JustPaste.it

 

نقض بيان أبي خالد السوري

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد :-

فقد أصدر أبو خالد السُّوري - وهو أحد الأمراء في الجبهة الإسلاميَّة - بياناً اليوم حوى فيه تضليلاً وتحاملاً على الدَّولة الإسلاميَّة في العراق والشَّام - أعزّها الله ونصرها - .

وأنا أستعين بالله فأُورد قولَه ثم أتعقّبه بإذن الله بما ينقض باطله .

وقبل الشّروع في ذلك لابدّ من التّنبيه أنَّ سابقة المرء في الخير والصّلاح والجهاد ليست بعاصمةٍ له من الزّلل والخطأ .

فإذا كان نفرٌ ممن صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لحقوا بالمرتدين وادّعى بعضهم النبوة , فإن غيرهم من باب أولى أن يكون عُرضةً للزلل والخطأ .

فكلٌّ يُؤخذ من قوله ويُترك إلا نبينا عليه الصلاة والسلام , وكون الرّجل ذو سابقةٍ في الجهاد والنّكاية في أعداء الله فذلك لا يصيِّره معصوماً لا يُردُّ عليه خطأه ولا يتجاسر أحد على نقض باطله , وهذا ما استعصى على المُتعصبَّة إدراكه وفقهه .

بل أبو خالد وغيره من المسلمين كلّهم بشرٌ يصيبون ويخطئون , والواجب ذكر فضلهم والتّنبيه على خطأهم - إن وُجد – بلا تحرّج .

قال أبو خالد :

« إنّ الشّيطان يقعد لابن آدم كل مرصد ومن مقاعده للمجاهدين في سبيل الله أن يوقعهم بفخاخ الغلو واستباحة دماء المسلمين , وإن هذا المسلك دمَّر الجهاد في الجزائر وفي غيرها من السّاحات , فلا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثاً فتفسدوا الجهاد الشّامي بالوقوع فيها » انتهى .

قلتُ : هذا الكلام ظاهره في الرَّحمة وباطنه من قبله العذاب !!

فكأنَّ الرجل يوحي بكلامه أنّ الدّولة غالية في اعتقادها مُستبيحةٌ لدماء المسلمين .

وهذا بهتانٌ عظيمٌ وفريةٌ أطلقها مشايخ السّوء المرقِّعون لطواغيت الرِّدَّة .

وليس العجبُ أن يرمي علماء الطّواغيت المجاهدين في سبيل الله بمثل هذا وأكثر , ولكن العجب أن يتلقّف هذه الفِرى من كان له في الجهاد سابقةٌ سامقةٌ كمثل أبي خالد .

وكان الأولى به أن يُدلِّل على كلامه واتّهامه للدَّولة بالغلو واستباحة دماء المسلمين , ولكن الرّجل ما فعل ذلك وأنّى له ؟!!

فإرسال الكلام بلا استدلال يجيده حتى البُلهاء , فليس كلامه وحيًا منزلاً حتّى يترك الاستدلال له , فقد كان الواجب عليه أن يأتي ببيّنات تدلّ على قوله , لا أن يطلق الكلام ويُرسله بلا بيّنات أو براهين .

والرّجل إن خلا من الحُجج والبينات , هرع إلى الكلام المرسل وترك الاستشهاد والتّدليل على كلامه .

عن ابن عبّاس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال : « لو يُعطى الناس بدعواهم ، لادّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالهم ، ولكنّ اليمين على المدّعى عليه » .

هذا في دماء الناس وأموالهم , فما بالك بمن اتّهم ديانة النّاس ورماهم بالغلو والشّطط بلا بينة أو برهان ؟!!

وكلّ كسرٍ فإن الله يجبره *** وما لكسر قناة الدّين من جابر !!

فكلام أبي خالدٍ ههنا مردود عليه ومضروبٌ به عرض الحائط لخلِّوه من البيّنات الدّالة على صدق دعواه .

قال أبو خالد :

« إن إطلاق أحكام التكفير والردة ومثلها اتهام الفصائل بأنها صحوات إطلاقاً على جماعات بأسرها من غير تثبّت وبيّنة لهو من أكبر الكبائر وأعظمها إثماً وجُرماً فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال : (من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما) فكيف بمن أطلق هذا الحكم على جماعاتٍ مُجاهدة بأسرها تريد تحكيم الشّرع وإقامة الدّين كما عرفنا وخبرنا من أمرها » انتهى .

