلاوة، لعدم وجود الدليل على ذلك.

وقولهم أن السجود جزء من الصلاة فلا بد من شرط له كشرطها؛ قلنا: يرد هذا أن التسبيح جزء من الصلاة ولا أحد يوجب أو يشترط له طهارة.

أما سجودك لقراءة غيرك؛ فنعم، تسجد لقراءة غيرك لآية فيها سجدة.

فقد قال عثمان رضي الله عنه: (إنما السجدة على من استمعها).

وقال ابن مسعود لتميم: (اسجد فإنك أمامنا).

والله أعلم

 

tealscrollroses_small.gif

شبهة؛ مخالفة أهل التوحيد والجهاد لمشايخ الحكومات المرتدة

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

كثير من الشباب - خصوصاً الذين يكون ولائه لعلماء السلاطين والحكومات في شتى البلاد الإسلامية - يقولون أن شيخكم أبا قتادة كثيرا ما يأتي بأمور تخالف ما قد تعارف عليه أئمتنا و "أهل الحل والعقد" في بلادنا، خصوصا إذا ناقشناه في بعض المسائل وألزمته بالحجة والبرهان؛ يلتجئ مباشرة ويلتوي ويقول: "هذا القول مخالف لما أجمع عليه أئمتنا وعلماؤنا المعروفون المشهورون في هذا الزمان".

فماذا تقولون في هذا الأمر؟!

* * *

الجواب:

الحقيقة؛ أنا تبسمت لما سمعت كلمة "أهل الحل والعقد" وهذا من إطلاق الأسماء من دون وجود مسميات.

"أهل الحل والعقد"؛ هم الذين بيدهم الحل والعقد، والذين بيدهم أن يَحلوا وأن يَعقدوا، أما هؤلاء المشايخ؛ فماذا يحلون وماذا يعقدون؟! هؤلاء يُحَلوا ويُعقَدوا!

وهذا واقعهم، فإذا طلب منهم الطاغوت أن يجتمعوا؛ اجتمعوا، وإذا طلب منهم ان يتفرقوا؛ تفرقوا، والدوائر التي ينضوون تحتها هي دوائر رسمية.

فـ "الأزهر" - مثلاً - فقد قيمته لما صار شيخ "الأزهر" يُعين من قبل رئيس الدولة، وقد كان شيخ "الأزهر" يُعين من قبل اجتماع المشايخ من العلماء؛ فيقررون من هو الأولى بهذا المنصب، فصار يُعنين كما يُعين الوزير.

ولذلك الآن شيخ الأزهر هو "الطنطاوي"؛ حذاء من أحذية الطواغيت وعدو من أعداء الدين بكل معنى الكلمة، وهو شيخ للـ "أزهر"

وهذه "هيئة كبار العلماء" في الجزيرة؛ الذين يُعينهم هو الطاغوت - هم لا يُعينونه بل هو الذي يُعينهم - فيحل رقابهم إذا أرادوا أن يحلوا شيئاً عقده، وتُعقد أيديهم وراء أقفيتهم إذا أرادوا أن يعقدوا شيئاً على خلاف أمر الطاغوت.

وقبل مدة جُمد بعض الرجال منهم، فالشيخ "عبد الرزاق" عليه رحمة الله؛ طُرد من "هيئة الكبار"، لانه مُعين من قبل من هو عبدٌ لهم ومن قبل من هو حذاءٌ لهم.

هذا هو واقعهم!

أما أننا نقول على خلاف ما يقول هؤلاء المشايخ؛ فهذا مدح لنا.

نُذم إذا قلنا شيئاً على خلاف ما قاله الثقات من أئمتنا، إذا قلنا على خلاف ما قاله الكتاب أو ما قاله الحديث، وما قاله الصحابة، وما قاله ثقات التابعين؛ كسعيد، وسعيد، وسعيد، سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، أو إذا قلنا على خلاف ما قاله ابن المبارك وخلاف ما قاله سفيان الثوري، هؤلاء هم العلماء الذين إذا خالفناهم؛ يُقدح فينا ويُذم.

اما إذا قلنا على خلاف ما قاله هؤلاء الأمعات؛ فوالله هذا مدح لنا.

فليأتنا المخالف بشيء قلناه على خلاف ما قاله سلفنا من القواعد والأمور الكبار.

أما إذا قلنا على خلاف ما قاله هؤلاء المشايخ، فهؤلاء المشايخ أصلاً ليس لدينا بهم ثقة، لأنهم يردون في مواردهم ويصدرون في قضاياهم على وفق ما يقوله الطاغوت، عدو الله، الكافر.

وكل دولة من الدول، وكل طاغوت من الطواغيت؛ قد جمع حوله جماعة من السدنة والكهنة، كما يجمع الوزارة!

ففي المغرب تسمى "الدروس الحسنية" أو "الهيئة الحسنية" أو "التجمع الحسني" - على اسمه! - في الجزيرة "هيئة كبار العلماء" و "رابطة العالم الإسلامي"، وفي الأردن "مؤسسة آل البيت"، وفي العراق "المؤتمر الشعبي الإسلامي"، وفي مصر "الأزهر"، وربما هناك كذلك هيئة أخرى للطاغوت بهذا المعنى أيضاً، وفي ليبيا "لجنة الدعوة الإسلامية العالمية"... وهكذا!

وفيما أعلم؛ في كل دولة قد زين الطاغوت صورته بهؤلاء! وهم؛ هم، كدويبة الأرض، يقفزون هنا وهنا وهنا.

وقد امتحنهم الله ببعض الفتن بين هؤلاء الطواغيت، كما حدث في فتنة صدام وغزوه للكويت، فحار المشايخ أين يذهبون؟! أيذهبون هنا أم هناك؟! ولمن ستكون الغلبة؟! فبدأوا يقيسون، وبعضهم لم يصر له لون ولا رائحة وهو ينتظر لمن ستكون الغلبة! وبعض الجماعات انقسمت هنا وهناك، كما حدث في "جماعة الاخوان المسلمين"؛ فهم إذا قالوا بقول على خلاف ما عليه طواغيت "آل سعود" سيفقدون وظائفهم، وبعضهم كان مرتبطاً بالأردن، والبعض الآخر مرتبط بالعراق... فوقعوا في حيص بيص!

