JustPaste.it

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

سأل سائل شيخنا العلامة أبا قتادة حفظه الله: كيف لهؤلاء المشايخ عدم النظر إلى الانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن هذا أمر ممدوح لا يختلف فيه أهل النظر والاجتهاد.

 

فأجاب حفظه الله: إن هؤلاء مدخولون من أمرين اثنين أو من أحدهما.


أولاهما:
عدم ضبط الفقيه لترتيب الضرورات الشرعية ، وهذا أمر منتشر في هذه الأيام لحب الدنيا وضعف ذكرى الدار الآخرة، فإن العلماء قد أجمعوا أن ضرورة الدين مقدمة على كل الضرورات، فلو تعارض في الوجود ضرورة الدين مع ضرورة حفظ النفس أو الأموال قدمت ضرورة الدين، وهذا إجماع، ويفهم هذا من نظر أن الحياة الدنيا لا تقدم على الآخرة بحال إلا في نفوس مريضة.


وثانيهما:
عدم وجود تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس بعض المفتين، والله سبحانه يقول:" وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ٍ " (التوبة 74)، فهؤلاء المفتون يأكلون بحديث وفقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم يشربون بسبب ما انتسبوا إليه من الشريعة، وهو صاحب الفضل فيها في البشر، ولو كان في قلوب هؤلاء تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما لو كان عندهم الوفاء لإحسان رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم لانتصروا له.
وأنت ترى الواحد من هؤلاء لو حبس عنه شهر واحد من أجرته لأرغى وأزبد وقام لها ولم يقعد كما لو أخذ بيته منه لطلب النصرة من البشر جميعا ، لأنه معظم لدنياه، أما انتهاك حرمة الحبيب صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي فليست بشيء عنده.
وقد حدث أن خرج أئمة مساجد دولة من الدول في مظاهرة يطالبون بزيادة الأجور وهددوا إن لم تزد الحكومة أجورهم فسيقولون الحق فيها في دين الله.
قال تعالى: " إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا " (التوبة 10).

وفي سورة الأعراف لما قدم الله فيها أسباب الفساد في الوجود بقوله تعالى:" وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " (الأعراف 28) ، كان شرح هذا الإفك منهم ما ختمت به السورة من ذكر بلعام بقوله تعالى : " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) " (الأعراف). فمن جمع بين الامرين علم أن الافتراء على الله إنما يقع بسبب البلاعمة.


ومن نظر في سورة التوبة ولماذا قدم الله فيها وصف أهل الكتاب بأن فيهم الأحبار الذين يأكلون أموال الناس بالباطل في قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ " (التوبة 34) . ثم ختمها بذكر كنز المال وهو صنيع الرهبان والأحبار فيهم، وتفكر في سبب ورودها بعد ذكره ما عليه أهل الكتاب من الشرك بقوله تعالى:" اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " (التوبة 31)، علم أن هذا هو سبب الفساد ، وأن هؤلاء هم أصله، يسبغون على الباطل الشرع واسم الله.


حفظنا الله من الشر والفتن ما ظهر منها وما بطن.

قرأها وقام على نشرها: أبو محمود الفلسطيني