JustPaste.it

http://s04.justpaste.it/files/justpaste/d239/a9621852/0027-small2.gif

logo-small_small.gif

 

الرؤية الشرعية لأحداث أمريكا

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

بسم الله الرحمن الرحيم


وبه نستعين..

قال الله تعالى: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً} [الأحزاب 22].

المياه راكدة، والجو صحو لا تستتر منه معالم الحدث الزمني والتاريخي، بل كل شيء واضح، والنفوس تحدثت فيما بينها؛ هلم لنعيد ترتيب أفكارنا، وهيا بنا نجمع ما تشظى فينا، والكل يطلب فسحة ولو يسيرة ليعود الى كشف حساباته ليرى ما له وما عليه، وفجأة وبلا مقدمات، وعلى قول سكان السواحل: الهدوء الذي يسبق العاصفة.

فجأة كان الحدث، تتابع فقراته الغريبة وكأن العالم أمام خيال مخرج سينمائي يحاول شد المشاهد وإثارته للقطة أو لقطات لم يرها من قبل لا في واقعه ولا في خياله، طائرة لضرب البرج المتعالي في نيويورك. ثم أخرى تأبى أن يحصل فضل هذا المشهد للشقيق دون الشقيق من البرجين، وخلال وقت لا يعدو أن يكون في زمن اي برنامج تلفزيوني ينهار البرجان كقطعة ورق متهالكة، وتوقفت الانفاس على اعتاب اسئلة كبيرة:

من فعل هذا؟

لماذا هذا الفعل؟

ماذا ستفعل أمريكا إزاءه؟

وما هو وجه العالم الجديد؟

  • أولاً: أنا لا أتصور وليس أحد بعيد مثلي يمكن له أن يتصور نفسية القائد الأوزبكي وهو يسمع هذه التفجيرات تتالى مستهدفة رموز امريكا المستكبرة، هل تصوروا أن حرباً بدأت بهذا الزخم ضد وجودها وأن انهيارها قادم؟

    هل هروب الرئيس الأمريكي الى ولايات فقيرة في الجنوب متخفياً في أمكنة سرية هو دليل على انهيار الرؤى المبصرة في ماذا يمكن لمدير الادارة امريكية أن يفعل وفي أي واقع هو؟

    ماذا يمكن للرئيس وكافة الادارة أن تقدر واقعها وهي ترى جزءاً هاماً من رمز القوة العسكرية - البنتاغون - ينهار من طائرة حطت عليه بطريقة الصدام والعناق المؤلم؟

    من السهل الحديث عن المشاهد البعيد ونفسيته وهو يرى هذه الأحداث لأنه كلها قد عاشها، لكن لا بدّ أن نحاول ولو قليلاً أن نعرف كيف تلقت الادارة الأمريكية هذه الصور الهائلة، فإن أمريكا لأول مرة تعيش لحظات ولو قليلة في عمر التاريخ تحت الحرب، فأمريكا كانت دائماً تعيش الحرب في أرض غيرها، وهذا المعنى هو الذي أراده نيكسون في عنوان كتابه - نصر بلا حرب - فما دامت الحرب خارج الأرض فهي ليست حرباً، وما سيقع هو نصر بلا حرب.

    إن محاولتك أيها القارئ البحث عن نفسية الادارة الأمريكية عند وقوع الحدث ربما تكشف لك ما صدر عن رئيسها من كلمات محمومة قذرة وبوليسية ضد المسلمين.

    ومنذ اللحظة الأولى توجهت أصابع الاتهام ضد المسلمين، وأن الشيخ أسامة بن لادن وراءها، اتهام أطلق منذ اللحظة الأولى للحدث سوقته ماكينة الاعلام الغربي وضغطت عليه حتى دخل في عالم المقررات، والى الآن ولبقية من الناس التي تحترم عقولها تتساءل أين الأدلة؟

    في غمرة التساؤل كثرت الطرائف والعجائب وكان احدى أكبر العجائب وأكثرها اثارة أنه قد وجد في حقيبة أحد المتهمين بالعمليات وبعد تدمير الطائرة بالكامل وتشتتها الى قطع صغيرة ولم يوجد بعد أي قطعة للحم لأحد ركابها، استطاع الساحر الأمريكي الخارق في اكتشاف العجائب إلى اخراج رسالة سلمية معافاة لا شوب فيها ولا تغيير من حطام الطائرة... حتى الصندوق الأسود المحصن قد أصابه العطل لكن رسالة المسكين محمد عطا بقيت صامدة متعالية على النيران والصدام ودرجة الحرارة التي وصلت الى 1000 درجة مئوية... عجيبة لا تحدث إلا في بلاد العجائب أمريكا.