وقد عاب العلمانيون على أهل الإسلام هذا، وكان مما قاله عدو الله المقبور "فرج فودة": (أي إسلام تريدونا أن نتبع؟! الإسلام الذي وقف مع طاغوت السعودية؟! أم الإسلام الذي وقف مع طاغوت البعث العراقي؟!).

فمن ذا الذي يُمدح بأنه تابع لهولاء؟!

الذين يُمدح هو الذي يخرج من تبعية هؤلاء، هذا هو الذي الممدوح في هذا الزمان، والمذموم هو من حجّر عقله وذهنه وعلمه ودينه لهؤلاء، الذين يتلاعبون بدين الله عز وجل.

والوقت الآن هو وقت الأخذ من الكتب، كما مدح النبي صلى الله عليه وسلم أتباعه في أخر الزمان، الذين يأتون الى الورق المعلق فيأخذون به [2]، ويقفون بحذر على ما يقوله هؤلاء الأتباع للطواغيت.

وليس معنى هذا أن نترك كل ما يقولوا، كلا، ولكن نضعهم في ميزان الحذر، فربما يصدُقك الكذوب، وربما يصح قول هؤلاء، فنأخذ عنهم ما صح، ونرد عليهم ما أخطأوا.

فلا يعاب علينا أننا نقول بخلاف ما يقولوا، وانما - في الحقيقة - نُمدح بأننا نقول على خلاف ما يقولوا.

ونحن - جماعاتنا وأفرادنا - ديننا مركب على خلاف ما يقولوا في مسألة قتال الطواغيت وتكفيرهم والخروج عليهم وعيبهم وسب آلهتهم وشتم ما هم عليه.

أين ما قلناه على خلاف ما قاله الله أو على خلاف ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على خلاف ما قاله السلف الثقاة الأئمة؟!

و "المعاصرة حرمة"، فكيف يردون منا أن نلتزم بأقوال المعاصرين؟! ومن منهج السلف ما قاله ابن مسعود رضي الله عنه: (ولا تقلد دينك للحي، لأنه لا تؤمن عليه الفتنة).

ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم قد بين لنا حقيقة ما عليه هؤلاء الأحياء، عندما قال: (من أتى أبواب السلاطين افتتن) [3].

فهؤلاء حكم النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنهم مفتونون، وأنهم أهل فتنة، يقولون ما يقوله الطاغوت، ويأتمرون بأمره.

ونحن ليس هؤلاء أئمتنا.

قال صلى الله عليه وسلم: (أخوف ما أخاف عليكم الأئمة المضلون) [4].

فهؤلاء هم الذين نَحذر منهم ونُحذر منهم، ونوجب على الأمة أن تأخذ من الأئمة الذين رضوا هذا الدين وابتعدوا عن أبواب السلاطين وحَذّروا من فتنة الدخول في دينهم وفي طريقتهم وفي دساتيرهم.

هذا الذي ندين الله عز وجل به.


[1] أصل هذه المادة؛ جواب سؤال طُرح على الشيخ في حوار مسجل، قمنا بتفريغه، وتعديل بعض الجمل والكلمات ليتناسب مع طبيعة المادة المقروءة - كاضافة حروف، وتقديم كلمة وتأخير أخرى، واستخدام جمل فصيحة بدل غيرها - كما أضفنا بعض الهوامش على متن الجواب [المنبر].

[2] عن جبير، أنه قال: قدم علينا أبو جمعة الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيت المقدس ليصلي فيه، ومعنا رجاء بن حيوة يومئذ، فلما انصرف خرجنا معه لنشيعه، فلما أردنا الانصراف، قال: إن لكم علي جائزة وحقا أن أحدثكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: هات يرحمك الله، فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، معنا معاذ بن جبل عاشر عشرة، فقلنا: يا رسول الله، هل من قوم أعظم منا أجرا آمنا بك واتبعناك؟ قال: (ما يمنعكم من ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم، يأتيكم الوحي من السماء، قوم يأتيهم كتاب بين لوحين فيؤمنون به ويعملون بما فيه، أولئك أعظم منكم أجرا، أولئك أعظم منكم أجرا، أولئك أعظم منكم أجرا) [المعجم الكبير، للطبراني، برقم: 3460].

وعن عمر بن الخطاب، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فقال: (أنبئوني بأفضل أهل الإيمان إيمانا؟)، قالوا: يا رسول الله، الملائكة؟! قال: (هم كذلك، ويحق لهم ذلك، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها؟ بل غيرهم)، قالوا: يا رسول الله، الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالته والنبوة؟! قال: (هم كذلك، ويحق لهم، وما يمنعهم، وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها؟ بل غيرهم)، قالوا: يا رسول الله، الشهداء الذين استشهدوا مع الأعداء؟! قال: (هم كذلك ويحق لهم، وما يمنعهم، وقد أكرمهم الله بالشهادة مع الأنبياء؟ بل غيرهم)، قالوا: فمن يا رسول الله؟! قال: (أقوام في أصلاب الرجال، يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقون بي ولم يروني، يجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا) [مسند أبي يعلى الموصلي، برقم: 149].

[3] رواه الإمام أحمد.

[4] رواه الإمام أحمد.

 

 

tealscrollroses_small.gif

الرد على من يرى كفر الشعوب المسلمة

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

بعض الطوائف المعاصرة ترى أن الأصل في الناس؛ الكفر، وتكفر الشعوب المسلمة، ولا تراها أداة تُستعمل في أي شيء، وإنما كل ما يعاملونها بها هو البراءة والبعد والشدة والغلظة.

