JustPaste.it

 http://s04.justpaste.it/files/justpaste/d239/a9621730/0027-small2.gif

logo-small_small.gif

حكم الله تعالى في الحكام المبدلين لشريعة الرحمن

للشيخ العلامة أبي قتادة الفلسطيني

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد...

فإنّ معرفة حكم الله تعالى في حكّام بلادنا المبدلين لشريعة الرحمن؛ واجب على كل مسلم، وهو ليس من نافلة القول، ذلك لما يترتب على هذا الحكم من قضايا خطيرة وأعمالٌ جليلة، من أهمها؛ البراء منهم، وعدم الدخول في طاعتهم، ووجوب الخروج عليهم - كما هو إجماع أهل العلم المتقدمين -

ولذلك زَعم الزاعمون؛ أن مثل هذه الأمور تشغل المسلم عن الدعوة إلى الله، أو أنها تصرفه عن طلب العلم، أو يترتب عليها بعض المفاسد.

وهذا زعمٌ باطل ليس من الشريعة في شيء، إذ أن سلفنا قد قرروا؛ أن إكْفَار الملحدين ضرورية من ضروريات الدين، وخاصة إذا كان هؤلاء الملحدون هم في مركز السلطة والقرار.

وليعلم المسلمون أن السكوت عن هؤلاء الحكّام المبدلين لشريعة الرحمن؛ قد جرّ على أمتنا الويلات والمصائب والبلايا، إذ جعل الكثير من المسلمين جُنداً لهؤلاء الطواغيت دون أن يشعروا، وبالتالي صاروا جُزءاً من طائفة الردة والكفر، وخاصة في أحكام القتال.

وبالسكوت عليهم كذلك؛ مهد السبيل لمناهجهم الباطلة ولقوانينهم أن تعمل عملها في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فبقوانينهم استحلّ المالُ الحرام، وأُحلت الفروج الحرام، وقُضي بين الناس في دمائهم بالباطل والظلم، مع ما ترتّب على أحكامهم من ضياع البلاد وخرابها، وانتشار الفقر والظلم والمعاصي التي حرّمها الله تعالى، وصار الناسُ يخرُجُون من دين الله تعالى دون خوف أو وجل، وصارت مؤسسات الدولة الخاضعة لهؤلاء الحكام الكفرة تنشر الرذيلة وتُشجع المعاصي وتُزين الكفر وطرق الكافرين.

حتى صدق فينا قول الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].

وكقوله سبحانه وتعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: 41]، وهذا هو نتيجة الإعراض عن شريعة رب الأرض والسماء.

ولذلك من أهم الأمور التي يجب أن يعلمها المسلم في زماننا هذا؛ هو حكم الله تعالى في هؤلاء الحكام.

إعلم أخي المسلم - حفظني الله وإياك من كل شرٍ وسوء وأجارنا الله وإياك من كل رديّة ومعصية -:

أنّ تبديل الشريعة كفرٌ بربّ السموات والأرض، والتبديل المقصود منه؛ هو تسمية ما أحلّه الله تعالى حراماً، أو تسمية ما حرمه الله حلالاً، ذلك لأنّ الحلال هو ما أحلّه الله والحرام هو ما حرّمه الله تعالى، فكما أن الخلق خلقُه فكذلك الأمر أمرُه، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54].

فمن زَعم أن الأمر في التحليل والتحريم هو لغير الله تعالى؛ فهو كافرٌ ككفر من زعم أن هناك خالقاً غيرُ الله تعالى سواءً بسواء، قال تعالى في ذلك: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 39 - 40].

فانظر - حفظني الله وإياك -:

كيف قصر الحكم له وحده وسمى ذلك عبادةً، وجعل الدين القيم هو هذا الأمر، فالدين هو العبادة، والعبادة هي الخضوع لحكم الله تعالى، ولذلك فمن خضع وأطاع غير حكم ربّ السموات والأرض فقد عبد غير الله تعالى، وهو في دينٍ آخر غيرَ دين محمد صلى الله عليه وسلم، فالدين هو الحكم والتشريع، قال تعالى: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} [يوسف: 76].

وقد عُلم أنّ دين الملك هو حكمه وسلطانه، ولذلك فمن خضع لحكم الله فقد دخل في دينه، ومن رفض ذلك فقد خرج من دينه، هذا هو فهم كل مسلم صحيح الفهم عن الله تعالى في هذه الآيات البينات.

وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21].

فقد سمى الله تعالى التشريع ديناً، فشرع الله هو دينه، ومن أخذ به فقد دان لله وخضع له، ومن رفض شرع الله تعالى وأخذ بشرع غيره فقد أشرك بالله ودخل في دين المشركين - نعوذ بالله تعالى من الخذلان -

وقد ردّ الله تعالى زَعْمَ من زَعَمَ أنه مؤمن وهو يتحاكم إلى غير حكم الله، وهو الحكم الذي سماه الله تعالى طاغوتاً، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء: 60 - 61].

فهذا حال من تحاكم إلى هذه القوانين الباطلة الكافرة، فما هو حال من شرعها وأوجب القضاء بها بين الناس؟ فهو بلا شك أكثرُ معنيّ في دخوله في هذه الآيات وفي الحكم الذي قرّرَته، بل هو طاغوتٌ بنص الآية الكريمة.

وعلى هذا فإن هؤلاء الحكام المبدلين لشريعة الرحمن كفارٌ مرتدون، وأن هذا التبديل هو كفرٌ بنصوص الكتاب والسنة وإجماع أهل السنة، سوى من شذ من المرجئة والجهمية والمبتدعة.

وقد أكثر أئمتنا رحمهم الله تعالى بيان ذلك في نصوص كثيرة يطول شرحها وبسطها، وما على الباحث عن الحق إلاّ أن يدع التعصب للرجال جانباً، وأن يخلع عنه رداء الهوى والجهل، وينظر إلى هذه المسألة نظرة إنصاف وتجرد عن الشهوات والشبهات، وسيرى بفضل الله تعالى أن الحق مع سلفنا في هذه المسألة.

ومن هؤلاء؛ الإمام أحمد بن تيمية وابن القيم وابن كثير، ثم من بعدهم محمد بن عبد الوهاب والشيخ أحمد شاكر ومحمود شاكر والشيخ محمد أمين الشنقيطي وغيرهم الكثير ممن تكلم في هذا الباب بعلم ومتابعة.

أما الذين يحاولون ستر هذا العلم عن الناس إما بإخفائه أو تزويره وتلبيسه؛ فـ {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: 19].

فيا أيها الأخ المسلم:

إصغ بسمعك واسأل الله تعالى الهداية إلى ما اختلف فيه الناس، كما كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصةً في هذا الزمان الذي صار فيه الإسلام غريباً، وصارت الأمانة مغرماً، وصار أهل الحق هم الغرباء.

جعلني الله وإياك من أهل الحق والدين، دينُ أتباع محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمين.

وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
آمين... آمين

 

أخوكم الداعي لكم بكل خير
أبو قَتادة الفلسطيني

tealscrollroses_small.gif

جمع وتنسيق النخبة للإعلام (تويتر)