JustPaste.it

http://s04.justpaste.it/files/justpaste/d239/a9623667/0027-small2.gif

logo-small_small.gif

نظرة جديدة في الجرح والتعديل؛محمد سرور

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

من المهم التنبيه على القواعد التي من خلالها نحكم على الأشخاص والتنظيمات، وقد قدمتُها في مقدمة البحث بشكل لم يتنبّه له بعض القراء، فها أنا أذكرها هنا:

1 - القاعدة الأولى : فهم الرجل أو الجماعة لفهم أهل الحق (الفرقة الناجية) في توحيدي الشرع والقدر، علماً وعملاً. وهذا أساس التفريق بين السني والبدعي.
2- القاعدة الثانية : قرب الرجل أو التنظيم وبعده في استسلامه للنصوص، فهل هو أرائتي أم أثري؟.
3- القاعدة الثالثة : قرب الرجل وبعده في فهمه للطائفة المرتدة، وفي فهمه لقتالها، وهذه القاعدة تكشف لنا قدرة الرجل أو التنظيم في تطبيق القاعدتين السابقتين.

والآن أين محمد سرور من هذا ؟.

ابتداءاً نحن مع محمد سرور ضد خصومه من أهل البدعة، ونرفض أن تَستَغِل هذه الطوائف الحقائق التي ننشرها في هذه الورقات ضد سرور أو غيره، وما هذه الدراسات إلا أمانة في أعناقنا نضعها بين يدي المجاهدين، ولهم وحدهم حق الانتفاع.

أما الفرق البدعية التي نقف مع محمد سرور ضدها فهي :

1 - الشيعة الروافض: عليهم من الله اللعائن، إذ أن هذه الفرقة من أخبث الفرق البشرية من جهة أهل السنة والموحدين لأنها من اليهود ومع اليهود.
2 - دعاة نبذ فهم الواقع وفقهه، وهؤلاء من أجهل ما عرفت البشرية من بشر بغض النظر عن انتسابهم وشعاراتهم سواء كانت مذهبية أو سلفية.
3 - السلفيون المزعومون: وهم الكتلة التي نقمت على سرور أن يسرق منها بعض أوراقها المشيخية بحجة أنه يدعو إلى العمل التنظيمي أو إلى كشف حقائق أولي الأمر المرتدين وغيرها.
4 - التيار الإسلامي المستنير! (الأرائتيون) المتكلمون: فإن مجلة السنة مع غيرها لها الفضل في كشف هذا التيار البدعي الضال. والحق أحق أن يتبع.

وإن شاء الله لن تمنعنا مهابة الناس أن ننطق بالحق أو نكتبه.

والآن إلى تطبيق القواعد على محمد سرور :

لو أتعب الباحث نفسه فلن يجد لسرور في أول قاعدتين شيئاً، سوى ترديده المتكرر: أنه يجب اعتماد منهج أهل السنة والجماعة في بناء الأشخاص والتنظيمات، وهذه ليست كافية للحكم على سرور أنه سني أو بدعي؟ أرائتي أم أثري؟ لسببين:

أولاهما : أن هذا الشعار يرفعه ويردده صاحبه الحق، وصاحبه المدعي، بل إن أكثر الجماعات انحرافا عن السنة وسبيلها خارج إطار طائفة الشيعة الروافض لا تفتأ رفع هذا الشعار، فالعبرة في التدقيق والعمل.

ثانيهما : رأينا سرور يتعامل مع هذا الشعار مقابل الروافض، وليس مقابل أهل البدع عموماً، وهذا في مواطن مثيرة في مجلّة السنّة القائم على كتابتها وإدارتها. ففي عدد السنة (25) سمى السودان بالبلد السني المسلم وقال: ولم يصدر عن أهل هذا البلد ما يجعلنا نعتقد أنهم غيّروا دينهم أو غيروا منهجهم السني.

ولو حاولنا أن نستطلع معالم أهل السنة والجماعة في عقلية سرور من خلال كتابه: الحكم بغير ما أنزل الله وأهل الغلو - بشقَّيه - فلن نخرج بشيء، مع أن سرور قد صَدَّر الكتابين بعنوان مثير: "قضايا العصر على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة"، وقد حاول سرور أن يتعامل مع أهل الغلو بنوع من العلم والفقه فلم يفلح، وأستطيع أن أجزم أن سرور لم يكتشف الأخية التي انحرف فيها شكري مصطفى وجماعته المنحرفة عن جادة أهل السنة والجماعة، بل والحق كذلك أن سرور لم يفهم ما هو منهج شكري مصطفى قبل أن يردّ عليه، وأمثلة جهل سرور بفكر شكري كثيرة منها على سبيل المثال ما ذكره في ص123 تحت عنوان "أصلان جديدان" فإن سرور لم يعرف ما وجه قول شكري، إن من أدلة الهدى عنده: السموات والأرض ودليل الفطرة، فليت سرور سأل قبل أن يسوّد كتابه بلا فهم، وأقبح من هذا فعله مع جماعة التوقّف والتبين، فكتابه بحق ينصر هذه البدعة لضعفه وعجزه عن معرفة الردّ الصحيح على هذه الجماعة.

