JustPaste.it

إسرائيل تُنحر في "معركة القدس"

2014-11-19 | خدمة العصرإسرائيل تُنحر في

كتب المحلل المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، حلمي موسى، عن عملية الكنيس الإسرائيلي أمس يقول: وجه مقدسيان ضربة صاعقة للوهم الذي تعيشه إسرائيل منذ احتلالها للقدس الشرقية العام 1967، وادعاء أنها موحدة تحت سيادتها، وأوصلا الرعب من العمليات الفدائية إلى الذروة باستهدافهما بسلاح أبيض المستوطنين في كنيس مقام على أرض دير ياسين.

وكأن الشهيدين غسان وعدي أبو جمل من جبل المكبر، المطوق بالاستيطان، لا يزيدان غضبة وانتفاضة أهل القدس الأخيرة اشتعالا وفقط، بل ويمدان حبل الثأر إلى حرب العام 1948 حينما أقدم الصهاينة على ذبح النساء والأطفال في دير ياسين.

وبمعنى ما، فإن هذه العملية في مكانها وزمانها، برغم محدوديتها، مقتل خمسة إسرائيليين بينهم ثلاثة من المهاجرين الأميركيين والرابع بريطاني الجنسية، وإصابة ما لا يقل عن عشرة، شكلت ما يشبه شن حرب شاملة على الفكرة الصهيونية وتجلياتها.

وليس صدفة أن وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نفتالي بينت، الذي يسابق الآخرين على إثارة الغرائز الدينية والقومية لدى عموم الإسرائيليين ويحقق بذلك تفوقاً على غيره، وصف العملية بأنها إعلان حرب.

ولكن هذه الحرب، الآن أكثر من أي وقت مضى، صارت تأخذ بعداً دينياً كثيراً ما خشيت الجهات الإسرائيلية إثارته: حرب بين الإسلام والصهيونية. فنتيجة مثل هذه الحرب واضحة لدى غالبية الإسرائيليين، وهذا ما أثار الرعب في نفوسهم.

وقد كانت بدايات ذلك واضحة في موجة الانتقادات الداخلية لمن أصروا على محاولة تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي ولمن أشاعوا أجواء بإمكانية صلاة اليهود في الحرم، وصولاً إلى تقسيمه زمانياً أو مكانياً وأوحوا بقرب بناء «الهيكل» المزعوم.

وما موجة العمليات التي نفذها مقدسيون من دهس وطعن في القدس خلال الأسابيع الماضية إلا تعبيرا عن المدى الذي بلغه التوتر في المدينة المقدسة جراء النشاطات الإسرائيلية الاستيطانية والقمعية على حد سواء. وإذا كان اختطاف وحرق الشاب محمد أبو خضير من شعفاط مطلقاً لشرارة انتفاضة القدس الحالية، فإن اغتيال سائق حافلة «إيجد»، يوسف راموني من راس العمود قبل يومين، صب الزيت على نار هذه الانتفاضة.

وإذا كانت الفكرة الصهيونية رأت طوال عقود الاحتلال بعد إعلان توحيد المدينة أن الاستيطان هو الحل لمنع إعادة تقسيمها، فإن فشل التوحيد يعني ربط الحبل على عنق الاستيطان وربما إسرائيل نفسها. فاليوم، أكثر من أي وقت آخر، وبسبب التداخل التام بين الأحياء العربية والمستوطنات اليهودية في القدس الشرقية، يبدو مستحيلاً الفصل بين اليهود والعرب من دون فرض نظام تفرقة عنصري. وقد تكون الأحداث الأخيرة مقدمة لإعادة النظر في فكرة الاستيطان ذاتها، خصوصاً مع تزايد المطالبة بإخضاع القدس بشقيها للإدارة العسكرية وليس للشرطة بغرض فرض الأمن فيها.

وكتب المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل: "يتطور العامل الديني في النزاع المتفاقم مع الفلسطينيين في القدس. والآن تتعزز المخاوف من أن موجة الإرهاب الجديدة بدأت ترتدي سمات الحرب الدينية. ويمكن الافتراض أن اختيار الهدف هذا الصباح، كنيس في حي هار نوف، لم يكن صدفة.

ومثل منفذ عملية الدهس الثانية في القدس قبل أسبوعين التي تمت على خلفية تقارير عن صدام رجال الشرطة مع مصلين في المسجد الأقصى، يمكن ملاحظة خلفية مشابهة لعملية اليوم: هدف ديني واضح على خلفية صراع ديني".

وفي كل حال، بعد اتضاح نجاح الشابين غسان وعدي أبو جمل في اختراق الإجراءات الأمنية المشددة في القدس وتنفيذ عمليتهما في الكنيس، عاد إلى الواجهة الصراع بين أجهزة التقدير والاستخبارات. وإذا كانت الشرطة الإسرائيلي تدّعي أنها عملت بسرعة، فإن الانتقادات توجهت نحو رجال السياسة والاستخبارات.

هذا، وقد اتخذت إسرائيل خطوات غير مسبوقة عقب عملية القدس، تمثلت أولاً بتسهيل حصول المستوطنين في القدس على رخص السلاح، وثانياً حين صرح مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية أن هناك توجهات لإدخال الجيش إلى المدينة، وهي المرة الأولى التي يدخل فيها إلى القدس، لمساندة الشرطة في حفظ الأمن فيها، حيث قام على الفور بإغلاق مداخل عدة أحياء عربية في القدس المحتلة.

هذه الخطوات، واستمرار التصعيد الإسرائيلي بحق المقدسيين، سواء أكان عسكرياً أن سياسياً أم مدنياً أم وجودياً، ستؤدي إلى استمرار العمليات الفردية الموجعة للإسرائيليين، كما يؤكد زياد حموري، مدير "مركز القدس للمساعدة القانونية".

وذكرت القناة الثانية أن منفذي الهجوم كانا على دراية تامة بتقسيمات الكنيس وغرفه وممراته، إذ إنهما هاجما عدة غرف إضافة إلى القاعة الرئيسية، وكانا يتنقلان من غرفة إلى أخرى، الأمر الذي يؤكد أنهما خططا للعملية مسبقاً وجيداً، وهو الأمر الذي أكدته القناة العاشرة نقلاً عن مصادر شرطية قالت إن المنفذين يعرفان الكنيس جيداً وتفاصيله الهندسية، ولا يستبعد أنهما خططا للعملية طوال الأيام الماضية.

ورأت القناة "العاشرة" أن السبب الرئيس الذي مكّن المهاجمين من إيقاع هذا العدد الكبير من الإصابات أنهما دخلا إلى الكنيس متنكرين بزي الحاخامات الحريديم، الأمر الذي سهل دخولهما وفاجأ من كان في المكان، وخاصة رئيس المعهد الحاخام تفيرسكي، إذ تظهر التحقيقات الأولية أنه أول قتيل سقط برصاص المهاجمين.

 وبخصوص اختيار المنفذين الهجوم على الكنيس، كشف موقع صحيفة "معاريف" العبرية أن العملية قد تكون رداً انتقامياً على قتل الفتى المقدسي محمد أبو خضير وحرقه في تموز الماضي. ونقلت عن والد أحد المتهمين الرئيسيين في قضية أبو خضير، يوسيف حاييم بن دافيد، أن ابنه كان يتردد إلى الكنيس نفسه يومياً للصلاة فيه، وقد "يكون اختيار هذا الكنيس تحديداً سببه الوصول إلى أقرباء قاتل أبو خضير وأصدقائه".