JustPaste.it

 

الولاء والبراء

ســرّ قـوة الدولـة

.

.

.

 

 عندما نلقي نظرة على الجماعات الإسلامية الموجودة في ساحة أمتنا المهزومة ، وننظر في طرح هذه الجماعات في ذاتها ، ونمط تحركاتها مع المجتمعات الأخرى من حولها ، وكيفية تطبيقها لأحكام الشريعة ؟ نجـد أنها تعيش خللا جسيماً ، يتمثل في عدم فهمها للإسلام ولبّ عقيدته كجماعات تتبنى الرؤية الإسلامية والعمل الإسلامي الذي يجب أن يكون  على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم ويفكر فيه هو وأصحابه وأتباعه الكرام من بعده ومن ثم تفرضه على الناس كنبراس يستنيرون به .

 

.

.

 

 فأي جماعة تنتسب للإسلام ولا تحقق التوحيد الخالص لله ، ولا تعتني بركنه الركين (الولاء والبراء) فهي جماعة لا تصلح أن تكون قدوة يحتذي بها الناس ، بل 4عليها أن تصلح شأنها وعقيدتها أولاً ثم تنطلق لنشر أهدافها  لتنضوي تحت قبة الطائفة المنصورة التي ذكرها النبي صلى الله عليه في الحديث الذي صار متواترا لكثرة رواته ويكفي أن رواه أكثر من عشرين صحابياً ، فهم وإن كانت الروايات متعددة في أماكن وجودهم في الشام أو بيت المقدس أو كان ذكرهم عاماً ، فلا يتصور عاقل أن كل الجماعات هي على منهج النبوة ، أو أن جماعة منها يمكن أن تكون المقصودة بالنصر ويُعقد عليها الولاء والبراء في شأنها الخاص،  وحالها مخالف لمنهج القدوة صلى الله عليه وسلم في تطبيق التوحيد وفهم عقيدة الولاء والبراء في منهجها العام مع الآخرين .

.

.

.

 

 

 لــذا ، من المحزن والمبكي  حينما ترى مسلماً ينتمي إلى أحدى الجماعات أو الفصائل الإسلامية اليوم وقد بدى على ظاهره حسن الاستقامة من لحية وقصر ثوب أو بنطال أو إزار ، مع تكثّر في العبادات والذكر وتشبّه بالصالحين ، ولكنه يضل ضلالا بعيداً في معرفة التوحيد أو يجهل باب الولاء والبراء ، الباب الذي قال عنه العلماء :

.

.

.

هو محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين ومعاداتهم، والبراءة منهم ومن دينهم، هذا هو الولاء والبراء كما قال الله سبحانه في سورة الممتحنة : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) ، يقول شيخ الإسلام –قدس الله روحه- : "على المؤمن أن يعادي في الله ويوالي في الله، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه – وإن ظلمه- فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية ، قال تعالى : (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما) . 

.

.

.

فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي، وأمر بالإصلاح بينهم، فليتدبر المؤمن : أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك، فإن الله سبحانه بعث الرسل، وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه، والإكرام والثواب لأوليائه والإهانة والعقاب لأعدائه.وإذا اجتمع في الرجل الواحد : خير وشر، وفجور وطاعة، ومعصية وسنة وبدعة ، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة كاللص تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته. هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم" . أهـ

.

.

.

 فمن تأمل كلام هذا الشيخ الرباني وعرف ما تقوم به الدولة الإسلامية من خير عظيم في تبنيها مجاهدة الروافض والنصيرية والملاحدة ثم أمريكا بحلفها الصليبي وجب عليه محبتها بهذا القدر من الخير الذي تؤديه عن أمة الإسلام وأن من عادى الدولة الإسلامية بقول أو فعل أو تخطيط أو كره قلبي إنما هو بعيد عن شرط من شروط الإيمان وهو الولاء والبراء ، وأصبح يتصف بصفات الخوارج معهم أي "داعش" التي يتهمونها زورا وظلماً بذلك وهم يعلمون أن جميع ملل الكفر ونحلهم أعلنت الحرب عليها وتحالفوا مع إخوانهم أهل العمالة والنذالة ضدها بصورة لم يشهد تاريخنا المعاصر مثلها .

.

.

.

وبهذا يتضح أن من جعل بعض أخطاء الدولة التي وقعت بها من غير قصد ، لا التي يتهمونها بها بلا دليل ، سبباً لمعاداتها وحربها ووقوفاً مع الكافرين ضدها ، فقد قطع أصل الولاء والبراء الذي أوجبه الله على كل مسلم موحد أن يمده إلى إخوانه المسلمين المجاهدين الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا ، ويكون هذا المعادي للمجاهدين عاصياً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم مقدماً لشهواته ودنياه على دينه وأوامر ربه ، مجازفا بآخرته !

