ابن الفرضي
العالم الشهيد ؛ ابو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي ، المعروف بابن الفرضي:
اســير الخطايا عند بابك واقف |
على وجل مـمـا به أنت عارف |
|
يخاف ذنوبا ولم يغب عنك غيبها |
ويـرجوك فيها فهو راج وخائف |
|
ومن ذا الذي يرجو سواك ويتقي |
وما لك في فصل القضاء مخالف |
|
فيا سيدي لا تخزني في صحيفتي |
إذا نشرت يوم الحساب الصحائف |
كان ابو الوليد - رحمه الله تعالى - حسن الشعر والبلاغة وشعره رائق ، وهذه الابيات الأربعة هي من شعره يناجي بها سيده ومولاه رب العزة والجلال .
ابو الوليد أندلسي المولد والنشأة ، كان فقيها عالما ، عارفا بعلم الحديث ورجاله ، بارعا في الأدب وغيره ، وله تصانيف جليلة منها : " تاريخ العلماء والرواة للعلم بالاندلس " وقد طبع بعناية عزت عطار الحسيني ، وهو كتاب بديع في بابه ، وقد ذيل عليه ابن بشكوال بكتاب " الصلة " ، وله كتاب حسن في " المؤتلف والمختلف " وهو فن جليل في علم الرجال يبحث في ما يأتلف أن يتفق في الخط صورته ، ويختلف في اللفظ صيغته ، مثل : " كريز " هل هي بالفتح أم بالضم ، فهي بالفتح في خزاعة في عبد شمس ، وله كتاب في مشتبه النسبة ، وكتاب في أخبار شعراء الأندلس .
وكعادة المغاربة فإنه رحل إلى المشرق سنة 382هـ ، فحج وسمع من العلماء وأخذ منهم وكتب عنهم وجمع من الكتب أكثر ما جمعه أحد من أهل بلده .
أما مولده فكان في ذي القعدة ليلة الثلاثء لتسع بقين منه -21 ذي القعدة- سنة 351هـ ، وتولى القضاء في بلسنة في دولة محمد المهدي المرواني - نسبة لمروان -
قال الحميدي - تلميذ علي بن حزم - أبي محمد في " جذوة المقتبس " : اخبرني أبو الوليد بن الفرضي قال : ( تعلقت بأستار الكعبة ، وسألت الله الشهادة ، ثم انحرفت وفكرت في هول القتل ، فندمت وهممت أن أرجع فأستقيل الله ذلك ، فاستحييت ) .
قال أبو محمد : فأخبرني من راه بين القتلى ، فدنا منه ، فسمعه يقول بصوت ضعيف ، وهو في آخر رمق : (( لا يُكلم أحد في سبيل الله ، والله أعلم بمن يكلم في سبيله ، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما ، اللون لون الدم والريح ريح المسك )) ، كأنه يعيد على نفسه الحديث الوارد في ذلك ، قال : ثم قضى نحبه على أثر ذلك . - والحديث المذكور في صحيح مسلم -
قتل رحمه الله تعالى على يد البربر يوم فتح قرطبة ، يوم الاثنين في 6 شوال سنة 402هـ كهلا ، وبقي في داره ثلاثة أيام ، ودفن متغبرا من غير غسل ولا كفن ولا صلاة رحمه الله تعالى .
[عن نشرة الانصار]