JustPaste.it

حكم من بايع البغدادي فقتل وكانت له سابقة جهاد

د.هاني السباعي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد. هذه مجرد خاطر مختصرة جداً أو رأي دون تقديمات وتفريعات وحواش مع احترامي لمن سيختلف أو سيتفق معي من أهل العلم.

من منطلق قول الله تعالى "لتبيننه للناس ولا تكتمونه"آل عمران آية 187. ومن وقوله تعالى "وأقيموا الشهادة لله" الطلاق آية 2. ومن منطلق قوله صلى الله عليه وسلم "أن أقول الحق ولو كان مراً" حديث حسن. أقول وبالله التوفيق:

العبرة بغلبة الأحكام كما في الحكم على الديار؛ فقد تكون الدار دار كفر وأهلها مسلمون أتقياء صالحون؛ حيث العبرة في الحكم النافذ المتسلط عليهم هو حكم الطاغوت، وليس حكم الإسلام، وقد تكون الدار دار إسلام وأهلها كفار!. وقد قاتل الصديق رضي الله عنه المرتدين ولم يستفصل عن حالة كل شخص منتسب لهم يأتمر بأمرهم!، وقاتل علي رضي الله عنه الخوارج ولم يستفصل عن حال كل شخص!!

هكذا إذا أنزلنا ذلك على جماعة البغدادي فإنه يتضح لنا بجلاء أن كل من يأتمر بأمر البغدادي فهو خارجي وإن كانت له سابقة في الجهاد! فهل كل من له سابقة في الجهاد معصوم من وصمة الخارجية! ففي الحديث الصحيح: "إِن قُلُوب بني آدمَ كلَّها بين إصبعين من أَصابِع الرحمن كَقلبٍ واحِدٍ يُصَرِّفُهُ حيث يشاء"أهـ.

وإذا عرف أن فلانا من الناس كان له سابقة في الجهاد وقتل مع جماعة البغدادي! فما فائدة سابقة جهاده وقد بايع جماعة منحرفة عقدياً! وقصة العباس رضي الله عنه عم النبي لما أسر في بدر حيث لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم قوله إنه أسلم في الخفاء وخرج مكرهاً مع كفار قريش! فقال له صلى الله عليه وسلم: "اللَّه أَعلم باسلامك، فَإِن يكن كما تَقول فَإِن اللَّهَ يجزيك، وأَما ظاهرك فَقَد كَانَ علَينَا؛ فَافتد نفسك"أهـ. فهكذا ما علينا إلا الظاهر في أن فلاناً كان ضمن جماعة خارجية سفكت الدماء المعصومة بالإسلام ومن ثم نعامله بآخر حاله، وليس بسابقته في الجهاد! فشهادة الشهود وقرائن الحال تؤكد أن هذا الشخص قد بايع البغدادي ، والتحق بركب جماعة الدولة؛ فإذن هو منهم ويعامل معاملتهم.

فكم من أشخاص كنا نظنهم من الأخيار؛ منهم من انحرف إلى غلو الإرجاء، ومنهم من أصيب بداء الدمقرطة! ولا أعرف أحداً من الأخيار المبرزين قد التحق بجماعة البغدادي وخلافته الباطلة! فلو أن شخصاً كانت له سابقة في الجهاد، والتحق بهم وبايعهم! فهو منهم! فقد تولاهم وناصرهم وأيدهم على بدعتهم بتكفير واستباحة دماء المسلمين خاصة المجاهدين وقادتهم! بتأويلات باردة وقواعد ولوازم ما أنزل الله بها من سلطان! فإن قتل من التحق بجماعة البغدادي في معركة فلا نحسبه شهيداً! فلم نعلم أن السلف ترحموا على الخوارج وأهل البدع، ولم نعلم أنهم كانوا يحتسبونهم شهداء حتى وإن قتلوا بأسياف الكفار الأصليين كالروم أو الملاحدة! أقصى ما يمكن أن يقال في شأن من قتل منهم أفضى إلى ربه! فالاطلاع على أحوال شخص أو أشخاص منتسبين لتنظيم الدولة لا يؤثر في الوصف المنضط لدولة البغدادي أنها دولة عوادية خوراج، وكل من بايعهم فهو خارجي وإن كان له سابقة جهاد أو كان من الأتقياء البررة! فالخوارج في صدر الإسلام كانوا عباداً يقرؤون القرآن يكثرون من الصلاة والصيام أو كما قال صلى الله عليه وسلم: "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وأعمالكم مع أعمالهم" الحديث. ورغم ذلك مرقوا من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية! فسابقة الجهاد تنفع مع مستقيم الحال إذا زل في عثرات وكبوات! أو اتهم بدون دليل؛ هنا نقول بكل أريحية أن له سابقة في الجهاد! أما إن التحق وبايع البغدادي وعصابته المتهمين بالتكفير والتفجير وسفك داء الأنفس المعصومة بالإسلام، ومات أو قتل مع جماعة البغدادي فهو خارجي ـ لا نحسبه شهيداً ـ وأمره إلى ربه؛ على رأي من لم يكفر الخوارج باعتبار أن معهم أصل الإسلام لكنهم مبتدعون فسقة! أما من يأخذ برأي الإمام البخاري وبعض أهل الحديث بتكفير الخوارج فالأمر مختلف تماما!!.

د. هاني السباعي 11 رمضان 1436 هـ ـ 28 يونية 2015