.

.

.

 

فعقيدة أهل السنة والجماعة أن يوالي المسلم المسلم وينصره أيا كان جنسه ولونه ونسبه ، ويعادي الكافر ويخذله أيا كان جنسه ولونه ونسبه ،  يقول تعالى : (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) ، وإذا فهم المسلم قوله تعالى  (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) ، وقد تقرر لديه أن موالاة المؤمنين واجبة عليه حتى لو أن بينه وبينهم خصومة وأنه يجب عليه أن يعادي الكافرين معاداة صريحة حتى لو أحسنوا إليه وأعطوه وقربوه بما لا يظلمهم ، فكيف يهنأ له بال أو ينعم بحال وهو يقرأ قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) ، يقول ابن عباس رضي الله عنهما- : "هو مشرك مثلهم لأن من رضي بالشرك فهو مشرك" ، ومن المعلوم بداهةً أن الدولة الإسلامية تقاتل الرافضة الأنجاس الذين عثوا في بلاد العراق وسنته شراً سنوات طويلة ، وأنها تقاتل النصيرية ونظام بشار الذي يعذب المسلمين ويدفنهم أحياء أمام مرأى العالم ، والعالم الإسلامي ، ولم يتحركوا لنصرتهم ؟! ثم الآن تستيقظ قلوبهم و تأتيهم الغيرة على الدين بعد أن جاءت أمريكا بقضها وقضيضها لتقاتلهم فساندوها عليهم !! وليت شعري : أي عقيدة ينتمون إليها ؟ وهذا المسلم لا يزال في ظلمه لإخوانه في الدولة الإسلامية ، ولا يزال في صف أعدائهم من الكافرين ، موالياً لهم وبائعاً دينه بأبخس الأثمان وهو لا يشعر أن أوثق عرى الإسلام هو (الولاء والبراء) ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) ، ويغمض عينيه عن قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) ، فأنى لقوم ظالمين ناصروا الكافر على المسلم أن يهديهم الله ؟!

.

.

.

ومن تأمل في أحوال المسلمين قديماً وقرأ كلام السلف -رحمهم الله- عرف أنهم مع خلافهم واقتتالهم يوالي بعضهم بعضاً موالاة الدين لا يعادون كمعاداة الكفار، فيقبل بعضهم بشهادة بعض، ويأخذ بعضهم العلم من بعض، ويتوارثون ويتناكحون، ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض مع ما كان بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك ، لأنهم يعرفون الآيات ويعملون بها ، قال تعالى : (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) ، وقد وصف الله المتقاتلين من المسلمين بالمؤمنين ، يقول ابن تيمية – قدس الله روحه- : "ما ينبغي لأحد أن يحمله تحننه لشخص وموالاته له على أن يتعصب معه بالباطل أو يعطل لأجله حدود الله تعالى" أهـ .

.

.

.

  وإن كان الولاء والبراء من أعمال القلوب الدقيقة والخفية إلا أن مقتضياته تظهر جلية على اللسان والجوارح ، وهذا من نشاهده بين حين وآخر من ظهور كلام قادح أو أفعال مشينة من بعض المتظاهرين بالنصح للمسلمين ، مع تظاهرهم بمحبة المسلمين ونصرتهم ونصحهم للدولة الإسلامية زعموا وما تخفي صدورهم أكبر !! حتى إذا ما عرفت الدولة حقيقتهم وأنزلتهم مكانتهم رجعوا عليها وقلبوا ظهر المجن ! 

.

.

.

 

فأي ولاء وبراء يملكه أولياء الشيطان أولئك ؟ يقول الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب - رحمهم الله - : "فهل يتم الدين أو يُقام عَلَم الجهاد أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله ، والمعاداة في الله ، والموالاة في الله ، ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة ، ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء ، لم يكن فرقانًا بين الحق والباطل ، ولا بين المؤمنين والكفار ، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" أهـ .

.

.

.

 

فمن حقق هذا الأصل المهم ، فقد صان عقيدته ، ووفقه الله لذلك ، وهذا هو السر العجيب في تأييد الله لهذه الدولة الإسلامية وتفوقها في الميدان رغم قلة العدد ، وحفظها من الهلاك وبطش أعدائها رغم قوة سلاح أعدائها ،  روى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : "من أحب في الله وأبغض في الله ، ووالى في الله وعادى في الله ، فإنما تنال ولاية الله بذلك " ، فالمنصفون والعقلاء –وقليل ما هم- يعرفون أن الدولة الإسلامية تُحب في الله وتبغض في الله ولذا كرهها أعداء الإسلام وحاربوها ، ولن يضروها بشيء فقد نالت كما –نحسبها- شرف ولاية الله بسبب ذلك ومن ينال هذا الكرم العظيم فلا يستطيع أولياء الشيطان أن يهزموه .