    أفاقت الغطرسة الأمريكية من الصدمة، وخرج الرئيس بوش ونائبه بعد أن حلفت له الدوائر الأمنية ألف يمين وقسم أن كل شيء على ما يرام، خرج ليزمجر ويهدد أنه سيهلك العالم أجمع إن لم يدخل معه وتحت سلطانه... من ليس معنا فهو ضدنا... حربنا لن يكون لها حدود... حربنا ليس لها زمن محدود... أحضروا فلاناً حياً أو ميتاً... سنجعلها حرباً صليبية... وتتالت العبارات المحمومة من رئيس دولة يعلم أن تحت يده من القوات والأسلحة ما يبيد بها هذا الكون المسكين، وحينها كان المثل العامي جلياً واضحاً؛ "السلاح في يد الجاهل يخرب"...

    أمريكا سقطت هيبتها فما ضرب ليس بالشيء اليسير، والضربة على البرجين التجاريين هي الأكثر ألماً مادياً، إذ البرجان هما رمز الاقتصاد الأمريكي الناهب لخيرات الشعوب المستضعفة، وهما الأعلى ارتفاعاً في العالم، وفيهما ما لا يتصوره عقل واحد من سكان بلادنا، وقد ذكر الكثير من الخسائر المالية فيهما، وفصل مقدار الشركات التي انهارت، وعدد السكان الذين تبخروا، لكن بقيت عشر طوابق في البرجين لم يعرف الناس والى الآن ما كان فيهما.

    صحفي خبيث التحليل قال وهو يلوي فمه: لقد كان فيهما مركز استخباراتي أمني سري، ولكنه ذهب مع الريح - آسف - مع الحريق.

    وأما الضربة على البنتاجون فهي التي لو فتحت حساباتها لأدرك الناس أن هذا العملاق المتخم بكل وسائل الدمار يحمل قلباً عليلاً مريضاً، فكيف سوقوا على العالم سابقاً بأن هذا المبنى لا يمكن لطائر متسكع أن يمر فوقه دون تصويره وكشف نوعه ذكراً كان أو أنثى، وكيف تسنى لهذا الطائر - أقصد الطائرة - المدنية أن تعانقه هذا العناق المميت، وتقضي فيه على 800 خبير، الله يعلم ماذا كانوا يشربون في مكاتبهم.. كنت أريد أن أقول: ماذا كانوا يخططون ولكني خفت أن يكون هذا تدخل سافر في قضايا سرية.

    بلا شك أن الحدث أثبت أن الكثير مما يعيشه الناس في خيالاتهم هو من صناعة اعلام يكرس الاسطورة والخرافة حتى تصبح أكبر من الحقائق.

    حين خرجت كلمات التهديد الأمريكي المرعبة استجاب العالم كله؛ رئيس يندد، ورئيس يستنكر، ورئيس يتبرع بدمه المصاب باليرقان، ورئيس يلطم على خديه.

    ورفض مشايخ المسلمين أن تفوتهم الزفة فخرجت الفتاوى تزايد على صاحب الجنازة:

    فهذا الشيخ صالح السدلان، ووفي لقاء مباشر في احدى محطات الاذاعة يعلن بأننا يجب علينا جميعاً أن نتحالف مع أمريكا المظلومة ضد من آذاها وأرهبها وكسر هيبتها، وعلى جميع دولنا أن تقدم لهذا الجريح ما تقدمه بحسب قدرتها، ولما اعترضت عليه امرأة مكلومة بما يحدث في أمتنا في فلسطين والشيشان والعراق أخرج سلاماً خاصاً بها وتمنى لها لو كانت في احدى برجي التقوى في أمريكا.

    وهذا طارق سويدان يقول ما لم يقله توني بلير وهو يشارك أمريكا حزنها، يقول: "الادارة الأمريكية حالياً ليست في وضعية تؤهلها للسؤال عن الأسباب وعن دور علاقتها وسياساتها فيما حدث، يجب على الجميع حكومات وشعوب مسلمة وغير مسلمة أن يقفوا وقفة واحدة ضد الارهاب وأن يتعاونوا من أجل قمعه... من حق أمريكا أن تنتقم ممن فعل هذه التفجيرات وممن يحميه أيضاً".

    خطيب المسجد الحرام – السديس - يصيغ خطبة أشبه بخطب نهج البلاغة في سجع أسمائها كالشقشقية والتطجنبية ويبكي على من مات من المساكين والمدنيين في البرجين، وتعصيه الدموع لكن قطعاً لم تستعص عليه هبات ولي الأمر.

    وكانت الفاقرة في شيخ الفضائيات يوسف القرضاوي حيث مدح له الناس موقفه المشرف من اصداره فتوى تحرم التحالف مع أمريكا ضد المسلمين في أفغانستان، فيسمع له الناس دعاءه بأن يحفظ الله المجاهدين، لكنها صدرت بعدها من أهل الضلال والنفاق فتوى له ولجماعة من مجتهدي (آخر زمن) كالمستشار القانوني العوا والصحفي الفقيه فهمي هويدي ويمهرها الأصولي طه جابر العلواني الذي لم يبق له من عراقية إلا بقايا لكنة تصر على عدم انسلاخها منه لأمر هي تعلمه، هذه الفتوى تجيز للمسلم الأمريكي في الجيش الأمريكي - ومرحبا بجندي أمريكي مسلم - أن يشارك في الخطوط الخلفية إذا ضربت بلد مسلم من الجيش الأمريكي، وإذا خاف هذا الجندي أن يتهم في وثنيته - آسف وطنيته - فلا بأس أن يشارك في الصفوف الأولى في الحرب ضد المسلمين المساكين.

