بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
و بعد :
إلى أمير المُؤمنين أبو بكر البغدادي القُرشي , حفظه الله
أمير الدولة الإسلامية في العراق و الشام أعزّها الله
فهذه مُكاتبة و مُناصحة من أحد جنود دولتكم أعزّها الله , و يعلم الله أنّي ما ابتغيت بها إلا وجه الله و طاعة نبيّه -عليه الصلاة و السلام - الذي أمرنا بمُناصحة ولاة أُمورنا , كما ورد عنه من حديث تميم الداري فقد قال عليه الصلاة و السلام : ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .
و يعلمُ الله أنّي لا أنوي في مُكاتبتي هذه سحب يد من طاعتكم و لا تفريق جماعتكُم , و أنّي وددتُ و الله لو أمكنني إسداءُ النُصح لكُم سراً , و لكن حالَ بيني و بينكُم -يا مولاي- الإنشغالُ بفتح الأمصار و سد الثغور و حماية الديار , و لأنّني لم أستدلُّ لجنابكم على دار, فالله المُستعان و هو من وراء القصد .
أميري و مولاي حفظك الله ..
لا يخفى على جنابِكم ما آل إليه الجهادُ في الشام من إقتتال بيننا و بين الصحوات و المُرتدّين , و لا يخفى عليكُم ما تبع ذلك من فتنةٍ و اقتتالٍ بيننا و بين الإخوة المُجاهدين في جبهة النُصرة .و تأثير ذلك على مسيرة الجهاد في الشام . فلقد قويت بسبب ذلك شوكةُ الروافض و النُصيريين و دانت لسيطرتهم مجدّداً العديد من الأراضي و الأمصار , فقاموا بالإنتقام من المُستضعفين, واغتصبوا النساء و أذلّوا العجائز و الشيوخ و ذبحو الرجال و الأطفال , و لا حول و لا قُوّة إلا بالله .
و الأنكى من ذلك أنّ النظام النُصيري بات يمتدحنا , و يُثني علينا , بل وذهب يقول أنّ من مصلحته تقويتنا و غضّ الطرف عنّا . و يشمتُ بنا و بالفصائل التي تُقاتله .
موقُف النظام هذا بات يؤرّق أبناءكم و جُندكم في جيش الدولة أعزّها الله , بل و أصبح يسوءُهم ما يرونه من مُناصرة النظام الخبيث لنا عبر طائراته , أثناء إقتحامنا مواقع الصحوات و المرتدين و الإخوة في جبهة النُصرة هداهم الله . بل إنّ إشتراكنا في حصار ولاية الخير ( دير الزور ) مع النظام جنب إلى جنب , قد سبّب فتنة بين الإخوة المُجاهدين و أثار لغطاً , عجز شرعييو دولتكم المُباركة- أعزها الله- عن وأد هذه الفتنة و فشلوا بتبرير مُعاونتنا للنظام النُصيري في حصار ولاية الخير .
ذهب بعض الإخوة إلى إعتبار إشتراكنا بحصار الولاية أنّه ردّة عن دين الله , و مُظاهرة للكُفّار و تقوية شوكتهم و مُعاونتهم على إحتلال ديار المُسلمين .
فأجاب شرعييوا الدولة أنّ ذلك لا يُعتبر ردّة عن دين الله , و إنّما فقط إلتقاء مصالح , فاعترض عليه الإخوة بشدّة قائلين : كيف تلتقي مصالحنا مع مصالح الكُفّار بمُعاونتهم على إحتلال أراضي المُسلمين ؟
فأجاب شرعيوا الدولة أنّ كُلّ من هو موجود في الولاية مُرتدّ , فقال له الإخوة : هذا لم يثبت , فإن كفّرنا فصائل الجيش الحر و الجبهة الإسلامية , كيف لنا ان نُكفّر جبهة النُصرة و نُكفّر عوام المُسلمين سُكّان تلك الولاية و منهم من هو مغلُوب على أمره ؟ فأطرق شرعي الدولة صامتاً!! و حدث هرج و مرج بين المُجاهدين و قادة و جُندُ الدولة .
و الأمرُ الآخر الذي زاد الطين بلّة هو إنكارُ دولتنا لقتل " أبو المقدام " الذي يُسمّى قنّاص الدبّابات , فمُعظمُ جُند الدولة يعرفون أن الذي قتل أبو المقدام هي دولتنا المُباركة لردّته و لانتماءه لحركة احرار الشام , و يعرفُون الأخ الذي قام بقطف رأسه و هو من جُند الدولة .
فحدث تجاذبٌ عنيف بين الإخوة حول مقتل ذلك الرجل , فبعضهم قال :
إن كان ذلك الرجُلُ مرتدّاً فلماذا نخشى في الله لومة لائم ؟ و البعض الآخر قال :
إن لم تثبت ردّة الرجل فلماذا قتلته الدولة ؟ و هو لم يكن في جبهات الحرب ضدّها ؟ بل كان يُقاتل النُصيريّة و مشهورٌ إثخانه فيهم بشهادة بعض الإخوة في الدولة . و خصوصاً أنّه كان رافع السبّابة للتشهّد عندما كان يقوم الإخوة بقطف رأسه . و يقول بعض الإخوة ماذا سنفعل بـ " لا إله الله " يوم القيامة ؟
تشهّد عناصر الصحوات أصبح أيضاً يزرع الشك عند الإخوة لما يرونه من مظاهر الصلاح و السمت و التسنّن بسنّة المصطفى عليه الصلاة و السلام , و أصبح الكثيرُ منهم يتورّع عن تصفية عناصر الصحوات, بل تطوّر الموقف إلى حدوث مُهاترات و خُصومات بين جُند الدولة حول مشروعيّة تصفيتهم بثبوت ردّتهم من عدمها , فأصبح الأمرُ مُجازفة يخشاها جُند الدولة, الجريء منهم يذبحُ الصحوجي حرابةً لا ردّة .
