هذا ما قالهُ الرب يسوع المسيح لتلاميذه من حوالي ألفي عام وهو يقولهُ اليوم لكل من آمن بالمسيح يسوع الرب وقبلهُ رباً ومخلصاً وسيداً وتوجهُ ملكاً على عرش قلبه. وبتعاليمه:
(سمِعتُمْ أنَّهُ قيلَ: تُحِبُّ قريبَكَ وتُبغِضُ عَدوَّكَ. وأمّا أنا فأقولُ لكُم: أحِبُّوا أعداءَكُمْ. بارِكوا لاعِنيكُمْ. أحسِنوا إلى مُبغِضيكُمْ، وصَلّوا لأجلِ الَّذينَ يُسيئونَ إلَيكُمْ ويَطرُدونَكُمْ) (متى 44,43:5) .
هذه التعاليم الآلهية السامية والعميقة والمحيرة للعقل البشري، هي مطروحة اليوم بقوة للجميع. فالذي يحب الله يحب الجميع وحتى الأعداء أيضا، فالله محبة, ومنهُ ينبع كل شيء بمحبة وصلاح:
(ونَحنُ قد عَرَفنا وصَدَّقنا المَحَبَّةَ الَّتي للهِ فينا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، ومَنْ يَثبُتْ في المَحَبَّةِ، يَثبُتْ في اللهِ واللهُ فيهِ) (1يوحنا 16:4) .
(اَلمَحَبَّةُ فلتَكُنْ بلا رياءٍ. كونوا كارِهينَ الشَّرَّ، مُلتَصِقينَ بالخَيرِ. وادّينَ بَعضُكُمْ بَعضًا بالمَحَبَّةِ الأخَويَّةِ، مُقَدّمينَ بَعضُكُمْ بَعضًا في الكَرامَةِ) (رومية 10,9:12) .
(بارِكوا على الَّذينَ يَضطَهِدونَكُمْ. بارِكوا ولا تلعَنوا... لا تُجازوا أحَدًا عن شَرّ بشَرّ. مُعتَنينَ بأُمورٍ حَسَنَةٍ قُدّامَ جميعِ النَّاسِ) (رومية 17,14:12).
هذا الطرح هو مشروع تحدي لكل فرد بينه وبين نفسه ونحو الآخر أيضا، ربما تجدهُ أمراً صعباً أو مستحيلاً وتظن نفسك أنك تحارب السراب والغير معقول أن تحب عدوك الذي أبغضك و أراد الشر لك في يوم من الأيام، ولكن عندما نترك الله يتصرف ويعمل ليحرك القلوب بالإتجاه الصحيح، فعندها نحيا بسلام من الداخل والخارج في هذا العالم الذي وضع كلهُ في الشرير:
(لا تنتَقِموا لأنفُسِكُمْ أيُّها الأحِبّاءُ، بل أعطوا مَكانًا للغَضَبِ، لأنَّهُ مَكتوبٌ: "ليَ النَّقمَةُ أنا أُجازي، يقولُ الرَّبُّ". "فإنْ جاعَ عَدوُّكَ فأطعِمهُ. وإنْ عَطِشَ فاسقِهِ. لأنَّكَ إنْ فعَلتَ هذا تَجمَعْ جَمرَ نارٍ على رأسِهِ". لا يَغلِبَنَّكَ الشَّرُّ بل اغلِبِ الشَّرَّ بالخَيرِ) (رومية 19:12-21) .
وإذا ظننت في نفسك أنك ستحب الذي يحبك فقط و تتواصل وتلتقي بالذين يستمعون إليك والذين تنسجم معهم على كل الصعد، هذا سيجعلك تدور في دائرة ضيقة جداً وحلقة ضعيفة لن تؤثر في الآخرين، ولن تستطيع تقديم رسالة الله إلى الذين لا يشاركونك الرأي في أمور كثيرة:
(وإنْ أحبَبتُمُ الَّذينَ يُحِبّونَكُمْ، فأيُّ فضلٍ لكُم؟ فإنَّ الخُطاةَ أيضًا يُحِبّونَ الَّذينَ يُحِبّونَهُمْ. وإذا أحسَنتُمْ إلى الَّذينَ يُحسِنونَ إلَيكُمْ، فأيُّ فضلٍ لكُم؟ فإنَّ الخُطاةَ أيضًا يَفعَلونَ هكذا. وإنْ أقرَضتُمُ الَّذينَ ترجونَ أنْ تستَرِدّوا مِنهُمْ، فأيُّ فضلٍ لكُم؟ فإنَّ الخُطاةَ أيضًا يُقرِضونَ الخُطاةَ لكَيْ يَستَرِدّوا مِنهُمُ المِثلَ. بل أحِبّوا أعداءَكُمْ، وأحسِنوا وأقرِضوا وأنتُم لا ترجونَ شَيئًا، فيكونَ أجرُكُمْ عظيمًا وتكونوا بَني العَليّ، فإنَّهُ مُنعِمٌ على غَيرِ الشّاكِرينَ والأشرارِ) (لوقا 32:6-35) .
فالرب يسوع المسيح جاء من أجل الجميع ويريد الخير للكل، ليس فقط لك وللذين تحبهم أنت، فإذا كنت تريد أن تطيع وصايا الله فما عليك سوى أن توجه نظرك إلى الذين لا يحبونك أيضا، فهكذا تظهر المسيحية الحقيقية من خلالك:
(لأنَّهُ إنْ أحبَبتُمُ الَّذينَ يُحِبُّونَكُمْ، فأيُّ أجرٍ لكُم؟ أليس العَشّارونَ أيضًا يَفعَلونَ ذلكَ؟ وإنْ سلَّمتُمْ على إخوَتِكُمْ فقط، فأيَّ فضْلٍ تصنَعونَ؟ أليس العَشَّارونَ أيضًا يَفعَلونَ هكَذا؟ فكونوا أنتُم كامِلينَ كما أنَّ أباكُمُ الَّذي في السَّماواتِ هُوَ كامِلٌ) (متى 46:5-48) .