JustPaste.it

إلى اليمني الذي يفتخر بإسلامه

((ولاتقف ماليس لك به علم))

 

أحمد جلال الدين

ناصح من العراق

 

الحلقة الأولى:

بسم الله الرحمن الرحيم..

 

نحمد الله سبحانه على نعمة الإسلام، ونستعيذ به من الوقوع في مخالفته، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد خرج علينا مناصر لتنظيم الدولة الإسلامية، مقرب منه على مايبدو، سمى نفسه: اليمني الذي يفتخر بإسلامه، بمقال نشره على بعض مواقع الإنترنت، كذب فيها مايقال عن مشاركة  ثوار العشائر والمجلس العسكري في القتال الدائر على الساحة العراقية.

وقد أسند الكاتب ـ الذي لايعرف أبناء البلد شيئا عنه  ـ  مزاعمه هذه بتسجيلات فديو؛ زعم انها لتنظيم الدولة الإسلامية تمت سرقتها، وتبنيها من آخرين، واتهم ثوار العشائر والمجلس العسكري بانهم (ضباع ولصوص الجهاد في العراق)، وانتهى إلى خلاصة مفادها أن لاوجود في ساحة الجهاد لسواهم، وانهم وحدهم يقاتلون الخصوم والاعداء.

والمقال لايخلو من طول، ومن مجازفات بالحقائق، ومن تمويه، لن أشغل نفسي بالرد عليها.

لكني أرى ان هذا الكبرياء، والتلاعب بالحقائق، وسياسة إقصاء الآخرين، ومصادرة جهود الأكثرية، لتتربع الأقلية على المشهد، والمجازفة بمستقبل عشرات الملايين من المسلمين، من قبل جماعة تظن في نفسها أنها رسل الله في الأرض، وانها وحدها صاحبة الشرعية، أمر لاينبغي السكوت عليه، لانه منكر، وآن الأوان  لكشف بعض الخفايا وليس كلها، فلا مصلحة في كشف جميع الاوراق والصراع مع الطواغيت مازال قائما، عسى أن يعتبر من ذلك من يعتبر، ويكف عن مغالاته من يكف، ونتقي الله في مصائر الشعوب المسلمة، فإن الحق يحفظه الرحمن، وليس يحفظه نفر من الناس.

وقد أرتأيت أن أرد على الاخ اليمني في حلقات، اتجنب في كل حلقة منها الطول، وأركز فيها على مايسمح الوقت بالإفصاح عنه..

وبادىء ذي بدء أحب التسجيل أن هناك اتفاقا بين الثوار على اختلاف فصائلهم، بإلتزام الصمت تجاه مايصدر من هذه الجماعة من مزاعم وخروقات حفاظا على إنجاح مشروع الثورة، ودفعا للفتنة الداخلية، وضمانا للوصول إلى الهدف في أقصر وقت.

هذا الإتفاق تم اثناء التخطيط للثورة، قبل اندلاعها، ولم يكن بين صفوفها وقتئذ من يمثل هذه الجماعة، فقد كان ثمة توقع لدى الجميع إن الثورة إذا وقعت وحققت انتصارات، وانهارت المنظومات الامنية للحكومة في بغداد؛ فإن هذا التظيم الساكن في الصحراء منذ سنوات، والذي لديه خلايا نائمة في بعض المدن، سيستغل الفرصة، وسيعلن عن نفسه، وسيدخل ساحة الصراع، ومن الراجح أنه سيعيد أخطاء الماضي ، وسيحاول مصادرة الآخرين، فما العمل، فكان الرأي ان الهدف الاول هو اسقاط النظام في بغداد، ولاينبغي أن يشغلنا عنه شاغل، وعلينا تحمل هذه الجماعة، والصبر عليها، كما فعلنا معهم من قبل اثناء الاحتلال الأمريكي، لأن هذه الجماعة لديها الإستعداد أن تترك المالكي وعصابته، وتلتفت لمقاتلة الثوار كمافعلت أصولهم زمن الإحتلال الامريكي، فقد قاموا في مواطن عديدة بترك الامريكيين، والمواجهة مع بعض فصائل المقاومة، لأنها رفضت البيعة لدولتهم الوهمية وقتئذ، الأمر الذي أعطى الامريكيين فرصة لتنفس الصعداء بعد أن كانوا على وشك الرحيل بشهادة كبار قادتهم، وبطبيعة الحال لا أعني بذلك المواجهة مع الصحوات، لأننا نعد قتال الصحوات حينها واجبا لاغبار عليه، مع التحفظ على مبالغات، وخروج على الضوابط الشرعية إرتكبتها هذه الجماعة في هذا الشأن.