فنريد أن تبينوا لنا نظرتكم إلى الشعوب المسلمة اليوم، مع ما تعيشه من جاهلية جهلاء، وهل تعتبرون أنفسكم جزءا منها أم أنكم من منأى عنها؟

وما ردكم على هذه الطوائف البدعية التي ترى كفر هذه الشعوب، ولا ترى لها أي فائدة في العمل الإسلامي؟

وجزاكم الله خيراً.

* * *

الجواب:

من المسائل التي نخالف فيها غيرنا من أهل البدع؛ هي مسألة التكفير بالعموم أو اعتقاد أن الأصل في الناس؛ الكفر، أي انهم عادوا بجملتهم وعوامهم وعامتهم إلى الكفر، وبالتالي يتعاملون مع هذه الشعوب على انها شعوب كافرة.

وهذه من المسائل التي هي خلاف بيننا وبين غيرنا من الطوائف البدعية.

لأن الطوائف البدعية في هذا الباب من الغلاة؛

  • إما أنهم يُكفرون بالعموم، ويرون ان الأصل في الناس هو؛ الكفر، ويتعاملون مع الناس في الأصل على أساس البراءة من الإسلام، وليس البراءة من الكفر والشرك، ولهذا عمدوا إلى استحلال الدماء والأموال الأعراض.

  • وهناك طوائف أقل منهم سوءاً وشراً؛ توقفوا في الحكم على هذه الشعوب، فلم يحكموا لها بإسلام، ولم يحكموا لها بكفر - أي جعلوها في منزلة بين المنزلتين -

    والذي نعتقده؛ أن هذه الطوائف من الطوائف الغالية.

    نحن نعتقد؛ أن الأصل في أمتنا الإسلام.

    فعندما تدخل بلداً من البلاد، تجد فيه المساجد ويُرفع فيه الآذان، والناس يذهبون فيه إلى الصلوات، ويُسمون الله على ذبائحهم، ويستقبلون القبلة، ويتشهدون بكلمة التوحيد، وهذه علامات الإسلام.

    لقوله صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا؛ فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله) [2].

    فهذه من علامات الإسلام.

    وقد ذكر الكاساني في "بدائع الصنائع"؛ العلامات التي يُحكم على الرجل بالإسلام في "كتاب الجهاد"، وقال؛ إما بالنص - أي بكلمة التوحيد - وإما بالدلالة - أي بعمل من الأعمال التي يتميز بها أهل الإسلام عن غيرهم، وإما بالتبعية [3].

    وشعوبنا عندها الكلمة - النص - والدلالة - الأعمال - والتبعية - آبائهم مسلمون وأمهاتهم مسلمات -

    فمن اعتقد أن الأمة - بمجملها وعامتها - قد عادت إلى الكفر والشرك؛ فهذا ضلال.

    ولو أردنا ان نفصل سبب ضلالهم يطول الحديث، ولكن هم يعتقدون؛ ان الكفر قد حل بالبلاد - هكذا يقولون - فبعضهم يرى؛ أنه ما دام قد سميت هذه الدار بـ "دار كفر"، فقد أُطلق على أهلها أنهم كفار، وهذه قاعدة معروفة من قواعد أتباع فرق وطوائف الخوارج، أنه إذا كفر الإمام؛ كفرت الرعية، وصاروا جزءاً من طائفته!

    والناس ليسوا جزءاً من الطائفة – الدولة – لأن هؤلاء مقهورون، محكمون.

    وتعرفون فتوى شيخ الإسلام في "ماردين" [4].

    وتعرفون؛ أن كثيراً من البلاد الإسلامية قد حُكمت بالكفر، كالأندلس، ومصر من قبل العبيدين، وماردين والعراق من قبل التتار، والشرق الإسلامي كله، ولم يحكم أهل الإسلام قط على أن الشعوب - بمجرد سقوط الدولة المسلمة الحاكمة عليهم - قد كفرت وأن الناس قد خرجوا من الإسلام، لم يقل أحدٌ من أهل الإسلام بهذا.

    كان الخوارج يعتقدون؛ أن دارهم وطائفتهم هي دار الإسلام، وأن الديار المخالفة لهم - الذين لم يدخلوا في دينهم ولم يدخلوا في حكمهم - هي دار ردة، وبالتالي من دخل فيها فهو مرتد وكافر.

    وهذا ضلال من ضلالتهم.

  • وبعضهم قال: أن هؤلاء الساكنين لهذا الديار لم يظهروا الكفر بالطاغوت! والأصل أنهم يعلنوا البراءة - لما يقرءوا من كلام أهل الإسلام؛ بأن البراءة يجب أن تُعلن، كما قال إبراهيم عليه السلام: {إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ} [الممتحنة: 4].

    ولكنهم ينسون حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) [5].

    فسمى إنكاره بالقلب؛ إيمان، فكيف يُحكم على قلوب الناس بأنها رضيت أو أنكرت؟! لا بد بأن يأتوا بعمل ظاهر يدل على المتابعة.

    وشعوبنا لم تتابع، ففي كل فرصة تُظهر هذه الأمة ولاءها للإسلام.

    ولما جاء أهل البدع من الديمقراطيين، وقالوا للناس؛ "انتخبونا باسم الإسلام" الشعوبُ أعطتهم ما يريدون، وهذا يدل على أن الشعوب تريد الإسلام.

    ولو أُستنفروا لأي قضية باسم الإسلام؛ شعوبنا تُقدم وتُضحي.

    هذا الشعب الأفغاني؛ بماذا سيق للجهاد؟ سيق براية "لا اله إلا الله"، بماذا اُستحث الشعب الجزائري للجهاد؟ باسم "لا اله الله الله" قام وتحرك.

    فمادة الإسلام في الشعوب قوية، والإسلام في قلوبهم، إذن الشعوب مسلمة.

