JustPaste.it

بسم الله الرحمن الرحيم
رب أعن ويسر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد النبي الأمين وعلى آله الطيبين وعلى صحبه أجمعين
أما بعد
فمع أن لغة البيانات وواقعها ليس لها تأثير في عالمنا الإسلامي، وهي لا تملك دلالات قوة بذاتها إلا بمقدار قوة أهلها، وما معهم من سلطان نفسي ومادي على الأرض، إلا أنها في عمقها تبين حالات الناس ومواقفهم، في جانب منه هو الإعذار إلى الله، وفي جانب منه آخر غير سديد، إذ يظن صاحبه أنه أدى ما عليه بهذه الملمات، فيذهب إلى حاله سعيدا أنه قام بواجبه، ومن علم شأن علماء المسلمين وما حملهم الله من الميثاق أحب لهم أن لا تكون الثانية فيهم، بل أحب لهم أن يذهبوا بكلماتهم إلى الواقع والتأثير والعمل، ومما لا يشك فيه عاقل أنه لا نهضة لهذه الأمة بغير علمائها، ولا تغيير حقيقي جذري إلا إن حمل لواءه العلماء، ولكن تبقى كلمة العلماء هذه تحتاج إلى مزيد بيان وشرح، لأنها إبانة عن واقع حقيقي في النفس والعمل، لا شعاراً ولا لقبا يلقى على الأموات فتجعلهم أحياء بررة صالحين، وعالم الشعارات عالم خادع يذهب به الناس اليوم مذاهب شتى ومتنافرة، والصراع حول ألقاب الهدى ومنها العالم ما زال جارياً بين أهل الحق والباطل، فكل دولة ومؤسسة تقدم رجالها بصور وألقاب تفرض بهم إيقاعها على مجال الصراع والخصومة.
وهؤلاء العلماء الذين أخرجوا هذا البيان أرادوا إن شاء اللله تعالى الإعذار إلى الله تعالى في بيان موقفهم مما يجري على أرض الزهر والرماح؛ أرض الأقصى من أحداث هي سلسلة متواصلة في رفض المسلم لهذا الطاغوت الجاثم على أرضه، وهي كذلك محاولة متصلة في فرض اليهود المجرمين إيقاعهم بتجريد انتماء المسلم للمسجد وللأقصى، وهي كذلك ولا شك محاولات دائمة في جس حس الناس نحو دينهم ومقدساتهم، وهي مجسات دؤوبة لتحقيق عمل يخبأ في عقولهم، تفرضه معتقداتهم الكاذبة ونبوءاتهم الباطلة.
ما يهم من هذا البيان أنه قام ببعض الواجب لا كله، فهم نصحوا وبينوا ودعموا بالمال كذلك، ولكن هاهنا مع هؤلاء المحترمين بعض كلمة أرجو اتساع الصدور الكبيرة لها:
-- مشروع عودة فلسطين اسلامية لا يذهب إليه مباشرة، والسبب أن الله جعل هذه الأرض معياراً لواقع المسلمين أجمع، وحين تعود فلسطين في واقع محيط بها لأهلها فإنها لا تعود للمسلمين، بل تعود لآخرين، هم من بني جلدات أهلها، لكنهم ليسوا أهلا لطهر الأقصى ولا أهلا لبركة الأرض المحيطة به، فكل ذهاب إليها مباشرة هو تسكين لواقع، أو ذهاب لحل غير اسلامي، والكلمات لا تنفع في حل مشكلات الصراع القتالي كما هو الواقع مع اليهود، ولذلك لو عرج هؤلاء المشايخ الكرام لما يحيط بالأقصى من أمور تدور على الأرض المباركة في الشام لكن في هذا مد لفهم المعركة على واقعها الصحيح، فما يجري في سوريا الشام هو لمن تفكر تحضير لمعركة الوجود مع يهود،وأن المجاهد على أرض الشام إنما هو جندي يعد في عالم الغيب لفتح الأقصى، وهذا الأمر من سنن الهدى التي علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك حين بشر بفتح كنوز كسرى وقيصر وهم يحفرون الخندق حول المدينة، فأن يعيش أهل الإسلام حالة الرفض الإيماني لحكم يهود ، فكذلك يعيش أهل الشام حالة تحضير إيماني لإزالة هذا الكيان، وهذا ولا شك مفهوم لدى هؤلاء المشايخ، وهو في صدورهم، ولكنها لغة البيانات التي تذهب هذه المذاهب السريعة في صرف الكلمات للظواهر دون المعاني والبواطن.