ولم يكتشف سرور بعد ما هو أساس الخلاف بين السنّي وبين جماعة التوقف والتبين في موضوع الإيمان. وهذا يدل على أن سرور لم يحظ من أهل السنة والجماعة إلا الشعار، وللتذكير فان الحاجة كانت ماسة أن يخرج لنا سرور كتاباً في الحكم بغير ما أنزل الله وأهل الإرجاء، وهم الذين يملأون الأرض شرقاً وغرباً ولكنه لم يفعل، مع أني في شك من قدرة سرور على عمل هذه الدراسات.

والحق أن سرور رجل يرفض في كل ما كتب وسوّد أن يعطي أحكاماً قاطعة في مسائل كثيرة تحتاجها الحركة الإسلامية المعاصرة، مع أنه يدعو وجماعته تدعو إلى وجوب فهم الواقع، لكن السؤال: ما هي الفائدة أن يسوّد محمد سرور مقالاً في مجلة السنة عدد (12) وما بعدها، ثم ينشره لفائدته العظيمة كما يظن على شكل كتيّب بعنوان "هل عرفتم الآن حقيقة حكّامكم؟"، فلا يقدّم سرور فيه شيئا يستحق أن يبعث في نفس السني حكماً شرعياً في هؤلاء الحكام، بل ولا يقدّم محمد سرور شيئاً من هذه الأحكام فيهم، ثم أين القضية الأولى والمهمة بين الموحدين وبين هؤلاء الحكّام؟، وأعني استبدالهم للشريعة والحكم بغير ما أنزل الله، وهذا نقوله لأننا قرأنا كل ما كتب سرور في مجلته، وكل ما أصدره من كتب فلم نر له شيئا يستحق أن يُبنى عليه حكم شرعي لهؤلاء الحكام، أما هذه العمومات التي يكتبها في السنة وما يصدرها في كتبه فهذه يعرفها أهل الإفراط وأهل التفريط، وليس منها نستطيع أن نكتشف أو نحكم على قائلها بأنه سني أو بدعي إلا بعد أن يصدر حكماً شرعياً، لأن الحكم الشرعي لن يكون فيه هذه الفضفاضية التي تسمح للجاهل بالستر على جهله، ولا بالزئبقي بالهروب إلى حيث يقتضي الظرف والمصلحة الشخصية.

سرور في هذا الباب لا يعدو أن يكون من جماعة الإخوان المسلمين، ولكنه استطاع تمرير حقيقته على تيّار الجهل بفقه الواقع حين استخدم شعار أهل السنة والجماعة، واتّباع منهج السلف الصالح، وسنرى فيما يأتي كيف أن سرور ليس له منهجٌ واضح في التعامل مع الأمور، بل هو مضطرب أشدّ الاضطراب فيما يصدر ويقول، وهذا يجعلنا نؤكد أن هذا الشعار الذي رفعه لا يعرف من حقيقته شيئاً سوى حقيقة واحدة، (وهي عريضة يكتشفها الأعمى) هذه الحقيقة هي: نبذ أهل الرفض الملاعين وعدم الاغترار بشعاراتهم الخادعة.

و مما ينبغي أن نؤكّد عليه أن العمومات لا تكفي في هذا الزمان للحكم على الشخص، بل لا بد من الدخول إلى الدقائق حتى نستطيع أن نكتشف الحقيقة، والأمثلة في ذلك كثيرة وأهمّها: موضوع الإيمان وحقيقته عند أهل السنة والجماعة، فإنّك تسمع (الجميع!!) يردّد: الإيمان قول وعمل، ولكنك حين تنظر إلى جـانب التطبيق لهذه الحقيقة تكتشف عمق الخلل. وكذلك موضع الجهاد: في السنة عدد (34) محمد سرور، وفي افتتاحية العدد يتكلم بتوسع إنشائي كالعادة عن الاتفاق الفلسطيني اليهودي ويقول فيه: لا أدري والله ماذا كانت شعوبنا تنتظر من عرفات وغيره من الزعماء العرب، وإلى متى تستمر هذه الأمّية السياسية؟!.. ألا يرون سيرة هؤلاء الأقزام من شعوبهم.. ألا يرون حربهم الشرسة ضد الإسلام والمسلمين.. ألا يرون ولاءهم للكفار المشركين. اهـ. فكما ترى هذا كلام جميل ورائع وهو يصلح مقدّمة وحيثية عند البعض لإصدار حكم شرعي فيهم: والحكم الشرعي هو أن حكامنا كفّار لأنهم يحاربون الإسلام والمسلمين ويوالون الكفّار المشركين. أليس كذلك؟ وفي نفس المقال: يتباكى سرور على الجهـاد، ويقول ويتسائل: فهل أصبحت أحكام الجهاد تراثاً يدرسه طلاّب العِلم دون أن يكون له وجود فعلي؟! إذاً سرور يطلب من المسلمين الجهاد (والآن).