قلتُ : أما الكفر والردّة فهي أحكامٌ أُنيطت بمن تلبّس بهما , ولو تلبّس بهما أحدٌ فيجب شرعاً إطلاقه على من اتّصف به ولو زعم أنّه مجاهد في سبيل الله !!

والجماعات التي تُقاتل الدّولة الإسلامية في الشّام هي بين حالات :

إما جماعات تأتمر بأمر الائتلاف الديمقراطي الكفري , فهذه الجماعات طائفة ردّة وكفرٌ ولا شكّ في ذلك عند صحيح العقيدة وسليم العقل .

أما الدّليل على ذلك فإن الائتلاف الدّيمقراطي يطلب دولةً لا تحكم بشرع الله ويدين بالديمقراطية وهو دين كفرٌ وشركٌ بالإجماع وليس هذا مقامُ بيان مناطات كفر الدّيمقراطية .

وفوق ذلك فإن هذا الائتلاف قد صُنع على عين الصّليبين وموالاتهم لهم ظاهرةٌ لا ينكرها جاحد .

حينئذٍ كلّ من تمالأ معهم أو والاهم وناصرهم على المسلمين من الجماعات التي تزعم الجهاد في الشّام وغيرها فإنّ حكمه الردّة بالإجماع الذي نقله غيرُ واحدٍ من العلماء سواءً قاتل الدّولة الإسلامية أم لم يُقاتل .

والثّاني : جماعاتٍ لا تأتمر بأمر الائتلاف ولكن ثبتت موالاتهم للكفّار والمرتدين من حكّام العرب وغيرهم .

فهؤلاء حكمهم كالطّائفة الأولى وهي الردّة والكفر والعياذ بالله , وإنّما ميّزتهم عن الأولى لأن كفر الطائفة الأولى مغلّظ .

والثالث : جماعات لم يثبت لهم موالاة لكفارٍ أو مرتدين , ولكنّهم بغوا على الدّولة الإسلامية فأخرجوها من دارها وقتلوا رجالها واستباحوا نسائها وفعلوا بهم الأفاعيل والله المستعان .

فهؤلاء ليسوا أهل ردّةٍ ولم يزعم أحد ذلك فيما أعلم , بل هم طائفة باغية صائلة على الدماء والأعراض ودفعها متوجّب لقول الله سبحانه وتعالى : [فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء] .

فمقاتلة الدّولة لهذه الفئة هو متوجّب حتى يفيء البغاء إلى دين الله .

وأنت لو تدبّرت في حال هذه الكتائب الباغية لعلمت أنّهم من قطّاع الطّرق وممن اشتُهر بالجُرم والفُحش والإفساد في الأرض .

فتحصّل من هذا أنّ الدولة الإسلامية لا تُطلق التكفير عبثاً أو غلواً كما يزعم الجاهلون , وأنّ أبا محمد العدناني عندما أطلق التكفير للائتلاف لم يكن بذلك غالياً بل لم يقل إلا الحق والصدق .

فما الذي ينكره أبو خالد السّوري على الدّولة الإسلامية ؟!!

فإن كان ينكر تكفيرها للائتلاف والموالين لهم والعاملين تحت لوائهم أو تكفيرها لمن تولّى المرتدين من حكّام العرب , فحينئذٍ الأولى بحاله أن يتعلّم عقيدة أهل السنّة والجماعة قبل أن يتصدر للنصح والإرشاد .

وإن كان يزعم أنّ الدولة الإسلامية تكفِّر الطّوائف الباغية الصائلة على دماء جنودها وأعراض نسائهم ممن لم تثبت عليهم ردّة أو كفر , فهذا بهتانٌ وإفكٌ مُفترى .

ولعل قائلاً يقول : أليس إطلاق الدّولة على كلّ من قاتلها لقبَ « الصّحوات » هو تكفيرٌ صريحٌ لجميعهم دون التّفصيل الذي ذكرت ؟!!

قلنا له : لا نعلم في كتاب الله ولا سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم إناطة الكفر بوصف الصّحوات !!

بل هذه الكلمة حادثة ولا تفيد تكفيراً أبداً , والمعتبر في التّكفير هو ما أناط به الشارع وصف الكفر , وليس ما اصطلح عليه النّاس من الأوصاف .

