لماذا لم أسمهم حتى الآن خوارج
رغم أن فيهم من هم أسوأ من الخوارج
يعتب عليّ بعض الأحباب ويغضب مني غير الأحباب ؛ لماذا لم أسمّ جماعة الدولة إلى الآن بـ(الخوارج) صراحة ؛ ويذكرون أن كثيرا من الشباب وطلبة العلم يتوقفون عن قتالهم محتجين بعدم تسميتي لهم بالخوارج .. فأقول :
1-عزوفي عن هذا الإطلاق لا يعني تزكية لهم بحال ، فأحيانا أرى بعضهم شرا من الخوارج ؛
-
فالخوارج كفروا بالكبيرة ومن هؤلاء من يكفر بمحض الطاعة، بعد أن يقلب مسماها إلى المعصية والخيانة والصحونة .
-
وضابط التكفير عند كثير من أتباعهم الهوى والخصومة ويغلب عليهم الجهل وعدم الوعي وسفاهة الأحلام.
-
والخوارج لا يكذبون وقد خبرت هؤلاء وتعاملت معهم فوجدت بعضهم أشد كذبا من الروافض وأشد بهتانا من اليهود.
-
وقد أعملوا السيف في خيار أمة محمد صلى الله عليه وسلم من المجاهدين واستحلوا دماءهم وأموالهم وهم أجرأ وأسرع في قتلهم منهم للكفار الأصليين لأنهم يرونهم مرتدين ، والمرتد شر من الكافر الأصلي . وفي الحديث : (مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا ، لا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا ، وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي ، وَمَنْ خَرَجَ تَحْتَ رَايَةٍ عْمَيَّةٍ ، لِيُقَاتِلَ لِعَصَبِيَّةٍ أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ أَوْ يَنْتَصِرَ لِعَصَبِيَّةٍ ، فَقُتِلَ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ) .
فكيف يفهم مني مدحهم أو مداهنتهم بعد هذا الموقف الذي كررت مفرداته مرارا ، ولا يعكر عليه كوني اكتفيت في موقفي في تسميتهم بنقلي عن مراسلات شرعييهم لي بقولهم وإقرارهم أن في صفوفهم وصفوف شرعييهم خوارج ، فلا تلازم بين عدم نعتي لهم بهذا الوصف المطلق وبين تزكيتهم ، كما أفتيت بدفع صيالهم إذا اعتدوا على المجاهدين وأن المجاهدين لهم أن يعينوا بعضهم البعض على دفع صائلهم إذا لزم الأمر دون مظاهرة المرتدين عليهم .
2- أضف إلى ذلك أني لم أنكر إطلاقات إخواني المشايخ من العلماء المحققين وتسميتهم لهم بالخوارج كالشيخ أبي قتادة حفظه الله لأني أعرف أنه لا يطلق هذه الإطلاقات - كما يفعل غيره - من منطلقات الفجور في الخصومة أو سدادا لثارات أسيادهم الطواغيت أو التناغم مع رغباتهم أو غير ذلك من المقاصد الخبيثة ؛ بل لا يفعل ذلك إلا من سداد نظر واتباع للحق وخبرة بأمثالهم ، ولذلك تراه يفصل ويؤصل بأن هذا الوصف لا يلزم منه أن جميع أفرادهم خوارج بل يكفي أن يتحقق هذا الوصف في رؤوس الطائفة الممتنعة ليطلق عليها ذلك الوصف ، لأن رؤوس الطائفة وقيادتها هم من يوجهها لسفك دماء المسلمين وتكفير المجاهدين ، ولا أثر للمغرر بهم من الأتباع حتى لو كانوا من أورع وأتقى الخلق ؛ لكني ولأني أعلم أن أكثر الناس لا تعلم ولا تفهم هذا التفصيل ، لم أختر تبني هذا المسمى في الوقت الذي لم أنكره عليه . أضف إلى ذلك فإن الشيخ يقرر بأن قتالهم للروافض والنصيرية ممدوح ، ولو كان في العراق ولم يجد غيرهم يقاتل الروافض لقاتل معهم ، فأين هذا من فجور من جعل الروافض أقل شرا منهم ،ومن جعل الطواغيت وأوباما خيرا منهم؟ وأين تفصيله ممن يحكم عليهم جميعا بالخوارج دون تفصيل من منطلقات الخصومة ليحرض على استئصالهم ولا يراعي وجود شباب مغرر بهم جاؤوا لأجل الجهاد واغتروا بمسمى الخلافة ؛ فيحقق باستئصالهم رغبات الطواغيت بالخلاص من أمثال هؤلاء دون تمحيص .