    وهذه الطوائف لا يمكن أن تكون من طوائف أهل السنة، ونحن لا نلتقي معهم.

    طوائف أهل البدع تعتقد؛ ان هذه الأمة لا تصلح للتكليف، بينما نحن نعتقد أنها صالحه الآن للتكليف، بل والتكليف بذروة سنام الإسلام - وهو الجهاد -

    ولكن شعوبنا تحتاج إلى المعلم، وإلى المبين لهم، لأن شعوبنا ربما فهمت أن الجهاد يكون ضد "الأجنبي" فقط.

    الفلسطينيون فهموا؛ أن الجهاد ضد اليهود، ومع هذا فالجهاد سارٍ فيهم، لكنهم يحتاجون إلى من يفهمهم؛ ان الجهاد ضد المرتدين أيضاً، ليقلبوا فوهة البندقية.

    إذن الشعوب؛ شعوب مسلمة، فيها دلائل وإمارات الإسلام، ولا يُكفر واحد من هذه الشعوب إلا بدليل، أي أن يأتي بعمل مكفر، عندنا من الله عز وجل فيه برهان، ولا يجوز تكفير الأمة.

    أمة الإسلام ما زالت كما هي.

    والنبي صلى الله عليه وسلم تعامل حتى مع الذين هم في آخر الزمان، تعامل معهم كأمة، ولم يتعامل معهم كشخوص.

    أما جماعات التكفير؛ فبعضهم لا يرى إلا عشرة أو خمسة عشر فرداً هم المسلمون، والبقية كفرة، وبعضهم يرى؛ أن طائفته - وهم مئتان أو ثلاثمائة فرد – هم المسلمون فقط.

    فمن هم هؤلاء الذين يقاتلون مع المهدي - وهم بالآلاف -؟! وأين الذين يقاتلون مع عيسى ابن مريم؟! إذا كان الذي بقي من أهل الإسلام مائة أو مائتين أو ثلاثمائة أو جماعة من الجماعات؟! أين أهل الإسلام الذين يقاتلون ثمانيين غاية تحت كل غاية ثمانيين ألفا [6]؟! أين هم هؤلاء؟!

    ونحن، لأننا نعتقد بوجوب الجهاد على هذه الأمة؛ نخاطبها بهذا التكليف، فنقول لهم: "يا أمة الإسلام؛ أنتم مسلمون، عليكم أن تثوروا بالإسلام، وتجاهدوا من سلب حق الله جل وعلا في حكمكم وفي طاعتكم لهم".

    نعم، يوجد في الأمة؛ جهل، ويوجد ضعف إيمان وضعف إرادة، ويوجد تلبيس من شياطين الإنس من المشايخ وعلماء السلطان والكهنة، ولذلك نقول؛ ان الأمة تحتاج إلى من يقودها.

    حتى الحكام الكفرة؛ لأنهم يعلمون رصيد الإسلام في قلوب الناس، فإنهم إذا أرادوا أن يسوقوهم لعمل من أعمالهم؛ يسوقونهم باسم الإسلام.

    هذا "صدام حسين"؛ لما أراد ان يقاتل الثورة الإيرانية بقيادة الشيعي الرافضي الخميني، استحثهم تحت راية "أهل السنة"، قال لهم؛ "يا أهل السنة قوموا فقاتلوا الشيعة الروافض"، وأدار المعركة بهذه الطريقة، ولذلك أيدته طوائف أهل السنة وأيده الناس؛ لأن "صدام" عندهم من أهل السنة.

    حتى الخميني عندما قاتل "صدام"؛ استحثهم باسم الإسلام ومقاتلة "البعثيين" أيضاً.

    وهكذا يستخدم الحكام الإسلام، مما يدل على أن شعوبنا ما زالت مسلمة وأن الراية التي تحركها حركة حقيقية صحيحة؛ هي راية الإسلام.

    هذا أدلة واقعية، ولكن الدليل الشرعي واضح - كما ذكرنا في البداية - فهم يسمون على ذبائحهم، ويستقبلون القبلة.

    ولا بد للمكفر لواحد من آحاد هذه الأمة؛ أن يأتي بالدليل الصريح الصحيح الواضح البرهان على تكفير هذا الشخص.

    إذن نحن نحكم لهذه الشعوب بالإسلام.

    نعم، هناك طوائف من هذه الشعوب قد كفرت، كعبدة الأوثان.

    كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تلحق فئام من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد طوائف من أمتي الأوثان) [7].

    نعم، يوجد من عباد القبور ومن عباد الأحجار ومن عباد الشيطان وممن دخلوا في طوائف الردة وناصروهم، وهؤلاء كلهم نحكم بحكم الله عليهم.

    ولكن عندما نتحدث عن المسلم الذي لم يأت بعمل مكفر – وهذا حال عامة شعوبنا - فهؤلاء عندهم الإيمان المجمل، وحكم الشرع الذي يجب علينا أن نحكم به عليهم؛ هو أنهم مسلمون.

  • الطوائف الثانية، هي الطوائف التي تتوقف في الحكم على الناس:

    وهذه بدعة جديدة، لا يُعرف عن آوائل هذه الأمة التوقف.

    ويحتجون بآية: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} [الممتحنة: 10]، فقالوا؛ "إذن هذا إمتحان، فقد توقف حكم الإسلام على الإمتحان!".

    نقول: ولكن الآية ضدكم، لأن الآية تقول: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ}، فحكم بحكم الإيمان عليهن قبل الإمتحان، أي أنهن لو متن قبل ان يُمتحن؛ لوجب على المسلمين أن يصلوا عليهن.

    وهذه الجارية التي جاءت فامتحنها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل ان يعتقها، فقال: (من ربك؟)، قالت: (في السماء) [8].

    هل معنى هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحكم بإسلامها؟! الجواب: لا، قد كان يحكم بإسلامها، ولكن جاء حكم يقتضي إمتحان، وهذه مسألة اخرى، لا تعني التوقف في الحكم.