لكن يا أستاذ سرور: سيسألك الناس: نجاهد من؟ ومع من؟ أليس الواجب أن نقاتل هؤلاء الكفار الذين منعونا أن نجاهد اليهود؟ ألم يُكتب في مجلتك في نفس العدد (34) بقلم محمد الأحمد ص 93 حكماً شرعياً يقول: "بل لا خلاف بين العلماء أن أي طائفة امتنعت عن جهاد الكفار أو ضرب الجزية عليهم تُجاهد هي بذاتها (كذا) حتى ترجع إلى الصواب وتلتزم هذه الفريضة المحكمة".

أرأيت أخي المجاهد هذه العمومات ما أجملها، لكن أنظر إلى النتائج التي ينتهي إليها في معارضة هذا الاتفاق اليهودي - العلماني (مع أن القضية الحقيقية بين المسلم وبين الحكّام كانت قبل الاتفاق وهي باقية بعد الاتفاق): يقول سرور في كتيبه الذي أصدره المركز بعنوان: "مؤتمر الاستسلام وأبعاد المعارضة الإسلامية" عن كيفية معارضة هذا الاتفاق، يقول: "معارضتنا لمؤتمر الاستسلام لها حدود، وتجاوز هذه الحدود مهلكة" (نقلا عن السنة17/ص22) ويقول: "إن إنكار المنكر واجب على كل مسلم، فلا بد أن ترتفع أصوات الدعاة (بشجب!!) هذه المؤامرة، وبيان أبعادها ومخاطرها".

أي أن حدودنا تنتهي فقط إلى الشجب.

محمد الأحمد يدعو إلى قتال الطوائف التي امتنعت عن الجهاد. والسؤال الآن إلى محمد سرور: من هي هذه الطوائف في عصرنا؟.

قطعاً ليسوا هم الحكام وطوائفهم في عقلية سرور، لأن سرور يستهزئ عمن يقول ذلك في عدد السنة رقم (5) ويكيل لأصحاب هذا القول أشد أنواع الألفاظ اتّهاما واحتقارا كما سيأتي في بحثنا عن محمد سرور ومنهجه في التغيير.

هذه الأمور وغيرها كثيرة جداً تدلك على أن المنهج العلمي عند سرور ضعيف بل وأشدّ من ضعيف وهذا الضعف مع إطلاق العمومات التي لا تشفي غليلاً هي التي دفعت جمال سلطان (وهو محسوب على سرور فكراً وتنظيماً) في عدد السنة (11) يتساءل متحيّرا قائلاً: من الطبيعي أن المهتمّين بمسألة (فقه التغيير) من الإسلاميين، سوف يواجهون الشباب بسؤالهم الضروري: ما السبيل؟ وما الحل؟. السؤال صعب كما يبدو، وقد تكون الإجابة عليه مُرّة.

وعجيب من جمال أن يقيّد السؤال: بالشباب. لأن السؤال حين يكون من شباب، فسرور لا يرد عليه لأن سرور لا يأبه للشباب كما سيأتي.

وعجيبة أخرى أن يكون (الشجب) وهو الحل عند سرور مُراً.

وفي النهاية قد اعتذر عنه بعض أتباعه أن محمد سرور تخصصه الدراسي في مادة التاريخ وليس في الدراسات الشرعية، فليت الإخوة يتعاملون معه بهذا الأمر وفقط. وصدَق العتابي حين قال: لو سكت من لا يعلم عمّا لا يعلم سقط الاختلاف.