كان من المهم لمشايخنا وهم يتوجهون لأهل الأقصى بالكلام الطيب أن يتوجهوا كذلك لجنود الله في الشام الذين هم عدة الأمل في إراحة المسلمين من طاغوت يهود.
وهذا ليس ابعاداً للقضية بل هو دخول في صلبها، وحين يؤسس المسلم نظرته على الوعد الإلهي، وفهمه لواقع الحياة فإنه يرسم من السياسة ما يوافق هذا الوعد الذي تبدو ملامحه بفضل الله تعالى، ولذلك يصبح الحديث إلى أناس باعوا فلسطين في سوق النخاسة، وتآمروا عليها كل حين، بل حاربوا كل من رفع شعار الجهاد ضدها عبث لا يقدم عليه العقلاء، فكان ينبغي التوجه للمجاهدين لا إلى الحكام، لأنهم جنود الفتح بإذن الله لا غيرهم، وهم بهذا الأمر يفرضون واقعاً جديداً في نظرة المسلم لهذه القضية العظيمة، يعرف بها الناس رجالهم وأئمتهم وجنود الله حقاً.
قد يقولون هذه لغة بعيدة في حل مشكلة قائمة بين يدي الناس، فأقول : ومتى حلت هذه القضية بما أتيتم به من كلام، وهل كانت البيانات يوما إلا شعاراً فقط لم يقدم لقضية القدس الإيمانية أي أضافة مهمة!؟
اذهبوا الآن، وقولوا للمجاهدين هنا على أرض الشام أنكم عدة الأمل الإيماني في تحرير الأقصى، فلا تثقوا إلا بالله، ولا تذهبوا إلى حالات سيئة في اليقين على موعود الله تعالى، فتبيعوا بعض مبادئكم لمن باع فلسطين من زمن.
قولوا لأهل الإيمان أن قد اقترب موعود الله بمثل هؤلاء الجنود الذين قاموا لإسقاط طاغية هو حجر الشر في منع أمتنا في الذهاب إلى وعود القرآن والسنة.
قولوا لأهل فلسطين أن حلكم لقضيتكم ليس حين يتبرؤون من مناهج الكفر والضلال الذي يريده القطريون فقط، بل حل قضيتكم يكون في انتصار المجاهد في الشام، هذا المجاهد الذي قام لإعادة سلطان الله في الأرض، وهو لا يبيع دينه لطاغوت آخر .
هذا ليس من الشعر في شيء، ولا هو من البيانات الجميلة أبداً، بل هو من فهمكم لواقعكم، وعلمكم بحقائق العلم والوعود الربانية لأهل الإسلام.
لقد قفز بيانكم قفزة مهمة ، مع ما فيها من الاستحياء حين جعلتم كل يهودي غاصب هدفاً للمجاهدين في كل مكان، وقد أحسنتم حين أطلقتم كل الجهاد والمجاهدين، فلم تقيدوها لا بمكان ولا بقطر ولا بحزب، وهذا الأمر أرجو أن لا يقيد في الأحاديث الخاصة ولا في البيانات الرديفة، بل يجعل على وجهه الذي هو الوجه الشرعي الحقيقي.
إن كل يهودي وكل من عاونه وحماه هو واقع تحت كلماتكم هذه وفتواكم .
والله الموفق لما يحب ويرضى