    كما أن الأصل في الناس أنهم ثقات، ولكن ربما تأتي مسألة تحتاج إلى توثق زائد، كأن يكون الرجل مستور الحال فيُحتاج إلى توثق لترتفع درجته، فمستور الحال عند أهل الحديث لا يُقبل، مع أنهم لا يحكمون بأنه مجروح، ولكن لأن هناك عمل يحتاج إلى زيادة توثق، ولا يعني أنه غير ثقة، لأن الأصل فيه أنه عدل، ولكن جاءت مسألة تحتاج التوثق في هذا الباب.

    فالآية حكمت بإيمان النساء المهاجرات؛ {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ}، فسماهن بالحكم الظاهر، فأنهن مؤمنات، يعني مسلمات.

    فجماعات التوقف؛ أتت ببدعة جديدة، لم يأت بها أحد من أهل السنة، ونحن نخالف هذه الطوائف.

    وبفضل الله – فيما أعلم – أنه حتى طوائف التوقف والتبيُن؛ بدأت تتراجع عن هذه العقيدة، وأن مشايخهم الكبار – من دون أن أذكر أسماء – قد بدأوا يعودون، فبدأوا يصلون في مساجد المسلمين، ويصلون وراء المستور.

    ولا نقصد بـ "المستور" هنا؛ أنه غير معروف الإسلام والكفر! وانما نقصد من ثبت له حكم الإسلام، ولكن لا يُعرف عن حاله؛ هل أتى بمكفر أم لم يأت بمكفر - أي بالمكفر الذي انتشر في بلده - فمثل هذا؛ مسلم، نصلي وراءه، ولا نمتحن الناس حوله، ولا نمتحنه من أجل الناس أو من أجل الصلاة وراءه، بل نصلي وراءه.

    أما من تبين كفره؛ فهذا نحكم له بالكفر، وهذا حكم الله عز وجل، ولا كرامة له، ولا نقدم على حكم الله عز وجل شيئاً من الأشياء ولا شخصاً من الشخوص - كائناً من كان -

    إذن هذه الشعوب هي شعوب مسلمة.

  • وهناك طائفة أخرى جديدة؛ حكمت على الشعب بأنه منافق!

    والنفاق حين يكون حكماً - لا وصفاً -؛ يكون كفرا، فحين نحكم على رجل بأنه منافق، فنقول: هذا حكمه في دين الله أنه منافق، فمعناه في دين الله؛ أنه كافر ولكنه يُخفي على الناس كفره، وبان لنا، فهو يستر الكفر وظهر لنا، فنحكم عليه بأنه كافر، ولكن قلنا عنه أنه "منافق" لأنه يُخفي عن الناس هذا الكفر.

    أما وصف النفاق؛ فموجود.

    أما الاحتجاج بكلام شيخ الإسلام؛ "بأن بعض الناس لم يتصور في الدنيا إلا مسلم وكافر، ولم يتصور النفاق".

    فهذا كلام عن الوجود، لا كلام عن الحكم، فهو يعني؛ أنه في الواقع يوجد مسلمون حقيقيون في الظاهر والباطن، وهناك مسلمون في الظاهر كفار في الباطن - وهم المنافقون - وهناك كفار في الظاهر كفار في الباطن، فهو يتكلم عن الوجود، لا عن الحكم.

    وأن تقول؛ هذا منافق، يعني أنه ليس كافراً فقط، بل كفره مغلظ، وهو أشد من الكافر، لأن أهل العلم لم يختلفوا في أن المرتد تقبل توبته لو تاب، ولكن اختلف أهل العلم والدين؛ في الزنديق، فجمهور العلماء لا يقبلون توبته، فهو أشد عندهم من المرتد في الظاهر والباطن.

    فهؤلاء الذين يقولون؛ أن الشعب قد نافق لأنه لم يدخل في طوائفهم، قد جاءوا بجهل جديد.

    ودعوى؛ أننا من أهل البدع، وأننا نكفر الشعوب؛ هذا كذب، فنحن الذين لا يمكن أن يُتصور بأننا ندعو هذه الشعوب للجهاد ولإسقاط هؤلاء الطواغيت، ثم نتصور وجود النفاق فيهم.

    ولا يمكن أن نتصور الحكم بتكفير الشعوب؛ لأن تحريك الناس للجهاد هو حكم شرعي، فإذا اعتقدنا في الناس الكفر؛ حينئذ يجب أن نخاطبهم بالإسلام أولاً، فقبل أن نقول لهم؛ جاهدوا، نقول لهم؛ أسلموا، ونحن لا نقول لهم؛ أسلموا، بل نقول لهم؛ جاهدوا.

    فحين نقول للناس؛ جاهدوا، فواضح من كلامنا أننا لا نكفرهم، لأنا خاطبناهم بالحكم الشرعي، وفي الدنيا؛ الكافر لا يُخاطب بأحكام الشريعة - هو معذب في الآخرة على فروع الشريعة، على القول الصحيح، ولكن في الدنيا لا يُخاطب الكافر بالفروع، فلا يؤمر بالصلاة ولا بالزكاة ولا بالجهاد - بل إذا جاء ليجاهد؛ يُطرد!

    لقوله صلى الله عليه وسلم: (فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين) [9]، ولقوله: (فلن استعين بمشرك) [10].

    إذن عندما نقول للناس؛ جاهدوا في سبيل الله، خاطبناهم بالإسلام.

    قد يأتي ويقول المعارض - كما يقول أهل التوقف والتبين أو أهل فكر معارضة الأصل للظاهر -؛ أن الظاهر هو متابعة الطاغوت والأصل هو الإسلام، فهل نقوي الظاهر أم نقوي الأصل؟

    وهذا خوض كلامي لا قيمة له، والأصل أن نتعامل مع الناس بالأصل، والظاهر الذي يُلغي الأصل؛ ينبغي أن يكون هو الظاهر المقطوع به لا الاحتمالي.