1) منهجه في التغيير :

ما نقوله عن منهج الأستاذ محمد سرور في التغيير هو من خلال قراءتنا له، وقد تكلّم في ذلك كثيراً في مقالاته التي يـصدرها في مجلّة "السنة"، وقد تكلّمنا في العدد السابق عن عدم وضوح التصور الشرعي للواقع عند محمّد سرور، وقد اعترف محمد سرور بشيء من هذا في مقاله الذي أبان فيه شيئاً عن نفسه في (السنة عدد 27) حين قال في معرض حديثه عن شروط القيادة للعمل الإسلامي، وعدم توفّرها فيه، قال: قناعتي بأن المسؤول عن جماعة إسلامية لابد أن يكون عالماً مجتهدا في العلوم الشرعيّة، وهذا الشرط غير متوفر فيّ وأنا لا أقول هذا القول تواضعاً، ولكن هذه هي الحقيقة، ورحم الله رجلاً عرف قدر نفسه. اهـ. ولكن أما كان قرّاء السنة بحاجة إلى دراسة شرعية (من الجماعة) توصف لنا حقيقة الواقع الذي نعيشه؟ ولماذا يوجد عندنا الجرأة أن نطلق على الروافض حكم. كافر ومرتد ومنافق وفاسق - كما في (السنة 27 ص 44) وهي أحكام بفضل الله صحيحة - ولكن لا نجد كلمةً واحدة في الحكم الشرعي لحكَّامنا؟ أم أنّه يكـفي أن يقال عنهم: متجبّر (السنة11 ص19)، الزبانية (السنة15 ص15)، وغيرها من الألفاظ العامّة التي لا تنشيء حركه شرعية مع هؤلاء الحكّام ومع هذا الواقع.

وعلى هذا فليت هذه الحركة ومعها الأستاذ محمّد سرور تبيّن عن تصوّرها الشرعي للواقع الذي نعيش فيه، حكّاما، طوائف حاكمة، ونحن نقول هذا لا لأننا نجد أن هذه الألفاظ العامة تلوكها بعض الجماعات الإسلامية ويلعب بها حسب الحال والحاجة، فالإخوان المسلمون مثلاً ملؤوا الأرض شرقاً وغرباً قولهم أن حكومات الشعوب المسلمة غير شرعية! فهم يجمعون الشباب على هذا اللفظ، وحين يميل الهوى تصبح إسلامية وفي الموقع الآخر غير إسلامية.

إن لفظ (غير شرعية) يحتمل عدّة معان. ونحن نتعبّد الله تعالى بالحكم الشرعي، فالمطلوب: إصدار حكم شرعي واضح لا يحتمل تأويلاً ولا مداهنة.

وممّا يوجبه علينا الحق أن نقوله: أن مجلة السنة لا تستثني حاكما من كشفه وتعريته وبيان واقعه الفاسد، لكننا نقول: إن هذا كلّه لا يكفي كمنتهى، بل لا بد أماناً من الانحراف وتغيّر المسير، وانحراف الطريق من المحاولة الجادّة في دراسة الأمر من قبل سرور وجماعته دراسة شرعيّة لهؤلاء الحكام وإصدار حكمٍ شرعي واضح لا لبس فيه ولا غموض.

إن عدم وجود الوصف الشرعي للواقع وعدم وجود الحكم الشرعي الصريح يجعل الجزم محتوماً أن البناء الداخلي لسرور وجماعته ضعيفٌ جداً ولا يختلف شيئاً عن جماعة الإخوان المسلمين.
ولولا أننا (في هذه الدراسة) نُعرض عن الممارسات، والتصرفات في الحكم على الأفراد والجماعات لأكثرنا للأخوة المجاهدين الأمثلة في بيان تضارب الأشخاص (المنتمين للأستاذ محمّد سرور) واختلافهم في تصوّرهم الشرعي لهذا الواقع، بل لعل خطب الجمعة في مركز المنتدى الإسلامي (بلندن عاصمة أنجلترا) تدلّك على هذا الاضطراب في الشخص الواحد والخطيب الواحد.

ما قلناه عن الأستاذ محمد سرور في بنائه الداخلي نجده بعينه في منهجه في التغيير لأن اضطراب التصوّر الشرعي الصحيح للواقع يفرز ولابد اضطرابا في السلوك والمنهج، والأمثلة كثيرة:
الأستاذ محمّد سرور يؤمن بمبدأ الوحدة والتجميع على أساس قاعدة أهل السنة والجماعة وهذه إحدى شعاراته التي رفعها كما ذكر في السنّة رقم (1) وما تلاها كذلك، لكن من هي الجماعات التي يريدها سرور ويدعو إلى وحدتها:

أ - مدح سرور في السنة رقم (14) جماعة جاب الله (حزب النهضة الجزائرية) وكان معيار تزكية هذه الجماعة كما ذكر هو: الأستاذ جاب الله قد سمعناه في خطبة بتحدث عن المؤامرة ضد الإسلام والمسلمين، وهو من الداعين إلى وحدة الجماعات والمواقف بين الفصائل الإسلامية (ص 34). فهل هذا هو معيار الصواب عند سرور؟ وهل كل من فعل ذلك ينبغي الوحدة معه؟ أين منهج أهل السنّة في الجرح والتعديل؟.