    ويخرج العوا ليعوي بأن هذه الفتوى واضحة وبينة ولا لبس فيها ولا غموض، وأنها صنعت في مطابخ تحليل الفقه الاسلامي المعاصر، ومما قاله: "أن على هذا الجندي وهو يرمي بقذائفه وحممه على المسلمين عليه أن يقصد بقلبه أن يقتل الارهاب لا الإسلام".

    ويخرج فهمي هويدي بعد الحرب ليقول: كانت الحالة التي أخرجنا فيها الفتوى هي حال ما قبل الحرب، لكن بعد الحرب... اعطس... رحمك الله.

    والظاهر أن القرضاوي قد تأثر بفقه الرافضة وبدأ بأخذه بعقيدة التقية لقربه منهم فهو في الظاهر مع وفي الباطن ضد. وعش رجباً ترى عجباً.

    لكني أتساءل ومعي بعض من ضيع عقله كذلك يسأل: بالله عليكم لو طلب منكم فتوى الآن ضد أمريكا التي قتلت من المسلمين الأفغان أكثر من عشرة آلاف بهذا الذي قلتموه أكنتم قائليها؟ أم أن الفتوى ضد الضعفاء.. ومع عيونك يا شقرا... ألا لعنة الله على الظالمين.

    ولم تعدم الأمة ممن يلفتها الى حقائق دينها وواقعها الذي يراد منهم أن ينسوه وأن يغفلوه، فقد قام العالم الشجاع النحرير حمود بن عقلا الشعيبي باصدار فتوى وتحليل للأمر على طريقة علمية سنية، وكانت كلماته صريحة واضحة حتى أغضبت السلطات السعودية، وقام نايف وزير الداخلية بسؤال الشيخ العقلا عن فتواه فأجابه بأنها له، وهي ممهورة بخاتمه، وتناقلت وسائل الاعلام هذه الفتوى واعتبرها البعض شرخاً في النظام السعودي.

    تابعه بعض المشايخ على كلمات وفتاوى طيبة؛ كالشيخ علي الخضير وبشر البشر وغيرهما.

    ثم كان بعد مدة ما كتبه الشيخ الفاضل أبو محمد المقدسي من تصور إسلامي للحدث وكلمات أغضبت عليه السلطات الأردنية حتى هددته بأن وراء هذه الكلمات عقوبة تقدر بخمس سنوات سجن.

    تتباع الحدث؛ فأمريكا أعلنت أن أهداف هذه الحرب هي:

    أولاً: القضاء على شخص ابن لادن شخصياً إما بقتله أو جلبه مأسوراً للعدالة المنكوسة فيها.

    ثانياً: القضاء على شبكات الارهاب!! وقواعدها في أفغانستان ومنها تنظيم قاعدة الجهاد، وهو التنظيم الذي تم من خلال الاندماج بين تنظيم الجهاد بقيادة أيمن الظواهري وتنظيم القاعدة الذي يتولى قيادته أسامة بن لادن.

    ثالثاً: إزالة حكومة طالبان من حكم أفغانستان واستبدالها بحكومة أخرى.

    وصدم كل من سمع أهداف هذه الحرب، ورأوا العجب العجاب في عدم التوافق بين هذه الأهداف وبين ما يحضر لها من اعدادات عسكرية، فأمريكا هذه الدولة العملاقة، كيف تشن حرباً على رجل أو على تنظيم؟ ما الذي دهى أمريكا في عقلها وعقل صناع القرار فيها وبقية الشعب الذي تبين من خلال الاستفتاء أنه يؤيد بمقدار 70% منه هذه الحرب.

    ثمّ لأول مرة تعلن أمريكا صراحة أن لها الحق والشرعية لتغيير نظام دولة بنظام آخر، نعم كانت أمريكا تلعب هذه اللعبة في الخفاء لكن أن تمشي في ذلك، وبالعلن كان صدمة أضحكت بقايا العقلاء في العالم من هذه المهزلة التي سكت عنها كل المتشدقين باحترام الشرعية الدولية.