والشّرع رتّب وصف الكفر على من والى الصّليبين والكافرين أو حكم بغير شريعة رب العالمين , وكذلك رتّب وصف البغي والإفساد في الأرض على من صال على الدّماء والأعراض .

أما لقب الصحوات , فقد درج عند المعاصرين إطلاقه على كلّ من قاتل المجاهدين , سواءً أكان قتاله ذلك موالاةً للكافرين أو بغياً على المجاهدين .

حينئذٍ امتنع قولك بأن إطلاق هذا اللقب يلزم منه تكفير كلّ من رُمي به , والله أعلم .

قال أبو خالد :

« إن ما نسمعه اليوم من جرائم وممارسات خاطئة ترتكب تحت اسم الجهاد وإقامة دولة الإسلام وانتساباً لمشايخ الجهاد كالشيخ أسامة رحمه الله والشيخ أيمن الظواهري حفظه الله والشيخ عبدالله عزام رحمه الله والشيخ أبي مصعب السوري فك الله أسره والشيخ أبي مصعب الزرقاوي رحمه الله ممن أمضوا أعمارهم جهاداً في سبيل الله بعيد كل البعد عن المنهج السوي , فخبري لكم خبر الناصح الذي أمضى عمره مع هؤلاء الأكابر وعرفهم حق المعرفة فإنهم بريئون مما يُنسب لهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب فلا يغرنكم تلبيس الملبسين ولا أخبار الكاذبين » انتهى .

قلتُ : أما زعمُ أبي خالد السّوري انتساب المجاهدين إلى من ذكرهم , فعلى فضلهم وقدرهم ولكن المسلم لا ينتسب إلّا لدينه ولجماعة المسلمين ثم لكلِّ امرئٍ بعد ذلك ما قدّم فإن كان خيراً فخير وإن كان شرًّا فشر .

وإطلاق الانتساب إلى رجلٍ من الرّجال مُشكلٌ , فالمؤمن الحقّ لا ينتسب إلّا للإسلام ولعموم المسلمين فلا فخر ولا عزَّ إلا به , ونحن لا نعلم أنّ الدّولة الإسلامية تنسب ما تصنع إلى أحدٍ .

بل هي تنسب كل ما تعمل إلى فضل الله وتوفيقه أولاً وأخيراً ثم لما قدّموا وبذلوا في سبيل الله .

ومع ذلك فإنّا لا نعلم لمن ذكرهم مخالفةً للدّولة الإسلامية أو مشاقّة لها , بل كلام أسامة بن لادن رحمه الله في مدح الدّولة الإسلامية مشهور , أما أبو مصعب رحمه الله فهو الذي أقام لبنات هذه الدّولة وسعى في بنائها ووافاه الأجل قبل أن يراها رحمه الله وغفر له .

ثم هب أن هؤلاء الذين ذكرهم مخالفون للدّولة الإسلامية في اجتهادهم أجمعين .

فتالله إن ذلك ليس بضارِّهم شيئاً أبداً , وكلٌّ يُؤخذ من قوله ويُترك إلا نبينا عليه الصّلاة والسلام كما هو معلوم .

والحقُّ قويٌّ بذاته وليس بمن قال به أو انتسب إليه حاشا كلام الله وسنّة رسوله .

نعم .. الضير كلُّ الضّير إن خالف المرء كلام الله سبحانه وتعالى أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم .

أما إن خالف كلام البشر وآراء الرِّجال وأقوالهم واجتهاداتهم فليس ذلك له بضائر أبداً , وليس هو مما يُذم به المرء .

قال أبو خالد :

« إن إصرار جماعة دولة الإسلام في العراق والشام على معاملة المجاهدين الذين حرّروا البلاد وقدّموا الشّهداء على أنهم فصائل وهي الدّولة بخصٌ لحقِّ النّاس والله سبحانه وتعالى يقول : [ولا تبخسوا النّاس أشيائهم] وهذا مما أزّم الوضع وأدخل السّاحة في تعقيدات كانت في غنى عنها ولا سبيل للحل والخروج من الأزمة إلا باعتراف كلٍّ بحجمه الحقيقي والعودة للحل القرآني (وأمرهم شورى بينهم) وتهديدكم بالقول إمّا نبيد أو نُباد أو باستخدام الكيماوي إن وُجد حسب قولكم , ليس من الإسلام في شيء » انتهى .