3- وأعلم أن خصومة بعض الطوائف في الساحة الشامية مع تنظيم الدولة ليست خصومة شرعية دينية بل إما دنيوية أو بأوامر وتوجيهات ورغبات الأسياد الداعمين ، ولا أحب أن يزج باسمي في هذه اللعبة القذرة ، لذلك آليت أن لا أعطيهم ما يستعملونه في حربهم القذرة هذه ، ولم أرض أن أكون أداة في يد المتآمرين فأبقيت تريثي حسرة في قلوبهم وفسحة للمراجعين والتائبين من الشباب المغرر بهم في جماعة الدولة أن يسمعوا نصائحي ويقبلوها لإنصافي معهم ، وحقنا لدماء إخواني المنتظرين فتواي أن يزج بهم في معارك لا ناقة لنا فيها ولا جمل ؛ ولا يقال فأبوقتادة لا يراعي هذا في نظرك ؛ كلا فهو على الرأس والعين واختياره محل احترام عندي ، ولكن لكل منا قطاعه وطلبته الذين ينظرون إليه وينتظرون كلمته، ونحن يكمل بعضنا بعضا ولله الحمد ونقيم توازنا مهما في الساحات الجهادية وإن أنكر ذلك المبطلون وجحده الجاحدون ، وأنا والشيخ نعلم أن الساحة الشامية أصبحت ساحة للمؤامرات الدولية واللعب الاستخباراتية وأن تنظيم الدولة بحماقته وغباء قيادته وكثير من أتباعه قد صار حجرا من أحجار هذه اللعبة يستغل لتحقيق مآربها ولا يلزم أن يكون عميلا بل مستعملا بغباء قيادته ، ولا نرضى أن تستغل مواقفنا وفتاوانا وإطلاقاتنا في هذه اللعبة القذرة وأهدافها الخبيثة.
4- لذلك لم يفت كلانا إلى الآن بقتالهم إلا دفعا للصائل حتى لا تستخدم فتوانا في تحقيق رغبات الطواغيت ومن خلفهم عباد الصليب ومن يسعى لاستئصالهم في هذه المرحلة ليسهل عليهم بعد ذلك استئصال جبهة النصرة ونحوها من الفصائل التي تأبى الإنصياع لرغبات أعداء الجهاد .
5- مصطلح الخوارج تتعلق به أحكام شرعية سيستغلها أصحاب الأجندات الخارجية في الفصائل المنحرفة؛ من ذلك الدعوة إلى استئصالهم بقتلهم قتل عاد دون التمييز بين المغرر به منهم وغيره ، ولا أرضى أن أفتح هذا الباب لأناس بعضهم قد يكون شرا من الغلاة والخوارج ، خصوصا وقد فتحه هؤلاء الناس بفتاوى شرعييهم ومشايخ الإرجاء وعلماء السلاطين في الداخل والخارج حتى فرح به أعداء الله واستعمله الروافض والطواغيت في وصف جماعة الدولة بإطلاقه ..
فما لي والدخول في هذا المعترك الذي هو ليس معتركي ، ونحن نخالف أهله في الأصول فضلا عن الفروع ، ولذلك حين يقاتل الخوارجُ أو الغلاةُ الروافضَ والنصيرية فنحن نفرح بذلك ونتمنى انتصارهم مادام ليس ثم بديل سني يتصدى لهم ، بينما نرى في بعض أولئك من يتمنى انتصار الروافض عليهم .
6- مسمى الخلافة والدولة الإسلامية من أحب المسميات إلى قلبي وقلب كل مسلم وعداوتي لا يمكن أن تكون لهذا المسمى بل لمن يشوهه بغلوه وتكفيره للمسلمين وبسفكه دماء المجاهدين ، فقد ثبت لدي بما لا يدع مجالا للشك أن جماعة الدولة يكفرون جبهة النصرة فضلا عن غيرها من الفصائل ويستبيحون دماء أنصارها كما يستبيحون دماء كل من يقدرون عليه من المخالفين لهم من المجاهدين والعلماء سواء في الشام أوالعراق أو أفغانستان أوليبيا وغيرها بحجة وقوف مخالفيهم في وجه مشروع الأمة والخلافة! فقد صبغوا أنفسهم وحدهم بهذا المسمى ليرتبوا بعد ذلك أوصاف الصحونة والعمالة والخيانة والردة على كل مخالف لهم ، واغتر بذلك رعاعهم فرخصت عندهم بذلك دماء المسلمين وأرواحهم واستسهلوا سفكها وهدرها.