    والظاهر الذي يقول به "أهل التوقف" في هذا العصر؛ هو عدم المناوأة للطاغوت، لا المتابعة، فيقولون؛ لأن الناس لم يحاربوا الطاغوت ولم يعلنوا البراءة منه.

    نقول: عدم الإعلان لا يعني عدم الوجود، لأن الحديث الذي قدمناه يقول: (فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، فسماه مؤمناً.

    لكن إذا وجدت المتابعة الحقيقية لهذا الطاغوت، بأن دخل الفرد في طائفته وآمن بدعوته ونصر الكفر الذي جاء به؛ يكون حينها أتى بعمل ينفي الأصل، وهذا هو الطروء الجديد الذي حل لهذا الحكم بدل الحكم السابق - الذي هو الأصل -

    لكن هم لا يقولون بهذا، بل يقولون؛ تعارض الظاهر مع الأصل، ولكن أي ظاهر هذا؟ هو الظاهر المحتمل، وقول النبي صلى الله عليه وسلم؛ يقوي أن هذا الظاهر لا يدل على الباطن، وهذا الظاهر ليس دليلاً قوياً.

    فهم يقولون؛ الظاهر أنهم قد كفروا!

    كيف قد كفروا؟! ما الذي أتوا به؟!

    يقولون؛ لم يعلنوا البراءة من الطواغيت!

    لكن إعلان البراءة من الطواغيت ليس من أصل الإيمان، هو من الإيمان الواجب، ولكن ليس من أصل الإيمان [11] - كما رأينا في الحديث -

    وهكذا شبهات الذين يكفرون الشعوب ويكفرون الأمة، أو يقولون أن الأصل فيهم الكفر؛ في هذا الباب كثيرة.

    واتهام أهل السنة بأنهم على منهج أولئك الغلاة؛ فرية يفتريها الناس قديماً وحديثاً.

    فالإمام أحمد اُتهم بأنه من الخوارج! - كما ذكر ابن تيمية في كتاب "الفتاوى الكبرى" - عندما دخل رجل من أتباع الإمام أحمد على الإمام أحمد وهو مستلق، فقال: (يقولون عنك أنك من الخوارج)! فضحك الإمام أحمد [12].

    وابن تيمية إلى الآن يُتهم بأنه من الخوارج وأنه خارجي، وهكذا اتهمه معاصروه.

    وابن عبد الوهاب؛ اُتهم بأنه خارجي أيضاً.

    فلا غرو ولا عجب؛ أن يأتي في هذا العصر من يقول بأن هؤلاء الذين قالوا بأن الحكام قد كفروا وخرجوا من الدين - مستدلين بأدلة صحيحة على كفرهم -؛ بأنهم من الخوارج.

    ومثل هذه الالفاظ؛ ينبغي أن لا تُستعمل عند النقاش العلمي وعند الدخول في الدليل.

    هذا هو الجواب على هذا السؤال.

    وبالله التوفيق.

    *) أصل هذه المادة؛ جواب سؤال طُرح على الشيخ في حوار مسجل، قمنا بتفريغه، وتعديل بعض الجمل والكلمات ليتناسب مع طبيعة المادة المقروءة - كاضافة حروف، وتقديم كلمة وتأخير أخرى، واستخدام جمل فصيحة بدل غيرها - كما أضفنا بعض الهوامش على متن الجواب [المنبر].

    [2] رواه البخاري.

    [3] قال الكاساني رحمه الله: (الطرق التي يُحكم بها بكون الشخص مؤمنا؛ ثلاثة، نص، ودلالة، وتبعية، أما النص؛ فهو أن يأتي بالشهادة أو بالشهادتين، أو يأتي بهما مع التبرؤ مما هو عليه صريحا... وأما بيان ما يحكم به بكونه مؤمنا من طريق الدلالة؛ فنحو أن يصلي كتابي أو واحد من أهل الشرك في جماعة... وأما الحكم بالإسلام من طريق التبعية؛ فإن الصبي يحكم بإسلامه تبعا لأبويه - عقل أو لم يعقل -) [البدائع، كتاب السير، فصل: بيان ما يعترض من الأسباب المحرمة للقتال].

    [4] ماردين؛ مدينة تقع بين رأس العين ونصيبين في شمالها، فيها قلعة عظيمة من الصخر، وكان يقال لها في المئة الرابعة من الهجرة؛ "الباز"، وكانت معقل أمراء بني حمدان، وهي اليوم تحت الحكم التركي، وفتوى الشيخ في المجموع: ج28/ص135.

    [5] رواه مسلم.

    [6] قال صلى الله عليه وسلم: (اعدد ستاً بين يدي الساعة؛ موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا) [رواه البخاري].

    [7] رواه الإمام أحمد.

    [8] عن الشريد رضي الله عنه؛ أن أمه أوصت أن يعتق عنها رقبة مؤمنة، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: (عندي جارية سوداء - أو نوبية - فأعتقها؟)، فقال صلى الله عليه وسلم: (ائت بها)، فدعوتها فجاءت، فقال لها: (من ربك؟)، قالت: (الله)، قال: (من أنا؟)، فقالت: (أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم)، قال: (أعتقها، فإنها مؤمنة) [رواه الإمام أحمد].

    [9] رواه الإمام أحمد.

    [10] رواه مسلم.

    [11] قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: (مسألة إظهار العداوة؛ غير مسألة وجود العداوة، فالأول: يُعذر به مع العجز والخوف، لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}، والثاني؛ لا بد منه، لأنه يدخل في الكفر بالطاغوت) [الدرر: ج8/ص359].