    تهاوت الدول أمام التهديد الأمريكي، فباكستان التي كانت تُعد حليفاً قوياً لحكم طالبان أعلنت أنها ستعطي أمريكا ما تطلب، وستتعاون معها ضد أفغانستان، وكانت حجة الخبيث برويز مشرف أنه يريد أن يحافظ على السلاح النووي، وسمعها الناس منه فوضعوا أيديهم على رؤوسهم تارة ثم بعد الصدمة وضعوها على أفواههم ليمنعوا ضحكاتهم العالية، فالناس ببساطتهم يعلمون أن السلاح النووي لحمياة الدولة والشعب، فكيف صار هذا السلاح سبب تنازل ليكون مصدر ضعف، وتتالت التنازلات الباكستانية الى أن وصلت أن يطلب منها وبصراحة أن تشارك بجيشها البري في أفغانستان وهددت إن لم تفعل فستكون الحكومة القادمة في أفغانستان غير متوافقة مع المصالح الباكستانية.

    روسيا أعلنت دخولها اللعبة، وهي ومعها حلفاؤها في الجمهوريات التي ما زالت مربوطة بالقرار الروسي.

    وأما دول الردة فهم بين راكض في الجرم وبين جالس فيه.

    فالكل أعلن أنه يؤيد ضربة تقضي على حكومة أفغانستان تحت مسمى الإرهاب، وقدمت بعض الدول كعمان والكويت الأرض وموطئ القدم.

    أما السعودية؛ فمدح موقفها أول الأمر لكنها ولانتساب ابن لادن لها قامت قيامة اللوبي اليهودي في أمريكا بجلد السعودية التي تعلن الإسلام ولم تقض بعد على مناهج الدراسة الأكاديمية التي ما زالت تخرج (الارهابيين) الذين يقرؤون من صغرهم وجود عالم مؤمن وعالم كافر، والحرب ما زالت قائمة، وأمريكا تريد الاستنزاف الكامل للمشاركة العسكرية والمالية من هذه الدولة التابعة، وهي تصرخ: لم يبق عندنا شيء لم نقدمه.

    وهناك من شعر أن هذه المعركة لن تكون بحاجة إليه فتحفظ على اسلوبها مثل مصر مع تأييدها على منطلقاتها.

    بدأت أمريكا بالمساومة مع حركة طالبان على الشيخ اسامة بن لادن والتنظيمات الجهادية هناك، لوحت بالعصا بل بالعصي الكبيرة الكثيرة، وبجزرة واحدة هو أن تسمح لها بالحياة بعد استنزافها بإدخال اطراف اخرى في الحكم، لكن جوبهت أمريكا بثبات إيماني لا قبل للناس به، فملا محمد عمر لا يعرف إلا لغة الايمان، ولغة الحق. أعطوه وعوداً فقال: عندي وعدان، وعد الله ووعد بوش، ووعد الله أنا أرضى به ومطمئن له، وهو أكثر صدقاً وقوة.

    طالب الملا محمد عمر أمير المؤمنين في أفغانستان أن تقدم أمريكا ولو دليلاً واحداً على أن ابن لادن له يد في الحدث، لكن أمريكا لا تعرف هذا الخطاب العزيز لا من حلفائها ولا من عبيدها، فاستكبرت وأخذها الزهو العجب.

    امتدت هذه الأحداث وتسارعت من 11 سبتمبر الى 7 اكتوبر الشهر الذي يليه حتى بدأت آلة أمريكا تصب حممها على أفغانستان، واستخدمت أمريكا والى كتابة هذه الكلمات كل أسلحتها ما عدا النووي، تلقيها بقذارة وشراسة على المساكين المستضعفين، وجلس العالم جميعاً وهو لا يرى أمام ناظريه من دمار إلا لبيوت طينية تهدم ونساء وأطفال وشيوخ تخرج جثثهم من تحت الأنقاض، وانطبق قول نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم عندما رأى الناس يبكون قتلاهم بعد أحد ولا باكي لحمزة فقال بأبي هو وأمي: وأما حمزة فلا بواكي له، إذ سكت حتى من وقفوا أنفسهم ليتحدثوا باسم المسلمين وباسم الاسلام، وصمتوا صمت سكان القبور.

    وهنا لا بدّ من ذكر سريع لبعض الأطراف المتنازعة وبعض أطراف النزاع القريبة والبعيدة:

    فباكستان لا يوجد أفغاني واحد من السياسيين يحبها اليوم، فالكل خصوم لها ومن المتوقع أن تكون هي الخاسر الأكبر داخلياً وخارجياً، وقد اضطربت كل الأضطراب في تحديد موقف مشرف يليق باسم حاكمها المجنون مشرف، ولذلك هي تطلب أن يكون لها يد ولو قليلة في حكومة العميل حرازي، ولكن هيهات.

    تحالف الشمال المكون من خليط متخاصم متنافر، فالهزارة الشيعة بقيادة العميل اسماعيل خان، وبقايا الشيوعيين بقيادة عبد الرشيد دوستم، والجمعية الاسلامية!! التي عنصرها الرئيسي قبل أحداث 11 سبتمبر بيومين وهو أحمد شاه مسعود... قتل بيد أكبر مبغضيه وهم شابان عربيان تطوعا لقتله بعملية استشهادية. هذه الجمعية بقيادة رباني الذي باع نفسه سارعت باعلان دخولها تحت قيادة أمريكا لمحاربة خصمها اللدود حركة طالبان الاسلامية.