قلتُ : كلامه ههنا حوى جهلاً وتصورًا فاسداً لحقيقة الأمر في الشّام .

فالرّجل أوحى بكلامه أن اسم الدّولة الإسلامية هو ما أشعل الصّراع وأن الرّجوع عن هذا الاسم هو ما يُطفئ نار الصِّراع .

وهذه سماجة وسذاجة وتضليل في الوصف , بل أصلُ الصِّراع هو بين المسلمين وبين من يوالي المرتدين .

الصراع بين من يريدون أن يحكّموا شرع الله وبين الذين يبغونها دولة ديمقراطية كفرية .

الصّراع بين المؤمنين الصّادقين وبين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم , فإذا لقوا الدّولة الإسلامية أظهروا الدّيانة والصّلاح , وإذا خلا بعضهم لبعض عضوا عليهم الأنامل من الغيظ .

[قل موتوا بغيظكم إن الله عليمٌ بذات الصُّدور] .

والصّراع بين المجاهدين المرابطين وبين الذين إذا القوا الدّولة الإسلامية قالوا : نريد أن نحكِّم شرع الله , ثم إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا نريد دولةً ديمقراطية إنّما نحن مستهزئون .

[الله يستهزأ بهم ويمدّهم في طغيانهم يعمهون] .

والصّراع بين المسلمين وبين الطائفة الباغية الصائلة على دماء المسلمين وأعراضهم .

فهذه هي حقيقة الصّراع حقًّا وصدقاً , وكلّ ما سوى ذلك فهو تصوّرٌ للشيء على خلاف حقيقته .

وإطفاء نارُ الصِّراع يكون بترك المرتدين لردّتهم وبانتهاء البغاة الصائلين عن بغيهم وفيئهم إلى الله .

أمّا استدلاله بقول الله سبحانه وتعالى : [وأمرهم شورى بينهم] فهو استدلال باطلٌ لا وجه .

نعم .. شورى المؤمنين تكون بينهم ولا يدخل فيهم الطائفون السائحون على سفارات الكافرين والمرتدين .

شورى المؤمنين تكون بينهم ولا يدخل فيهم المتنعمون بأموال السُّحت من شيوخ السّلاطين وملوك الطّوائف في الجزيرة .

شورى المؤمنين تكون بينهم ولا يدخل فيهم « المُنسِّقون » مع استخبارات الكافرين والمرتدين .

نعم .. فبمثل هذا يصحّ الاستدلال والاستشهاد , أمّا مشاورة المُتردية والنطيحة وكل مشبوهٍ أو فاسد العقيدة فهو من السَّفه والحمق وليس هو من المشاورة التي أمر الله بها في شيء .

هذا ما تيسّر في نقض كلام أبي خالد , وقد كتبتُ ذلك على عجل ردًّا على عدوانه وبغيه على الدّولة الإسلامية .

وقد قضيت العجب من حال أبي خالد السّوري !!

يرى الكتائب السالبة الناهبة الباغية ولا يتقدم في نصحها على الملأ بشطر كلمة , بل يرى كتائب المرتدين الموالين للكافرين فيصرُّ مستكبراً كأن لم يراها !!

أما الدَّولة الإسلامية فعينه بها بصيرة , ويطيب له النُّصح والإرشاد والإشفاق على الدّولة الإسلامية فقط !!

[تلك إذاً قسمةٌ ضيزى] .

كل ذلك يدلّ على حال الرّجل وخلّوه من الإنصاف , والنّاظر في كلامه يحسب أن أصل الدّاء في الشّام هو وجود الدّولة الإسلامية .

فلعمري أين أولئك السارقون والبُغاة من نصحه ؟!!

أم أين الديمقراطيين الكُفّار الذين يبغونها دولة كفرية من نصحه ؟!!

أين أولئك الذين يوالون المرتدين جهاراً نهاراً من نصحه ؟!!

فإن كان ناصحاً وللحق طالباً فليجهد نفسه في نصح هؤلاء , فإنّ بلاء الشّام اليوم هو بسببهم وليس بسبب الدّولة الإسلامية كما يزعم .

وهذا آخر المقصود والله أعلم

 

وكتبه : أبي القالسم الأصبحي

 

المصدر

 

المنبر الإعلامي الجهادي

 

http://alplatformmedia.com/vb/showthread.php?t=35532

 

 

.