ب - في السنّة رقم (30) نشر محمد سرور رسالة تحت فقرة (مع القراء) من داخل ليبيا أزال منها سرور حسب ما ذكر. قسماً آخرا. خوفا على الشباب المضطهدين في ليبيا، وأبقى فيها حسب مفهومه: (ما لا يضر)، ومما أبقى فيها قول هذا الشاب (الصبي): رغم أننا هنا والحمد لله نتمتع بالفكر السلفـي. فكر سلفنا الصالح - ولا نحمل - والله أعلم - أي أفكار منحرفة كأفكار التكفير أو الجهـاد التي طالما يخاف منها المسؤولون العرب في كل مكان. اهـ. ولم يعلّق سرور على هذا النص شيئاً، وهـو كلام يثير الاشمئزاز ولا بد: ففكر سلفنا الصالح: ليس فيه تكفير (تكفير من؟) وسنحمل العبارة على الوجه الحسن: أي فكر جماعة التكفير والهجرة (الخوارج الجدد). لماذا لم يعلّق سرور على هذا النص العام؟ على كل حال ربما له عذره. لكن الطامّة قوله: أو الجهاد. وهل فكر الجهاد فكر منحرف يا سرور؟ وهل من قال أن جهاد هؤلاء الطواغيت (كالقذافي حاكم البلد الذي صدرت منه الرسالة) هو انحراف عن أهل السنّة والجماعة؟ وهل قائل هذا القول عنده مسكة من علم شرعي أو مرت عينه يوماً على حديث الطائفة المنصورة، وأنها طائفة مجاهدة؟ ألا حسيبكم الله.

ثمّ هل فكر السلف الصالح لا يخيف الطواغيت حقاً؟ أم هكذا تربّى الأجيال ويُعلَّم الشباب؟.

ج - نشر سرور في السنة (41) الوثيقة التي أصدرتها بعض الجماعات المجاهدة التي لم تتحد تحث راية الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، وكان الواجب الأخوي يقتضي من سرور أن ينشر وثيقة الوحدة التي صدرت قبلها ولكنّه لم يفعل، وهذا انحياز واضحٌ من سرور إلى جانب الفُرقة وعدم الوحدة، ألا ليت الشيوخ لا ينسون شعاراتهم عند تدافع الأهواء.

2) سرور والانتخابات :

في السنة رقم (4) يقول محمّد سرور: لا أعتقد أن الانتخابات تصلح كوسيلة من أجل أن يكون الدين كلّه لله، وأحسن الاحتمالات أن يحقّق الإسلاميون إنجازاً طيّباً ويحقّق الجاهليون إنجازاً آخرا وقد تكون النسبة الأولى أكثر من الثانية. اهـ. (ص39).

ويقول بعدها: ومع ذلك فاختياري لهذا الموقف لا يتعارض مع دعم إخواننا الذين يرون خوض المعارك الانتخابية... فقد ينجحون في تحقيق خيٍر كثيرٍ فيكون ذلك شذوذا عن القاعدة، وإن لم يحققوا هذا الخير فنكون باختيارنا ودعمنا لهم قد أغلقنا الطريق أمام المفسدين. اهـ.

فكما ترى أن موقف محمّد سرور من الانتخابات موقف متميّع لا وضوح فيه، وليس هو موقف شرعي لأن قوله: "الانتخابات لا تصلح وسيلة لإقامة دين الله تعالى". فعدم الصلاح ليس كافيا لتصوّر حقيقة الانتخابات من الوجهة الشرعية، وهذه الميوعة الفكرية هي التي سمحت لأحمد بلوافي أن يقول في السنّة رقم (19) تحت عنوان: وأخيراً عادت الجزائر إلى الحظيرة. يقول: وفي الحقيقة فإن كثيراً من الإخوة الذين لهم موقف من الانتخابات والديمقراطية ينتقدون الجبهة، وموقفهم هذا غير صحيح لأن الجبهة حاولت أن تستغل مثل هذا الطريق لكنها لا تؤمن بالمفهوم الغربي للديمقراطية، ولا بالدستور الذي سطره ابن جديد وزبانيته. (ص41) مع أنه يقول بعد ذلك في (صفحة45): إن ما حصل في الجزائر يبين طبيعة هذا الدين واستحالة إقامة حكمٍ إسلامي عير نهج الديمقراطي الغربي، إلا أن هذا لا يمنع من الاستفادة من جو الحرية إن فسح للإسلاميين المجال. ومع أن هذا الكلام من سرور ومن أحمد بلوافي يضرب بعضه بعضاً إلا أن الخلاصة هي: جواز الدخول في اللعبة الديمقراطية بشرط عدم الإيمان بها كوسيلة توصل إلى النتائج. وهذه النتيـجة ولا شك لُغز فكري يحتاج إلى حل. وليت الإخوة يقرؤون حيرة الدكتور عبد العزيز الشيخ في السنة رقم (29) أمام هذه المواقف. واضطراب الناس في البرلمان وحكمه الشرعي حسب ما تمّ في تجربة الجزائر.