وهنا أود أن أسوق لصاحب المقال وغيره، ممن ينسج على منواله في الإعلام، غفلة منه، أو عن سابق إصرار في التمويه والتضليل، لحسابات الغلبة والتفوق للمشروع الذي يعمل في ظله، فهذه تفاصيل وحده المولى عز وجل يعلم أسرارها، إذ ليس سواه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور..

أحب أن أسوق لهم حقيقة قد تثيرهم، وقد يستشيطون لها غضبا، لكنها تبقى حقيقة، توالت على تأكيدها التجارب، وهي أن  تنظيم الدولة الإسلامية حاله حال تنظيم سياسي إسلامي معروف يعد أصحابه انفسهم شعب الله، وانهم هم الإسلام، والإسلام هم، فمن أساء إليهم بحق أو بغير حق، فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، إن لم تكن أكبر الكبائر، على اعتبار ان الإساءة لم تكن لهم وإنما إلى الدين، ولهذا عبر مسيرتهم، كانوا يستهدفون كل من ينتقدهم، أو لايواليهم، أو يختلف معهم، بكل مالديهم من سلاح، ومنها حرب الإعلام والشائعات، وليس يهمهم في هذا الصدد الصدق من الكذب، لأن من أساء إلى الدين ليس له حرمة، وشاع بين بعض صفوفهم لفترة أنه يجوز الكذب على صاحب البدعة، وكم نالوا من علماء اجلاء، وكم أساءوا إلى حركات إسلامية، وكم تواطأوا مع دول في سبيل أن يصفو لهم الجو، وتكون لهم الغلبة..

تنظيم الدولة الإسلامية هو الآخر يتصرف بنفس الطريقة، فهو الدين الحنيف، وهو واجهته، وعلى الجميع أن ينحني له، ويسير وراءه، لانه المفوض عن الله، ومن لايفعل ذلك فينبغي أن يفلق رأسه بالرصاص، كما عبر عن ذلك الناطق باسم هذا التنظيم فور إعلانه عن الخلافة.

ولذا فبعض افراده مثل ذلك التنظيم السياسي الذي أشرنا إليه آنفا، يسوقون لمشروعهم دعائيا، ويحاولون أن يستجلبوا له الدعم والتأييد، ولايهمهم ماهي الحقيقة، إنما كل الذي يهمهم كيف يقنعون الناس ان هذه هي الحقيقة، ويمكن تقديم الأخ اليمني نموذجا لذلك..

بل إن هذا التنظيم مارس بحق الثوار والمجاهدين المكر والخديعة، والظلم والإقصاء، من أجل ان يبدو امام العالم انه وحده من يقاتل، وأنه صانع الثورة وقائدها، وكان يحاسب من يشاء، ولايقبل بأن يحاسبه أحد حتى لو وقعت منه أخطاء قاتلة، وكان ينزل عقوبات بمن يشاء، ولايسمح لأحد بإنزال عقوبات بحق من يسيء من عناصره، حاله في ذلك حال أي حزب سياسي يحكم شعبه بطريقة الإستبداد..