    وهناك إيران والهند وتركيا، وهي دول لها مصالحها الكبيرة في أفغانستان حتى ان إيران لتعد أفغانستان حديقة بيتها الخلفية.

    والآن بقي أن نصل الى الحديث عن أسامة بن لادن، هذا الرجل الذي فرض نفسه بقوة على الأحداث، وصار اسمه على لسان كل متحدث، وصار حديثه أكثر ايقاعاً من هدير الطائرات.

    أول تصريج له كان بعد بداية القصف الأمريكي على أفغانستان، حيث خرج على الناس بشريط أعد سابقاً وتكلم فيه الى الأمة الاسلامية، وذلك بعد أن تكلم الناطق الرسمي سليمان أبو غيث الذي سحبت منه الجنسية الكويتية بعد يومين نم خروجه بجانب أسامة بن لادن، ثم تحدث الدكتور أيمن الظواهري وكان حديثهما يدور حول طبيعة المعركة وأنها معركة ضد الاسلام، فالاسلام وحده هو المقصود لا غير، وتحدث فيه الثلاثة عن أمريكا التي ما فتئت تعادي قضايا الأمة الاسلامية وتحارب أسباب نهضتها وتدعم رأس الحربة للتغريب في هذه الأمة ألا وهي دولة يهود.

    وتتالت تصريحاته التي لقيت قبولاً قوياً في الأمة الاسلامية، حتى إن طلاب الجامعة الاسلامية في غزة في فلسطين خرجوا يحملون اسمه وصورته، وكانت ضريبة هذا العمل قتل شرطة السلطة الفلسطينية ثلاثة شبان مسلمين، لتكون دماؤهم عربون ارضاء الراعي الامريكي والحليف اليهودي.

    كيف نرى هذه المعركة:

    أولاً: هل هي حرب دينية؟

    الجواب: نعم... وألف نعم، وإليكم الأدلة:

    الكثير من الناس يظن أن الحرب الدينية لا يمكن إطلاق هذا الاسم عليها حتى يكون الخصمان لهما دين عالى المعنى التصوري العقائدي للمسألة وهذا خطأ.

    ولشرح ذلك نقول: هل كانت حرب المسلمين ضد التتار حرباً دينية؟

    الجواب: نعم، لأن الدافع الذي جعل أهل الاسلام يقفون أمام التتار ويقاتلوه قتال الأبطال، ويوقفوا تقدمه إنما هو الدين، وهذا بغض النظر عن التتار ألهم دين يحملونه أم لا، مع أن التتار هم همج لا هم لهم إلا القتل والسبي ونهب الثروات، لكن الدين الذي هو العامل الأقوى والأهم الذي جعل أهل الاسلام يجابهون التتار هو الذي جعل موت المسلمين أمامهم جهاداً في سبيل الله تعالى، وجعل قتلى المسلمين لشهداء في سبيل الله تعالى.

    هذا أولاً.

    ثم إن أمريكان عندها دين تريد فرضه على الناس، هذا الدين هو مشروعها وتشريعها التي سمى الله هذا كله في مثلها ديناً في قوله تعالى: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك}، فما هو دين الملك غير تشريعه ونظامه وقانونه ودستوره؟!

    فأمريكا لها دينها، ولها مشروعها في المنطقة، ولا يقف لمشروعها هذا إلا دين الاسلام اليوم، فقد سقطت كل الشعارات الكاذبة كالقومية والوطنية واليسارية والشيوعية ولم يبق إلا من يدين حقاً بهذا الدين الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء هم يعلمون معنى الولاء والبراء، ويعلمون حكم الله تعالى في من تحاكم الى شريعة الطاغوت الكافر، ويعلمون حككم الله تعالى في من دخل في دين الملك وترك دين الله تعالى، وههؤلاء الناس يرون مواقف القيم الايمانية التي مثلها وجسدها أمير المؤمنين ملا محمد عمر والذي رفض كل التهديدات والمساومات من أجل التنازل عن مسلم واحد حتى لو باد هو وأهله وعشيرته ودولته.

    فلو سأل الناس أنفسهم: ما هو الدافع لهذا الموقف؟ لعلموا أنه دافع دين الله تعالى، ودافع الايمان، وإلا فقد كان باستطاعة أمير المؤمنين ملا محمد عمر أن يتنازل عن هذه القيم الايمانية ويسلم ابن لادن لأمريكا وحينها سيمدح في عالم السياسة أنه الرجل الذي يوازن بين المصالح والمفاسد، المصالح والمفاسد اليوم لا وجود لقيم الايمان فيه.