3) سرور والجهاد :

موقف سرور من جهاد الطواغيت مضطرب ككلِّ الأفكار التي يحملها وإليك الحقيقة:

أ - في السنّة رقم (31) د. عبد العزيز يتباكى على جماعات الجهاد في مصر ويقول: وجماعات الجهاد عازمة فيما يبدوا على ألا تضع السلاح بعد أن أُرغمت على حمله ثأراً للدماء والأموال والأعراض، بعد الغضب للدين الذي أهين على ألسنة المنافقين والزنادقة (ص90). وفي (ص98-99) يؤيِّد جماعات الجهاد ضد العلمانية.

ب - في السنة رقم (9،10) سرور يمدح قاتل السادات (ص10).

ج - أحمد الغريب يقرّر أنّ حمل السلاح في الجزائر مسرحية للكيد بالدعاة، وهي كمسرحية حمل السلاح في مصر وحماة (سوريا). (ص81).

د - في السنة رقم (15) مدح الجهاد الأرتيري، وهو جهاد ضدَّ طوائف الحكم الكافرة (ص 76).

هـ - سرور يشتم الشباب لأنهم يفقدون العلم والحكمة (السنة رقم1)، ويستغلّ عواطف الشباب في جلد الحكماء!! يقول في السنّة (34) - ولم يذكر كاتب المقال -: يا علماءنا إنّ الشباب من الدعاة إذا تكلّموا قال النّاس: متحمّسون، متهوّرون! أمّا أنتم فأهل الخبرة والحنكة والحكمة.. الخ.

في العدد الخامس من السنة يرد الأستاذ محمد سرور على جماعات الجهاد المقاتلة، ويبين عدم فهمهم لفتوى ابن تيمية التي تجتمع على وجوب قتال الممتنعين عن الشرائع. يقول محذّراً الجزائريين من حمل السلاح: إن المجموعات التي تخطط لهذه الأعمال (القتالية) قد جانبها الصواب، وخالفها التوفيق والسداد وإن المرء ليعجب من العقلية التي يفكّرون بها: فتارة يقولون بجواز قتل الشرطة والجند ويرون أن المقتولين يحشرون على نياتهم، ويتوهمون أن شيخ الإسلام ابن تيمية أفتى بمثل هذا عند غزو التتار لبلاد الشام، وتارة أخرى يقولون: إن الشرطة والجند ورجال الأمن كفّار مرتدّون، ودليلهم على ذلك قوله تعالى: {إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين}، هكذا يعزلون النص عن أسبابه، ويفسرونه كما يشاءون، ويهملون أقوال كبار الأئمة المحققين، ويتجاهلون النصوص الأخرى التي تخصص معنى هذا النص وتقيده، وفضلاً عن هذا وذاك فهم ليسوا من أهل الفتوى، ولا يجوز لهم أن يخوضوا في مثل هذه الأمور. اهـ النقل.

ومع ما في هذا الكلام من مغالطات وأخطاءٍ فاحشة، إلا أننا نستفيد منه فائدتين مهمتين هما:

الأولى : نرجو من سرور أن يحفظ هذا الموقف ولا يغيره إذا ما أخذ الجهاد في الجزائر بعده الحقيقي. وذلـك لأننا وجدنا مشايخنا حفظهم الله يغيّرون مواقفهم حسب الظروف، وما الجهاد الأفغاني عنّا ببعيد، أقول هذا لأني وجدت منه بعض الإشارات تشيد بالجهاد الجزائري كقوله في السنة عدد (25) ص24: إن استمـرار الحكم بالشريعة قضية تهم كل مسلم، فهذا وقت الجهاد من أجل تثبيت دعائم هذا الحكم (أي السوداني) ومن أجل التقاء أفغانستان مع السودان، ومن أجل سقوط النظام الجاهلي في الجزائر وعودة جبـهة الإنقاذ. اهـ. وانتبه إلى قوله: "فهذا وقت الجهاد" وكان موعد هذا الكلام في ربيع الثاني (1413هـ)، وكان قبلها في العدد (15) بتاريخ (صفر 1412هـ) قال: يا دعاة الجزائر لم يحن القطاف بعد، وبيّن أن حمل السلاح مسرحية للكيد بالدعاة كما حصل في مصر وسوريا (انظر ص15).