    [12] قال الإمام أحمد: (بلغني أن أبا خالد وموسى بن منصور وغيرهما، يجلسون في ذلك الجانب، فيعيبون قولنا، ويدّعون؛ أن هذا القول أن لا يقال مخلوق ولا غير مخلوق، ويعيبون من يُكفر، ويقولون؛ إنا نقول بقول الخوارج!)، ثم تبسم أبو عبد الله كالمغتاظ [الفتاوى الكبرى: ج5/ص117].

 

tealscrollroses_small.gif

مطلع الهلال؛ مطلع واحد

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

 

السلام علبكم ورحمة الله.

ما تقولون في توحيد الصيام، وهل لكل بلد رؤيته؟

وجزاكم الله خيرا.

* * *

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين.

شرعا وقدرا؛ لا مطلع للهلال إلا مطلع واحد.

وهذا قول الأئمة الثلاثة، سوى الشافعية، وقولهم مردود مرجوح.

وباختلاف صيام الناس؛ صرنا مصدر ضحك وهزؤ لبقية الأمم.

لكن تذكر أن ما نقع فيه اليوم؛ هو بسبب غياب الشريعة وسيطرة هؤلاء المرتدين على بلادنا، فغيروا معالم الدين وصيروه لعبة بأيديهم، فيا الله ما جر غياب دين الله اليوم على المسلمين من مصائب وبلاء، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

tealscrollroses_small.gif

 

 

حقيقة الخلافة الشرعية

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

 

قرأت في صفحة الشيخ المقدسي سؤالا لأحد الزوار يقول فيه: (أن علي بن أبى طالب رضي الله عنه ليس أميرا للمؤمنين كخليفة وإنما هو كان أميرا لبعض المؤمنين لأنه لم يستطع أن يحقق مقاصد الخلافة)، ويقول: (والدليل على أنه ليس أميرا للمؤمنين أنه لم يستطع أن يلزم الذين لم يبايعوه بالبيعة فلا يسمى أميرا للمؤمنين، وكذلك الحسن بن على ليس أميرا للمؤمنين ولا يسمى خليفة)، فلم يستطع الشيخ الرد عليه حتى يعلم معنى قولكم هذا.

أرجو منكم الاستفسار حتى يتسنى لي فهم هدا القول والرد على السائل؟

وبارك الله فيكم.

* * *

الجواب:

ما نقل عني على هذا الوجه دون النظر لما يبحث فيه من موضوع؛ هو قطع للكلام من سياقه، وهذا القطع قد أفسده وأذهب المعنى المراد منه، ومن فعل ذلك فقد كذب على القائل واتهمه وافترى عليه.

كان البحث يدور حول حقيقة الخلافة الشرعية، وهي عينها الحقيقة القدرية، ولا فرق بينهما.

هناك جماعة تقول؛ إن الخلافة هي مجرد العقد بين واحد من الناس لواحد على الإمامة، دون النظر لمقاصد الخلافة أوجدت أم لم توجد.

ومن يقول هذا جاهل - عندي - بدين الله تعالى لا يدري ما يقول ولا يفهم الأوامر الشرعية، لأنه في الحقيقة يعطل الأوامر عن حقيقتها والتي لا تقوم مقاصدها إلا بهذه الحقائق.

لكن هؤلاء يعتبرون الألفاظ دون الحقائق، حتى تبين عندهم أنه لو وجد رجلان من المسلمين في سجن من السجون لا يقدران إلا على الصلاة فقط؛ لوجب أن يبايع أحدهما الآخر على الخلافة إذا لم يكن للمسلمين خليفة! وهو قول باطل.

تطرق البحث على موضوع الحقيقة الشرعية للخلافة؛ فكان مما قلته: إن الخلافة لا تثبت إلا بأمرين، بالطاعة القائمة على الرضا، والطاعة القائمة على الغلبة، فمن لم يكن تحت الخليفة بهذين الأمرين لا يكون الأمير أميرا عليه على الحقيقة.

وكان مما تعرضت له موضوع معاوية رضي الله عنه مع علي بن أبي طالب؛ هل علي بن أبي طالب أمير على معاوية ومن معه، فكان الجواب: لا، لم يكن أميرا عليهم، لأنهم لم يخضعوا لأمره، لا عن رضا ولا عن غلبة، وعلي كان يقاتلهم ليدخلهم في طاعته تحت إمارته.

فكان أن سأل أحدهم - فيما أذكر - هل يعني هذا أن عليا لم يكن أميرا للمؤمنين؟ فبينت له أنه لم يكن أميرا لكل المؤمنين، لأن هناك من المؤمنين من لم يدخل في طاعته، لا عن رضا ولا عن غلبة.

نعم هو الخليفة الشرعي، لكن هناك من لم يكن تحت طاعته، فلم يكن أميرا له على الحقيقة.

هذا هو الموضوع وهذه حقيقته.

ولما كان في القوم كذب وافتراء، وكانت الجلسة فيها الفجور والاعتداء، صاح البعض وماج، وربما لم يسجلوا تفسيري للكلام الذي قلته، لكن الصادقين منهم يعلمون مرادي ولا يوافقونهم فيما نسبوه لي، بل بعضهم قد اعتذر لي عن هذا الكذب والافتراء ويأسف لنقله على هذا الباب والمعنى.

ويقال في الحسن رضي الله عنه؛ هذا الأمر كذلك.

وسبب جهل هؤلاء القوم، أنهم لا يفرقون بين الحقيقة الشرعية والحقيقة القدرية في هذا الجزء من البحث، فعلي أمير المؤمنين الشرعي ومن خرج عنه فهو باغ - كما في الحديث - لكن هل كل المؤمنين كانوا تحت إمرته؟ الجواب: لا ولا شك.

ثم هناك مسألة أخرى؛ وهو ما نسب للإمام أحمد من قوله: (من قال إن عليا لم يكن أميرا للمؤمنين فهو أضل من حمار أهله).

فالصحيح أنه ورد عنه كذلك إنكار هذه الكلمة، لأن هناك من الخيار - كمعاوية - لم يكونوا يرونه أميرا للمؤمنين، فلا يقال عنهم هذا القول الشديد.