7- لم أتخذ مواقفي من تنظيم الدولة كما يزعم كثير منهم بناء على نقولات غير دقيقة تصلني من أطراف معادية لهم ، بل اتخذتها بناء على مواقف خاصة بي ومباشرة في التعامل معهم ؛ عرفتني بأن القوم لا يرفعون رأسا لحكم الشرع إلا إن كان لصالحهم ؛ وأنهم غير مؤتمنين على دماء المسلمين ولا على أعراضهم ، ومن أوضح ما خضته معهم في هذا المجال :
- دعوتي لهم للتحاكم للشرع لدى قضاة تنطبق عليهم شروطهم وبعد مماطلة شهور رفضوا التحاكم صراحة وهذا أمر جرى لي معهم، وهو أمر يكفي لمن كان في قلبه حياة أن يعلم أنهم كاذبون لا يقيمون لشرع الله وقارا وغير مؤتمنين على تحكيمه .
- ومن ذلك أيضا هدرهم لدم أختنا ساجدة وتقديم نشر فلمهم على حفظ حياتها حين حُذّروا وأُنذروا من أنهم في حال قتلوا الطيار ستُعدم ساجدة ووصلهم التحذير، ومع ذلك قدّموا نشر فيلم حرق الطيار على حياتها، وهذا يعرفك أنهم لا يؤتمنون على دماء المسلمين وغير مؤهلين لأن يكونوا أئمة وقادة رحماء بهم .
وهذان الأمران أباهل عليهما قيادة الدولة ؛ أنهم رفضوا التحكيم الذي عرضته عليهم وفقا لشرطهم ، وأنهم جاءهم التحذير بإعدام ساجدة إن قتلوا الطيار ومع ذلك أصروا على نشر فلم حرقه بعد أن كذبوا وربطوا مصيره بالإفراج عنها ، مع أنهم كانوا قد قتلوه بحكم محكمتهم الشرعية مماثلة وقصاصا .. فأعدمت هي وزياد الكربولي لأجل إصرارهم على الدعاية والإعلان والإثارة وتقديم ذلك على أرواح المسلمين .
ومن بهتانهم وكذبهم وتزويرهم وتسميتهم الأشياء بغير أسمائها ليرتبوا عليها أحكام العمالة والردة أنهم سموني لأجل محاولاتي انقاذ أسارى المسلمين (بسمسارالمخابرات والمدافع عن الطيار ..) والمخابرات كانت تحسن الظن بديني أكثر ممن يتسمون بالخلافة وينتسبون إلى الجهاد زعموا ؛ حين قالوا لي : (نعرف أنك لولا ساجدة لما تدخلت في موضوع الطيار). وهذه وصمة عار في وجه من كانوا إلى عهد قريب يقولون لي شيخنا وشيخنا ؛ ثم جعلوا هذه فرصة للفجور بالخصومة والطعن في ديني وليفتحوا المجال لرعاعهم كي يخونوني ويكفروني.
8- هؤلاء إن بقوا على ما هم عليه فهم من أبعد الناس من النبي صلى الله عليه وسلم فعَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا ،الْمُوَطَّئُون أَكْنَافًا ، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ ، الْمُتَشَدِّقُونَ ، الْمُتَفَيْهِقُونَ "
وقد تواصلت وتعاملت مع بعضهم فوجدتهم من أسوأ الناس خلقا وأخسهم عشرة، يكفي أن يعرف طالب الحق أنهم بعد أن كانوا يقولون لي شيخنا وشيخنا أثناء التفاوض بعثوا على جوالي بعد شهر من الكذب والمماطلة ملفا كانت كلمة السر(الباسوورد) فيه هي: (الديوث المقدسي....) وهذا القذف المكنّى أجعله في رقبة البغدادي والعدناني وأزلامهم ، سأوقفهم به بين يدي الله ولن أفلتهم حتى يأتوا بالمخرج من هذه التهمة التي قذفوني بها وأهلي؟ ويتحمل مسؤولية هذا كل من يقرهم عليه من شرعييهم والمجادلين عنهم ، أذكر هذا ليس تظلما أو شكوى لأحد من أهل الدنيا ؛ ولكن ليعرف المغرر بهم أي قيادة هذه التي تقودهم وتفجّر أجسادهم ، وهل تستحق أن تؤتمن على أرواحهم مثل هذه القيادة العريّة من الأخلاق والدين والمسؤولية؟ فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد .
9- هجوم جماعة الدولة وبهتانهم عليّ وافتراؤهم وكذبهم وتكفير بعضهم لي وسبابهم وشتمهم رغم موقفي المذكور؛ يدل على نقص عقول أكثرهم وسفههم وخبث طوية كثير منهم .
وتمسكي بموقفي أعلاه رغم فجورهم في الخصومة دلالة على أني لا أتخذ مواقفي من ردود الأفعال أومن إملاءات الحكومات ،فأحب ما على الحكومات أن أصبغهم بمسمى الخوارج ولم أفعل إلى الآن ، وليس لدي داعمين ولله الحمد والمنة يؤثرون على مواقفي أوأحاذر قطعهم التمويل عني ،فقراري هذا مستقل لا يؤثر فيه إن شاء الله شغب أعداء تنظيم الدولة وضغوطاتهم ، كما لا يؤثر فيه كذب وبهتان وافتراء جماعة الدولة ، بل على العكس فإن سبابهم وكذبهم وبهتانهم علي قد أمسى من أكبر أسباب إحجامي عن زيادة خصومتي معهم أوإطلاق تسميتهم بالخوارج ؛ لأني حريص أشد الحرص على عدم قلب الخصومة من خصومة شرعية أحاججهم بها بين يدي الله إلى خصومة شخصية ، ومتى ما زادت وتيرة ردودي عليهم فلطامة اقترفوها أو لمصيبة جددوها.
10- موقفي هذا موقف شرعي أبينه لمصلحة الجهاد والمجاهدين،وأعلم أن من غير المنصفين ومن المرجئة وأولياء الطواغيت من سيعيبه علي وسيقول : الشيخ قال هم أسوأ من الخوارج وتلكأ في تسميتهم بالخوارج، فأكرر ما قلته أعلاه أنا قلت : منهم من هو شر من الخوارج ولا أعتقد أن جميعهم خوارج أو أسوأ من الخوارج ،وأسوأ من فيهم قيادتهم التي جرأتهم على التكفير وسفك دماء المسلمين والمجاهدين ، وهي قيادة حطمة من شر الرعاء لا تؤتمن حتى على شبابها الذين جاؤوا من مشارق الأرض ومغاربها لنصرة مسمى الخلافة والدولة الإسلامية فاسترخصت تفجيرهم والزج بهم في مهالك هنا وهناك ، وقد بينت أن هذا التفصيل هو عين اختيار الشيخ أبي قتادة لكني أحببت أن أوضحه وأن لا أطلق إطلاقه لمعرفتي أن كثيرا من الجهال من كافة الفرقاء لا يعرفون تفصيله في هذا الإطلاق ، فيفرح بالإطلاق دون التوضيح والتفصيل المغرضون وأصحاب الأجندات الخارجية ، ويُصَدّ بسببه عن تأمل مناصحاتنا أيضا الجهال المغرر بهم من أتباع الدولة .. فكأني شاركت الشيخ أبا قتادة في وصفه لكنني فصلته ووضحته ..
وأنا أعلم أن الساحة مختلطة مخترقة تحوي الكثير من الأهواء الشخصية والحظوظ الدنيوية والمؤامرات الداخلية والخارجية والألاعيب الإستخباراتية ولذلك ففتواي هذه إنما أصدرتها للسني لا للبدعي ، ولأنصار الجهاد حتى لا يبقوا غرضا مقيدا لنيران الغلاة وبغيهم ، وليس للعلمانيين أوأنصار الطواغيت أونحوهم الذين رأوها ولا زالوا يرونها بضوابطي المذكورة معكرة لآمالهم مقيدة لا ترضيهم ولا تخدم أجنداتهم والحمد لله .
هذا ما عندي وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أبو محمد المقدسي
رمضان1436هـ