الفائدة الثانية : أرجو من أصحاب المنهج السلفي أن يعيدوا قراءة هذا النص بعيداً عن التقليد والعصبيّة ويتمعّنوا في قوله: هكذا يعزلون النصّ عن أسبابه... ولذلك فهم ليسوا من أهل الفتوى، ولا يجوز لهم أن يخوضوا في مثل هذه الأمور. وهي عبارات لم نتعوّد سماعها، بل لم تطرق آذاننا إلا من المذهبيين المتعصّبين، أصحاب العصمة الكنسية في تحريم النظر في النصوص إلا لمن لا وجود له.

نعم هذه عبارة تعد في المنهج السلفي عبارة تزوير وحيدة عن وجه الحق والصواب في مناقشة الأمور وهي تبين لنا أن عقلية الأستاذ محمد سرور ما زالت تعمل خارج المنهج السلفي.
في العدد (16) تحت فقرة "مع القراء" يكرر الأستاذ محمد سرور تحذيره من حمل السلاح في الجزائر، ويكرر أن وضع بلادنا ومنها الجزائر تختلف عن واقع ابن تيمية عندما أفتى بقتال التتـار.
ومقاله جدير بالقراءة والحفظ، ومما قال فيه: لا يصح إسقاط فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في التتار على أحداث الجزائر وذلك لأسبابٍ كثيرة منها: أن التتار غزاةٌ مستعمرون، وكانوا إذا احتلوا بلداً من بلاد المسلـمين أهلكوا الحرث والنسل.. ومنها: أن الجميع قد تصدّى لهم نائب السلطان و جنده وعلماء الأمة ومختلف فئات الشعب، وعندما اختلف العلماء في قتالهم... وصدرت فتوى شيخ الإسلام لم يعارضها أحدٌ من علـماء عصره ومنها: أنّه كان للمسلمين في بلاد الشام أرض يقفون عليها وكانت لهم قيادة شرعيّة ارتضاها الجميع رغم ضعفها.

ثم تابع قائلاً: ولا يجوز أن ينفرد بهذه الفتوى نفر من الشباب الذين يفتقدون أدوات الاجتهاد. اهـ.

والحق أن هذه المناطات التي علق عليها الأستاذ محمد سرور الخلاف بين الواقعتين لا أقول عنها إلا أنها جدُّ مضحكة، بل هي في الميزان الفقهي أدنى من أن تنسب إلى فقيه أو عالم أو مفكر، وضيق المقام يمنعنا من بيان فسادها وانهيارها، لكن أرجو من الأسـتاذ محمد سرور أن يتبرّأ من هذه العبارات، وليتذكر أنّه أمام مسألة فقهية لا تعالج بالأسلوب الإنـشائي، وأرجو أن لا يضطر مضطر إلى تحليل جهلها في الميزان الفقهي الشرعي، ويبين فيها من الذي ينبغي أن يقال له: تفتقد أدوات الاجتهاد.

4) محمد سرور والجيش :

أ - في السنّة عدد (23) يحكم الأستاذ محمد سرور على جنرالات الجيش الجزائري بالكفر والردة حيث يقول: إن كفر جنرالات مجلس الرئاسة لا يشك بها عالمٌ منصف، ويسوق الأدلة على كفرهم وهي: يوالون أعداء الله، ويشنّون حرباً لا هوادة فيها على أولياء الله، وإعراضهم عن دين الله واضح لكل ذي بصيرة. انتهت عبارته.

ب - في السنة رقم (15) يقول الأستاذ محمد سرور عن ابن جديد الرئيس الجزائري السابق: بجرة قلم ألغى النظام الاشتراكي... ثم طلب من العسكريين أن يعتزلوا العمل في الحزب الحاكم فاستجاب الجيش كلّه. ويقول فيها كذلك: وإذاً فإن رؤساء الحكومات وقادة الجيش وما تبقّى من تركة حزب جبهة التحرير الحاكم أدوات يستخدمها ابن جديد لتثبيت نظامه الطاغوتي. اهـ. فالجيش إذاً بيد الحاكم ابن جديد.

ج - في السنة رقم (5) يقول الأستاذ محمد سرور: أما الذين يهددون بتدخل الجيش واستخدامه ضد الدعاة والجماعات الإسلامية فعليهم أن يتذكروا جيّداً أن الجيش من هذا الشعب المسلم، وقد ولّى الزمن الذي كان فيه الظالمون يستخدمون الجند كما يستخدمون متاعاً من أمتعتهم، إن الواجب يحتم على الإسلاميين أن يهتموا بإخوانهم العسكريين. اهـ. فالجيش ليس بيد ابن جديد، وهو جيش مسلم، لأنه من الشعب المسلم.