وللأسف على الرغم من إدعاء عناصر هذا التنظيم انهم رجال التوحيد، وانهم حماة هذه الكلمة العظيمة، فإن لديهم سلوكيات منافية لمقتضيات التوحيد، سلوكيات ينطبق عليها وصف الشاعر حين خاطب ملكا جبارا فقال له:

ماشئت لا ما شاءت الأقدار            فاحكم فأنت الواحد القهار.

هم كذلك.. لايسألون عما يفعلون، وغيرهم يسأل..

وهذا وهم، وآفة كبيرة، تورد أصحابها موارد الهلاك في الدنيا وفي الآخرة الآخرة، فليس في شرع الله معصوم سوى الانبياء، وقد قال سلفنا الصالح كلمة اجمعوا عليها، كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولاتوجد جماعة لديها الحصانة من الله سبحانه، كما أن الإختلاف في الحديث، وطمس الحقائق أمر لايليق بالرجال حتى يليق بمسلم مجاهد، فضلا عن أن الكبرياء رداء الله، وليس رداء خلقه،  وقد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار )، وروي بألفاظ مختلفة منها ( عذبته ) و( وقصمته )، و( ألقيته في جهنم )، و( أدخلته جهنم )، و( ألقيته في النار )، الحديث أصله في صحيح مسلم وأخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وغيرهم.

        حتى الخليفة نفسه هو في الدين مجرد رجل قائم بأمر الله، يمكن أن يعزل، ويمكن أن يقتص منه، حاله في ذلك حال أي فرد في رعيته، وقد سجل لنا التاريخ أن سيدنا عمر رضي الله عنه، حين تعرض للإغتيال، قال لأصحابه وهو على فراش الموت، إن عشت فدعو الامر لي يعني محاسبة من طعنه، وإن مت فاقتلوه فإنما هو رجل برجل، ومثله فعل حين طعن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي تؤكد أخبار سيرته أنه جلس يوما بجوار يهودي أمام القضاء، وغضب لأن القاضي كناه في محادثته بينما نادى على اليهودي باسمه المجرد..

        حين خطب السيد أبو بكر البغدادي أول خطبة له في جامع النوري في مدينة الموصل، قرأت مقالا بعد أيام حول هذا المشهد بعنوان: أخطاء البغدادي في خطبته الأولى، كان مما جاء فيه أن البغدادي في أول ظهور له صلى في مسجد فيه قبر ! وبحسب الفكر الذي ينتمي إليه فإن هذا من المحرمات، ونظف فمه بالسواك بعد أذان الظهر، وهذا في عرف العلماء مكروه لأن السواك مستحب للمسلم في كل الأوقات إلا بعد زوال الشمس للصائم، وأورد من الاحاديث ماهو ضعيف ومنكر ولم ينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل في السند شيئا، وهو أمر مخالف لأهل العلم وما درجوا عليه من الإبانة، وقال إن الخلافة ضعيت منذ مئات السنين، وهو خطأ فاحش، فقد كانت الخلافة العثمانية قبل مائة عام، وغير ذلك.

وعلى الرغم  من ان هذه الاخطاء ـ في تقديري ـ لاتغض من قدر الرجل، وتضيع في إيجابيات خطبته، وتفاصيل المشهد الأخرى، لكنها رسالة يجب أن نتعظ منها، وهي أننا بشر نخطىء ونصيب، وليس من حق احد أن يرى في نفسه تفوقا على البشر، أو يسوق له اصحابه ـ حتى ولو كان ذلك بطريق الإشارة والتلميح ـ على أنه الرجل الذي لايخطىء.

وعلى أية حال، فإني سأسوق في الحلقات القادمة وقائع تدلل على ما ذكرته، وتؤكد أني لم اتهم أحد ظلما، وأني أريد الإصلاح ما استطعت، قبل أن يفوت الاوان، ويسلط الله علينا بسبب ذنوبنا من لايخافه، ولا يرحمنا..

والله من وراء القصد

21 رمضان 1435هـ

19 تموز 2014 م

 @jalal2aldeen

 

مقالته التي نشرت في وقت سابق

http://justpaste.it/fy64