والله أعلم

 

tealscrollroses_small.gif

كيف تقرأ قرار حماس بعدم إعتبار غزة إمارة إسلامية

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

السؤال:- بالنسبة لحماس؛ كيف تقرأ قرارها بعدم اعتبارها غزة إمارة إسلامية على غرار حركة طالبان؟

الجـواب
هذا الإنحراف العميق في داخل كل التنظيمات التي تنسج نفسها على طريقة الإخوان المسلمين أصاب حماس، وهي منهم، وقد قلت لك سابقاً أنا أحب الإخوان وقت التضييق عليهم لأنهم يوضعون أمام اختيار واحد وهوالإختيار الشرعي، وحماس أمام دولة يهود ليس لهم إلا خيار الجهاد، وللذكر فليس هذا اختصاصاً بحماس ، فكل التنظيمات الفلسطينية تبنت خيار المقاومة، والإسلامية تقول الجهاد، ولذلك لا فضل لحماس في هذا الإختيار، ولكن نحن نحب حماس وأحبتها الأمة لأنها جعلت المعركة إسلامية، لا كبقية التنظيمات العلمانية، ومع حماس الجهاد الإسلامي، ولكن السلوك السياسي للإخوان هو نفسه الذي تمارسه حماس، فهي للأسف قد ربطت نفسها بقوى غير إسلامية، وجعلت نفسها ضمن لعبة المصالح في المنطقة.

وأنا أذكرك-بارك الله فيك- أن الجماعات يحكم عليها من خلال قادتها لا غيرهم، ومن خلال إتجاههم العام، والمراقب اليوم لحماس يراها في نفس السياق الإخواني، مع الإعتذار لكل الشهداء منها وكل الصادقين في دينهم وجهادهم فيها، لكن هذا هو الواقع، والكذب حرام ولا شك .

حماس حرمت في البداية بفتوى شرعية الدخول في الإنتخابات تحت سقف إتفاقية أوسلو الخيانية المجرمة، ثم دخلوا الإنتخابات ونجحوا بإنشاء حكومة تحت هذا السقف الخبيث، وكان ما كان من ضياع جهودهم بعيداً عن الجهاد، والقصة معروفة، وكان ما كان من استيلائهم على غزة وهي فرصة ربانية أعطيت لهم لكن فشلوا فيها وخانوا أمانة الدين والشرع.

قطاع غزة صار تحت أيديهم دون أي إلتزام دولي، ودون سقف أوسلو، ودون منّة من أحد وبلا إلتزام حزبي ضمن لعبة الديمقراطية الكافرة فما هو الواجب الشرعي حينئذ لو كانوا يعقلون؟ الجواب: هو الحكم بالشرع وإعلانها إمارة إسلامية، وغزة ولا شك أكبر من المدينة المنورة التي بدأت فيها دولة الإسلام الأولى، وبهذا الإعلان تحمِّل حماس الأمة الإسلامية في غزة نتائج وضريبة البراءة من الطاغوت، وهم حينئذ ولا شك سيحصل لهم بدر كما ستحصل لهم أحد، وستحصل لهم الخندق، بل ربما صاروا إلى الأخدود، ولكن ستكون معركة إيمانية صريحة يومذاك : ولكن حماس خانت دين الله، وخانت أمانة الله، وفرطت في دماء الشهداء، بل إن أحد قادتها قال:- نحن لن نحكم غزة بالشرع بل بالقانون، وهم ما زالوا إلى الآن يعلنون إعترافهم بقيادة المجرم المرتد محمود عباس(( أبو مازن)). فهل هذا من الإسلام في شيء؟ الجواب: هذه جاهلية صريحة لا إسلام فيها، وكل عذر يأتون به يستطيع أي طاغوت معاصر أن يقوله اليوم ليعتذر به عن تركها للحكم بما أنزل الله وتركه الجهاد في سبيل الله.

لقد كانت حماس ترتفع في عين الله – فيما أحسب -، وترتفع في أعين الناس بسبب الشهداء والتضحيات والصلابة في الحق، ولكن أقولها وملئي حزن أن حماس فشلت في معركة الإيمان الكبرى، ولم تتجاوزالعقبة، ولن يخرجوا من هذه المرحلة اليوم بانتصار ولا برفعة ولا بفخار، بل سيكون هذا الإمتحان دليلاً على أنهم لا يستحقون الخلافة في الأرض، ولا الإمامة التي وعدها الله بقوله (( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )).

أنا أقول هذا الكلام وأنا محيط بمعاذيرهم وحججهم الواهية، ولكن أقول لكل مسلم صادق: إن ضريبة الجاهلية أشد وأشقى من ضريبة الموت في سبيل الله ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً)) وإن المصالح التي تزعمون تحقيقها بترك الحكم بما أنزل الله وإعلان قطاع غزة إمارة إسلامية ستعود وبالاً عليكم وعلى المسلمين تحت إمرتكم والتاريخ سيشهد على ما أقوله هنا وهو الحكم بيننا وبين كل من يتخلى عن الحق مقابل الوهم الخادع.

لقد اختارت طالبان طريق الشهادة، أعلنتها إمارة إسلامية، وتحملت التكاليف وأعذرت إلى الله، فهذا وسعنا، وهذه طاقتنا، وذهبت طالبان، لكنها ذهبت نقية في معركة إيمانية هي كحذو القذة بالقذة مع خبر الله تعالى في أهل الأخدود كما في سورة المعارج، وقال الملا عمر كلمته الإيمانية المجيدة: " هنا وعدان؛ وعد الله ووعد بوش، وأنا أثق بوعد الله" والأيام قادمة وسيرى الناس لمن العاقبة بين الفريقين.

 

tealscrollroses_small.gif

جمع وتنسيق النخبة للإعلام (تويتر)