د - في السنّة رقم (36) يورد الأستاذ محمد سرور تقريراً عن حقوق الإنسان في الجزائر ومما يذكر فيه: حتى المساجد لم تسلم من أساليبهم الخسيسة، وعند اقتحام المنازل يقوم أفراد القوات الخاصة (NINJA) الملثّمين بتكسير وتدمير ما يصادفهم من أثاث منزلي وأجهزة ومعدات.. أما الاعتقال في المساجد فإنه لا يراعي فيه حرمة هذه الأماكن المقدسة، وتسفك فيها الدماء في أحيان كثيرة بل ذهب الأمر ببعض أعوان الشرطة إلى أن داس على المصحف برجله. اهـ.

إذاً أعوان الشرطة يقتلون الناس وينهبون البيوت ويسطون على الأعراض ويسفكون الدماء ويدوسون على المصاحف.

هـ - في السنّة (5) و (16) : يدافع عن الجند وأن فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية لا تنطبق عليهم كما تقدّم.

و - في السنّة رقم (11) يقول الأستاذ محمد سرور: أخي الجندي.. أنت أيها الجندي الذي هدمت مدينة حماة مرَّتين ولم تتردد في دكّ مساجدها وتحويلها إلى أطلال.. أيها الجندي: أنت الذي قتلت مروان حديد، وممدوح جولحة، وعبد الستار الزعيم.. في كل ركن ومدينة من عالمنا الإسلامي لك ضحايا وآثار تُنفِّرنا منك. اهـ.

ومع ذلك فالتتار فقط هم: كانوا إذا احتلّوا بلداً من بلاد المسلمين أهلكوا الحرث والنسل. وهذا لا ينطبق على الجند وأعوان الشرطة السنة (16).

أظن أخي المجاهد أنك تدرك الآن هذا الكلام يضرب بعضه بعضاً بقوة واضحة لا تقبل تأويلاً. ولولا ضيق المقام لكشفنا لأعشى العين هذا الاضطراب بل التضاد.

5) سرور واغتيال الطواغيت :

أ - في السنة رقم (34) تحت عنوان أول الغيث قطرة: تذكر (السنة) كلاماً طويلاً عن الوضع في مصر ويسوق قضية فرج فودة. فلا تدري هل يمدح قاتلي فرج فودة أم لا. لكنه لا ينسى أن يذكر موقفه من جماعات الجهاد بقوله: "وأنا لا أنكر دور المجموعات الإسلامية المتشددة" وذلك في تذكية صورة الإسلام السياسي القبيح في الصحافة المصرية.

ب - في السنة رقم (31) يسوق الأستاذ محمد سرور كلاماً على وجه المدح لما قام فيه طلاب مروان حديد وأعوانه من أعمال جهادية في سوريا (الافتتاحية).

ج - في السنة رقم (9) و (10) يمدح الأستاذ محمد سرور قاتل السادات، قال الأستاذ: ولكن الله كان لهذا الخائن (السّادات) بالمرصاد حيث أقدم أحد المؤمنين بالله من العسكريين المصريين على قتله يوم زينته وجعله عبرة لمن يعتبر، رحم الله قاتله - خالد الإسلامبولي - رحمةً واسعة وأدخله فسيح جنانه. وفيها كذلك يذم كبار العلماء في السعودية وغيرها الذين يفتون بحسب هوى السلطان هناك حيث يقول: عجيبٌ أمر كبار العلماء المعتمدين من قبل حكومات هذا العصر.. كانوا (كذا) لا يردون لرؤسائهم أمراً، ولا يقدِّمون على قولهم قولاً.

د - في السنّة (33): الأستاذ محمد سرور يعلن عدم رضاه عن طريقة أتباع الشيخ عمر عبد الرحمن المصري (أي الجماعة الإسلامية المصرية). وعدم رضاه عن طريقتهم في العمل.

وفي النهاية فالأستاذ محمد سرور له جهد مشكور في بناء العمل الإسلامي، ولكن ليس هو ممن وصل إلى الأمل المنشود في وصفه لهذا الواقع من الناحية الشرعية، ولم يصل بعد إلى ما نرجو منه في فقه الطائفة المرتدة وقتالها، وأرجو من الأستاذ ومحبيه أن ينظروا إلى ما بينّـا بعين الإنصاف والعدل.

والله الموفق.

tealscrollroses_small.gif

جمع وتنسيق النخبة للإعلام (تويتر)