أميري و مولاي حفظك الله ..
الأمر الخطير و المُزلزل و الذي أدّى إلى نقض بيعة العديد من جُند الدولة و تحوّلُهم إلى جبهة النُصرة و الجبهة الإسلاميّة هو أنّنا عندما نُحقّق مع عناصر جبهة النُصرة و بعض الصحوجية عن سبب حرابتهم للدولة و امتناعهم عن مُبايعتها أنّهم يقولون لنا بعض الأمور التي تجعلنا عاجزين عن الرد بشكل شرعي و منطقي , و قولُهم التالي هو الأشدُّ علينا و لا نملكُ له جواباً :
" أمير الدولة غير موجود و هو خيال لا حقيقة أو خائف لا يجرؤ على الظهور , فكيف لنا أن نُبايع أميراً نولّيه أمر المُسلمين و نحن لا نعرفه و لا نعرفُ نسبه و لا نعرف أمقتول هو أم حيّ , و كيف لنا أن نُبايع أميراً يخشى الموت او الإعتقال , أليس اللهُ أحقُّ ان يخشاه "
فإذا قُلنا لهم أنّ بعضُ أمراءنا رآه , قالوا لنا : " حتّى أُمراءكم مجهولي النسب و أسماؤُهم الكنى "
و يقُولون لنا " فليخرج علينا أميرُكُم و سنبايعه على الفور "
تقعُ هذه الكلمات على جُندنا كالصواعق و تجعلهُم هائمون لا يهتدون جوابا , و والله كثيرٌ منهُم من أقسم أنّ ما يقولوه لحقٌ واجب التبيّن منه , فمنهم من يسعى وراءه و منهُم من يترك الدولة .
أميري و مولاي حفظك الله ..
إنّ الفتنة التي سبّبها غيابكم و عدم ظُهوركُم لهي فتنة عمياء و تكاد تكون السبب الرئيسي لامتناع فصائل المُجاهدين عن مُبايعتكم , و لقد تسبّبت بإراقة الكثير من الدماء . فأرجو من الله ثمّ منكُم العمل على مشورة أهل العلم و الحكمة لتدارك الأزمة العميقة التي آل إليها الجهاد في الشام , و أقترح عليكُم ناصحاً القيام بالخُطوات التالية لتجنّب حدوث الكارثة :
1- عقد هُدنة مع الصحوات و المُرتدين , تشمل كافّة أرض الشام , للتفرّغ لقتال النُصيريّة و الروافض الذين قويت شوكتهم و امتدّت رُقعتهم .
2-وقف حصار ولاية الخير و معاونة النظام -الغير مقصودة- على ذلك , درءاً لشُبهة الوُقوع في الردّة التي بات جُندُ الدولة خائفون من إنطباقها عليهم , فلا إلتقاء لمصالح دولتنا مع مصالح النظام في حصار و احتلال ديار المُسلمين , لأنّها مصلحة غير جائزة , تؤدّي لتقوية شوكة الكُفار و فيها شُبهة مُظاهرة الكُفّار على المُسلمين و هذا حُكمه الردّة بلا شك . بسبب عدم ثُبوت الردّة على كُل سُكّان ولاية الخير , و لأن الأصل في سوادهم الإسلام , رغم الطارئ الوافد على أرضهم .
3- إستتابة عناصر الصحوة و الردّة من الفصائل الأُخرى , و بذل النُصح لهم و توعيتهم و تعليمهم دينهم و تفقيههم به , عسى أن يُظهر الله شان دولة الإسلام .
4-ضرورة إسراع جنابكُم- يا امير المُؤمنين- بالظهور لعامّة المُسلمين , لتطمئنّ قلوبُ المُبايعين , و لتسكت ألسنة المُشكّكين و لإقامة الحُجّة على المُمتنعين و لحقن دماء المُسلمين و المُجاهدين و ليفرح المُسلمين بأميرهم و قُرّة أعينهم و بشجاعته و إقدامه , لتكون قُدوة لهُم جميعاً .
إن ظُهُورك يا مولاي و أميري لهو أمرٌ عظيم , يفرح به المؤمنين , و أوّلُهم أنا , و يُغيظ المُشكّكين الذين يتباهون بظهور أُمراءهم و قاداتهم للعلن دون خوفٍ أو وجل .
و انا أقول لك يا أمير المؤمنين ...
إظهر للناس و فداك نفسي و مالي وولدي ..
إظهر لتحقن دماء الذين اختلفوا فيك
إظهر لتُثبت أنّك لست أقلّ شجاعة من الفاروق رضي الله عنه الذي كان ينام تحت ظل شجرة دون حراسة
إظهر لتجتمع جُموع المُسلمين تحت رايتك
إظهر لتقطع ألسنة المُشكّكين بحياتك أو موتك
إظهر لتقطع ألسنة المُشكّكين بنسبك
إظهر لتقوى حُجّة أتباعك و تطمئنّ قلوبهم في وجودك .
و الله سُبحانه و تعالى أعلم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
ولاية الخير, 19 رجب 1435