    هذا مع ما سمع العالم أجمع عبارة بوش القذرة بأنها حرب صليبية، لأن هذه الكلمة التي أنطقه الله بها عبرت عن مكنون الغرب النفسي في تعامله مع أمة المسلمين وأن البعد التاريخي للصراع بين الاسلام والغرب حاضر دوماً، وإذا بدا يوماً أنه غائب فهو لعدم الحاجة إليه لحظتها أو لتمرير حزمة أكاذيب لتحقيق المصالح.

    فالفهم الصحيح للحرب الدينية هو هذا الفهم، وذلك بأن مشروع الطلبة هو شريعة ودين الله، وهو ما أغضب العالم أجمع عليها فبدأت الأكاذيب ضدها بأنها ضد الحضارة وضد المدنية، وهي ضد المرأة، وأنها مصدر المخدرات في العالم، حتى انطلت الأكاذيب على الصف الاسلامي نفسه، والا لو كانت الدولة الأفغانية تحت حكم الطلبة هي كأي دولة أخرى نراها اليوم لقدمت لها كل المساعدات وحميت بكل غال ونفيس من الغرب والشرق.

    فحين نقول إنها حرب دينية، ذلك لأن الغرب لا يريد لهذا الدين أن يكون له وجود على شكل دولة وقوة، نعم هم يرددون دائماً أنهم ليسوا ضد الاسلام.

    لكن أي اسلام هذا الذي هم معه وليسوا ضده؟

    إنه الاسلام المزور – المعدل - ذلك الاسلام الذي يقبل الخضوع لأمريكا، والخضوع للغرب، ويرضى بأن يكون متوافقاً مع نظرتهم للحياة، ويعطي لأمريكا الشرعية بأن تبسط سلطانها على الدنيا دون معارضة أو معاندة، نعم إنهم يريدون الاسلام الذي يفتي للمسلم في أمريكا أن يصبح فرداً في جيش أمريكا ليقاتل مسلماً آخر من بلاد الإسلام، ويريدون الاسلام الذي لا يحرم ما حرمه الله ورسوله، ويريدون الاسلام الذي لا يرفض حضارتهم وقيمهم في السياسة والاقتصاد والاجتماع.

    أما المسلم الذي يفكر بتحرير أمته من هيمنة الغرب، فيطالب باستقلال أمتنا في قيمها المستمدة من الاسلام لا من قيم الغرب، ويطالب بزوال دولة إسرائيل ويحلم بذلك ويراه حلماً مشروعاً والاعداد له واجب شرعي لا يكتمل إيمانه إلا بتبنيه لهاذا المشروع، ويطالب بخروج مستعمرات العسكر من جزيرة العرب التي جاءت وحلت فيها من الأمريكان وغيرها، ويطالب باسقاط حكومات الردة التي تعفنت ودمرت العباد والبلاد فهو إسلام محارب مرفوض من ملة ودين أمريكا، بل ويلاحق افراده وسحلون في الشوارع كما فعلت مع الشيخ أبي طلال القاسمي وشباب الجهاد في ألبانيا.

    إن أمريكا تعلم وكل عضو في إدارة السياسة والفكر فيها يعلم أنه لا بقاءء لحضارتها الاستعمارية ولا دوام لهبها لأمتنا، ولا بقاء للولاية الأمريكية خارج أمريكا دولة اسرائيل ما دامت هذه الأمة تنجب من يفهم توحيد الله حق فهمه، ويؤمن بالجهاد أسلوب حياة لا ينتهي الى قيام الساعة.

    نعم... هي لا تحارب صلاة من صلى، ولا صيام من صام، ولا حج من حج، ولا تمنع قيام الليل، وهذا هو الدين في تصور عالم الجهل المركب، فامريكا إذا لا تحارب الدين ما دام أنها لا تحارب الصلاة والصيام والحج، وللزكاة فيها نظر إن كانت قيمة في عالم الاقتصاد والمال.

    إذا فهمنا معنى الدين، ومعنى الملة علمنا أن أمريكا تشكن حرباً دينية على أمة الاسلام، ويا غباء أولئك الذين يبرؤون أمريكا من دم المسلمين لأنهم مسلمون، أو يقولون أمريكا تحارب الارهاب ولا تحارب الاسلام.

    كيف ينبغي أن ننظر لهذه الأحداث:

    أولا:ً يجب أن يرفع كل مسلم رأسه عالياً مفتخراً ومستعلياً بإيمانه لأنه ينتمي لهذه الأمة العظيمة التي يقف أهلها مع ضعفهم وقلة حيلتهم وتشردهم يقفون وحدهم ووحدهم فقط أمام جند الشيطان في الشرق والغرب، فشباب الاسلام وعلى الخصوص شباب الجهاد هم من يلقن الروس دروس البطولة والشهادة والفداء، وشباب الاسلام وعلى خصوص شباب الجهاد هم من يقف أمام الآلة الأمريكية والاستكبار الشيطاني العفن في رأسها، فالكل قد تساقط وظهر عواره إلا هؤلاء الشباب المؤمن.