.

.

.

 

 يقول الشيخ حمد بن عتيق - رحمه الله - : "فأما معاداة الكفار والمشركين فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك ، وأكد إيجابه ، وحرم موالاتهم وشدد فيها ، حتى أنه ليس في كتاب الله تعالى حُكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده" أهـ. وما نراه اليوم من جماعات تنتسب للإسلام وتلتزم بعض شعائره وهي تعادي الدولة الإسلامية التي أجمع أهل الكفر في الأرض محاربتها ، ثم نراهم يقفون مع أعدائها صفاً واحداً ويؤازرونهم بالقتال والمعلومات وغير ذلك مما يستعين به العدو ويستفيد منه في قتل المسلمين هناك كما يشاهده الجميع  ، يعدّ قاتلاً للولاء والبراء ، ويعتبر ناقضاً من نواقض الإسلام التي لا يختلف عليه أهل العلم ، وهذا مما يجب أن يعرفه الناس فيحذروا أن يذهب دينهم ، بسبب جماعات تحسن الكلام ولا تحسن الأفعال  باعوا دينهم لأسياد الكفر بثمن بخس.

.

.

.

 

 فاحذر أيها المسلم الراجي عفو ربك ، أن تقف غدا بين يدي الله ، ولا تجد إجابة تنجيك من عذابه وناره ، يوم أن وقفت تذم وتحارب وتطعن وتشكك في الدولة الإسلامية وقادتها وجنودها ، وأنت ترى الكفار جميعاً وقفوا صفاً واحدا ليحاربوها ، أيجهلك أن سبب ذلك تطبيقها للتوحيد الذي خلق الله الكون والناس لأجله ؟ أتتجاهل رؤية أفعالها العقدية وهي تزيل معالم الشرك في كل مكان تسيطر عليه ، وفي الساعات الأولى من بسط قوتها ! أين تحقيق (لا إله إلا الله محمد رسول الله) التي تعتقدها وتؤمن بها ؟ يقول بن تيمية -قدس الله روحه- :  "إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ، ولا يبغض إلا لله ، ولا يواد إلا لله ، ولا يُعادي إلا لله ، وأن يحب ما أحبه الله ، ويبغض ما أبغضه الله" أهـ .

.

.

.

 

 أيها المسلم ، هل تملك من القوة يوم القيامة ما يمنع عنك عذاب الله ، وأنت تعلم الآن أن الله يحب أفعال الدولة الإسلامية في نشر التوحيد وإزالة ما يضاده وهو ما يحبه الله ويرضاه ثم تأتي أيها المخلوق وتكره ما أحبه خالقك ؟ 

.

.

.

 

 بينما الكفار وأعوانهم من المنافقين يكرهون أفعالها ويحاربونها لأجل ذلك ، وأن الحرب بين خصوم الدولة والدولة ، هو لأجل تمسكها بعقيدة صافية وتوحيد خالص ؟ فاختر لنفسك أيها المسلم مكانك يوم القيامة وأي الصفين ستقف معه غدا ، مع جماعتك وفصيلتك التي عادت جنود الله الموحدين ووقفت مع الكافر الصريح ، أم تتجرد للحق ولا تتكبر عليه وتقدم رضى الله ولو سخط عليك المقربون ، فتتحرر من قيود الجماعات والأحزاب والفصائل ، وتنضم إلى ركاب الموحدين من المجاهدين وإلى رحاب الإسلام الذي يخشاه الغرب والشرق .

.

.

.

 

يقول ابن تيمية –قدس الله روحه-  : "ومن مال مع صاحبه - سواء كان الحق له أو عليه -  فقد حكم بحكم الجاهلية وخرج عن حكم الله ورسوله، والواجب على جميعهم أن يكونوا يداً واحدة مع المحق على المبطل، فيكون المعظم عندهم من عظمه الله ورسوله، والمقدم عندهم من قدمه الله ورسوله، والمحبوب عندهم من أحبه الله ورسوله، والمهان عندهم من أهانه الله ورسوله , بحسب ما يرضى الله ورسوله لا بحسب الأهواء؛ فإنه من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه ، فهذا هو الأصل الذي عليهم اعتماده، وحينئذ فلا حاجة إلى تفرقهم وتشيعهم" . أهـ

.

.

.

 

فالنجاء النجاء ولا يستخفنك الذين لا يوقنون. 

..

..

  اللهم أعز الإسلام وانصر دولة الإسلام .

 بقلم/ غريب السرورية