JustPaste.it

نشرت اليوم سؤالا:  أود معرفة رأي المتابعين (خاصة من المؤيدين لمسلك جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام) فيمن يقول هذا الكلام، وفيمن يرضى لنفسه أن يكون تحت إمرته:

 

(إننا نسعى لقيام دولة في سوريا تؤمن بإقامة علاقات ثنائیة ايجابية مع جمیع الدول المجاورة في إطار من الاحترام المتقابل، و ترید فتح باب جدید للتعاون الشامل معها في مجالات التنمیة الاقتصادیة و حسن الجوار. إننا نعتبر المنطقة كلها بمثابة بیت واحد في مقاومتها للاستعمار، ونرید أن نقوم بدورنا الإيجابي في استقرار الأوضاع في المنطقة، ونطمئن جمیع الدول بأن هذه الدولة المنشودة في سوريا - بصفتها قوة تدرك مسؤولياتها وصلاحیاتها - كما أنها لا تسمح لأحد أن یتدخل في شؤونها، فهي أيضا لا تتدخل في شؤون الآخرین).

 

طبعا، جاءت الردود بالاستنكار الشديد. بل لا أشك أن عامة المؤيدين لمسلك اتهام الآخرين بأنهم صحوات ومنافقون سيرى هذا الكلام كفرا بواحاً لاشتماله على "احترام الكفار" و"موالاتهم" و"الاعتراف بأنظمتهم" و"القبول بدولة إسلامية قطرية".

وبالتالي، فمن يرضى لنفسه أن يكون تحت إمرة من يقول هذا الكلام فإنه يلحقه حكم قائله، لأنه "يقاتل من أجل راية عمية جاهلية" وفي سبيل دولة مدنية معترفة بالقوانين الدولية.

 

والبعض قد يرى كفر قائلها من ثوابت المنهج، والشك في كفره وعدم الصدع به "انحرافا عن المنهج"

 

المفاجأة الأولى أن هذا هو كلام الملا محمد عمر بالنص الحرفي دون تغيير حرف واحد! فقط ضع عبارة (إمارة أفغانستان الإسلامية" مكان "إننا نسعى لقيام دولة في سوريا"...قاله الملا في خطاب عد الفطر عام 2009، أي قبل خمس سنوات. ونشره موقع إمارة أفغانستان الإسلامية.

 

والمفاجأة الثانية أن الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله كان وقتها مبايعا للملا عمر وجنديا من جنوده، وبقي مبايعا له إلى أن قُتل بعد هذا الخطاب بسنتين تقبله الله.

 

وللعلم، فالملا يكرر المفاهيم نفسها في العديد من خطابات العيد، ولم تنكر حركة الطالبان نسبتها إليه.

 

عندما اطلعت على خطاب عام 2009 راجعت الشيخ أبا محمد المقدسي فكه الله من الأسر وقلت له هذا كلام منكر من الملا حفظه الله. فوافقني وكتب مقالا نُشر بعنوان (رسالة من الشيخ أبي محمد المقدسي إلى أمير المؤمنين الملا عمر).

كانت هذه الرسالة سرية في البداية، لكن الشيخ نشرها عندما لم يتلق استجابة. ووضح سبب نشرها في رده على من سأله عن خطاب الملا فكان مما قال الشيخ أبو محمد: (فمن دواعي نشري لها سد الطريق على من قد يتطاول على إخواننا المجاهدين ويرد عليهم بأسلوب شذاذ الآفاق والغلاة والهمل فرأيت نشرها هنا من باب المبادرة بالأسلوب الأمثل ليقتدي به كل حريص على مناصحة الجهاد والمجاهدين).

 

يا شباب جماعة الدولة ومن تبررون مسلكها، أسألكم بالله:

1. لو خرج مثل كلام الملا من جماعة مجاهدة بالشام، ماذا كنتم ستقولون عنها؟ أجيبوا أنفسكم بأنفسكم.

2. لو لم تعلموا من قبل أن الشيخ أسامة شخصيا كان مبايعا لمن يقول هذا الكلام، بماذا كنتم ستحكمون عل من يبايع قائله؟

3. أليس العدناني يتغنى دوما باتباع منهج الشيخ أسامة؟ ها هو الشيخ أسامة يرى هذا الكلام من أميره الملا عمر ومع ذلك لم يكفره ولم يجعل محاربته أولى من محاربة الأمريكان المحتلين. فالشيخ كان يدرك أن هذا ليس من الدين ولا من العقل ولا من تمام الولاء والبراء كما يتوهم البعض.

 

كان الشيخ يدرك أن هناك عدوا صائلا مستعلنا بكفره يُزهق الأنفس وينتهك الأعراض ويدنس الحرمات، فالانشغال عنه بتصريحات تخرج من مسلم محارب لهذا الكافر، وسوء الظن بهذا المسلم، ووصفه بأنه صحوات منحرف المنهج...هذا كله ليس من الدين في شيء.

 

أعيد وأؤكد: لا نرى هذه التصريحات من الملا -حفظه الله وغفر له- مقبولة، ولا مبررة بالسياسة الشرعية. وقد عالجها الشيخ أبو محمد فكه الله من الأسر في رسالته أجمل معالجة. وكنت أتمنى لو أن الشيخ أسامة نفسه -تقبله الله- استنكرها علنا بأسلوبه المؤدب المعروف، حتى يفوت الفرصة على من يتمسحون به ويدَّعون الانتساب إلى منهجه ثم هم لا يحترمون ذوي الشيبة في الجهاد، ويزجون بالمجاهدين في أوصاف الصحونة والسلولية على أمورٍ منها تصريحات ليس فيها ربع ما في تصريحات الملا من خطأ.

اللهم ألف بين قلوب المسلمين واهد الضالين وافضح المبطلين.