    تساقطت جماعات الارجاء والجبن، ورفعت أيديها خوفاً واستسلاماً، ووقفت عشرات السنين أمام وزارات الداخلية طلب ترخيص حزب مشوه، ودفعوا آلاف التنازلات لدول هشة فسيفسائية، وشباب الجهاد يصادمون برؤوسهم العارية وبأيديهم المتوضئة وبإيمانهم الذي يتعالى مع وعود النبي الكبريم أمام أسلحة الشيطان وجنده، وهي أسلحة لا يعرف مقدارها إلا الله.

    حين يرى المسلم هذا فهل يجوز له ولو للحظة أن يحزن عما يصيبنا أو يتراجع، لا والله بل عليه أن يتقدم الى تحقيق النبوءات الرسالية التي بشرنا بها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.

    يا شباب الاسلام، ويا أحفاد الرجال المؤمنين:

    هنيئاً لنا بهذا الدين والحمدلله أن جعلنا من أهله، فلسنا الهنود الحمر الذين يبادون فيطأطؤون رؤوسهم لمستعبد، ولسنا اليابانيين الذين يرضون رغد العيش على حساب قيم السيادة والاستقلال ورفض التبعية، بل نحن أمة تنتمي لأولئك الذي رفضوا عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقد عرضه من باب الشفقة عليهم - أن يقدموا ولو حبة تمر واحدة للآخرة ثمن تركهم للأحزاب التي جاءت لاستئصال الاسلام من جذوره، وقالوا: والله ما فعلنا هذا في جاهليتنا فيكف نفعله في اسلامنا؟!

    هذه الأمة هي أحفاد أبي بكر الصديق الذي قال: (والله لو جرت الكلاب بأرجل نساء النبي صلى الله عليه وسلم لأنفذت بعث أسامة).

    هذه الأمة تنتمي لخليفة جهز ألف حصان أبلق استجابة لصراخ امرأة استغاثت به.

    إنها أمة القيم، وأمة الايمان، وهي تعلم ضريبة التمسك بالقيم لكنها لا تخاف الثمن لأنها تقرأ قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والانجيل والقرآن}.

    فماذا يخشى المؤمن؟

    هب أن أهلنا وإخواننا في أفغانستان قد بادوا جميعاً فهل من بقي يرتع في هذه الحياة ويتنعم بها يستحق أن يقال عنه سعيد وهو يعيش مهيناً حقيراً مستعبداً. أما إذا وقع الوعد الالهي بالنصر - وهو أمل كل المؤمنين - فضريبة هذا النصر تستحق كل هذا العناء بل وأكثر منه والله لكنها رحمة الله تعالى.

    إن من رحمة الله تعالى بهذه الأمة والله، وجود أمثال أمير المؤمنين ملا محمد عمر الذي أحيا صوت السلف، وجهاد الآباء والأجداد، ومواقف الايمان، وستبقى هذه الصورة للأجيال القادمة أملاً يصبو إليها كل من عرف قيمة الايمان، وأهمية مواقف الرجال.

    والله إنها منحة من الله تعالى، وما كان للمنح الالهية أن تنزل إلا بالمحن، ووالله إنها طريق التمكين، وما كان للتمكين أن يكون إلا بابتلاء، فهل نسي اهل الإسلام هذا الذي سمعوه من الخطباء والمدرسين وقرؤه من كلمات السلف؟!

    وأنا أريد أن أسأل بعض أصحاب القلوب الضعيفة سؤالاً: كيف تتصورون الجهاد؟ وكيف تتوقعون بناء دولة الخلافة؟ وكيف يحق لأحد أن يحلم بأن يكون عزيزاً مهيب الجانب من غير طريق الابتلاء والمحن والجهاد؟

    وأخيراً:

    لقد تعلمنا الكثير من هذه الأحداث، فقد تعلمنا:

    1) أن الايمان موقف، وأن الاسلام حالة، وأن الموقف والحالة تحتاج للضريبة والثمن، وما كان لشيء يستحق القيمة إلا بعد أن تبذل في سبيله الأرواح والمهج والتضحيات.

    2) تعلمنا أن الانتساب للسلف ليس تصوراً عقدياً بحتاً، بل الانتساب هو عمل وقول، فقد سقط الكثير من أولئك الذين قد ثروا بهذه النسبة كذباً وزوراً، وبان من كان يعبد الله على حرف ومن هو مستعد يموت في سبيل الله وفي سبيل دينه.

    3) تعلمنا أن الزهد ليست حالة فردية شخصية، فلم نكن نعلم أبداً ولم نقرأ في كتاب أن الزهد هو موقف دولة كذلك، كانوا يقولون أن الزهد في الدنيا يعين على طاعة الله، وأن الرغبة في الدار الآخرة تهون عليك مصائب الدنيا، لكننا تعلمنا في هذه الأحداث أن زهد الدولة كذلك يجعلها تقف هذا الموقف فلو كانت أفغانستان من تلك الدول التي رفعت فيها البنايات المليئة بالزجاج والبلور، وفيها الناس في رغد وهناء، وكان حكامها لهم الأرصدة المتخمة في بنوك الغرب أكانت هذه الحركة تقف هذا الموقف الايماني؟ لا والله، ححالة الزهد القدري الذي قدره الرب في أفغانستان هو الذي أعان حركة طالبان وزعيمها أمير المؤمنين ملا محمد عمر أن تقف هذا الموقف الايماني.

    فلا نامت أعين من خاف ذهاب دنياه فضحى بدينه من أجلها.

    4) تعلمنا كيف يكشف الله ستر من كاد لدين الله تعالى، وأن المحن طريق كشفه، فمثل هؤلاء الشيوخ الذين أكثروا الفساد في الأرض، ومثل هذه الحكام الذي غيروا الدين وبدلوا الملة ما عاد أحد يثق بهم، وما عاد أحد يستطيع أن يدافع عنهم، لأن رائحتهم قد فاحت، وقذارة أقوالهم ومواقفهم غطت على محاولات الترقيع.

    فالحمد لله رب العالمين.

    5) علَّمنا الحدث أن قدر الله اقوى من قدرة البشر، وأن مهما بلغت قدرة الطاغوت، ومهما تبجح وتكبر فإن الله إذا قدّر أمضاه، لا يرده سلطان ولا إرادة فهو صاحب الأمر كله فالله هو القوي المتين، وأن سحر الشيطان لا ينفذ إلا على عباده ممن يخشونه ويهابونه، وأما أولئك الذين يخشون الله تعالى فهم الذين لا يأبهون لسلطان ولا لعات مهما بلغ أمره وشأنه.

    6) علمنا الحدث أن هذه الأمة أقوى من كل عوامل التعرية والافناء، وأن في الزوايا خبايا، وأن ما يقرأه الناس عن الأوائل ليس ضرباً من الخيال ولا أسطورة متافون، وأن عالم القيم والايمان ما زال يحدث أثره في الوجود، بل هو المؤثر الأول والقوي في حياة البشر وصناعة التاريخ، فإذا كان الناس يهربون من أمام النار والحريق فإن لهذا الدين أبناء لا يحلو لهم إلا الطيران الى فطان الموت والشهادة، وأن النار لا ترهبهم بل هم يشتهون أن يكونوا وقودها ومسعريها.

    7) علمنا الحدث أن هذه الأمة لا يستنفرها شيء سوى التحدي، وكلما كان الخصم أقوى وأوضح كلما كان تفاعل الأمة أقوى وأعظم.

    فإن دولة مثل السعودية - مثلاً - تمنع القنوت لأهلنا وإخواننا في أفغانستان وتمنع الخطباء من الحديث إلا بما يوحى لهم من وزارة الأوقاف فلا يطع إلا جبان وفي جمعة واحدة منع وحوكم أكثر من 160 خطيب وإمام لمخالفتهم الأمر، وفي لحظة تكتشف الدولة أن أكثرمن 4000 شاب غابوا ولم يعد لهم وجود فقد طاروا الى فطان الشهادة والايمان.

    علَّمنا الحدث... وعلمنا... وما زال هناك حديث يستحقه من العبر والأخبار.

    فما زالت المعركة دائرة ولم تقم على سوقها بعد سوى أن أمريكا وحلفاءها أظهروا قوتهم على الضعفاء والبيوت الطينية، نعم خضبت الأرض من بعض دماء المجاهدين من الطلبة والأنصار، لكن بحمد الله كل هذا من وعده تعالى كما قال: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً}.

    فالحرب سجال، ولا يمكن لأمريكا ولا لحلفائها أن يحققوا نصراً نهائياً إلا بقوات برية، ولذلك هم يجمعون الجموع، ويؤلبون الأحزاب من عجم وعرب، فتركيا تبرعت بألفين من مقاتليها المرتدين والأردن مدعوة لزيادة الكفر، وبريطانيا قدمت 4000 وهولندا قدمت مثلهم، وألمانيا تطلب الدخول ومثلها فرنسا حتى اليابان تستعد، وأمريكا تريدها حرباً شاملة وسيضلها الله للوقوع في المستنقع، فإن وقع هذا حينئذ سيكون لأهل الايمان موقعتهم فإما كأصحاب الأخدود، وهو خيار قدري لأهل الايمان ولا يعد أبداً هزيمة ولا تراجعاً، بل سيكون لعنة على القتلة، كما قال تعالى: {قتل أصحاب الأخدود}، أي قتل القاتل لا المقتول.

    وإما نصر إلهي كنصر الله تعالى للمؤمنين يوم الأحزاب، فما كان من الله تعالى إلا أن كفى الله المؤمنين القتال ورد الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً، وبعد غزوة الأحزاب قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم) [رواه البخاري من حديث سليمان بن صرد رضي الله عنه].

    والحمد لله رب العالمين

tealscrollroses_small.gif

جمع وتنسيق النخبة للإعلام (تويتر)