بيان هام للشيخ أمين جعفر حول الغارات الأمريكية في اليمن وحكم السماح لها
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان تفصيلي هام للشيخ أمين جعفر حول الغارات التي تشنها طائرات أمريكا في اليمن، وحكم من يسمح لها بذلك من المسئولين اليمنيين:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب السموات والأرضين، وإله الأولين والآخرين، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وحجته على عباده، صلى الله عليه وعلى آله وسلم ,,, أمَّـا بعـد :
فإنَّ الله عز وجل قد أخذ الميثاق على أهل العلم ببيانه وحرمة كتمانه, فقال سبحانه وتعالى : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ }, وأمر عزَّ وجل نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بالصدع بالحق, وأنْ لا يخاف في الله لومة لائم, حيث قال : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ }, وقال تعالى: { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً }؛ ولذلك فإنَّه من أجلِّ الواجبات, وأعظم القُربات على من بَصَّرَه الله بالدين، وحمل ميراث النبوة عن سيد الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بيان الحق, والصدع به, وأنْ لا يخشى في الله لومة لائم, كما قال صلى الله عليه وسلم : " ألا لا يمنعنَّ أحدكم رهبة الناس أنْ يقول بحقٍّ إذا رآه أو شهده؛ فإنَّه لا يُقرِّب من أجلٍ ولا يُباعد من رزقٍ أنْ يقول بحقٍ أو يُذَكِّر بعظيمٍ " خرّجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وإنَّ مما يقضُّ المضاجع ويشجي الشجن أنْ تغيب كلمة الحق عند كثيرٍ من دعاة المسلمين وعلمائهم في مثل هذه الأحداث التي تمتحن فيها العقيدة وبخاصةٍ الأصل الأصيل لكلمة التوحيد ألا وهو " الولاء والبراء "، والذي هو واضحٌ في هذا الصراع غاية الوضوح, وجليٌ أشد الجلاء.
فأداءً للميثاق ببيان الحق والصدع به, وقياماً بواجب البلاغ المبين والنصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؛ فإنَّ ما تقوم به الطائرات الأمريكية بطيار وبدون طيار والتي تذرع الأجواء اليمنية كما تشاء, وتذهب وتجيء يمنةً ويسرة, وتغدو وتروح في طول البلاد وعرضها تجسساً وعمليات استخباراتية, وقصفاً وقتلاً لأبناء الإسلام والتي أضحت من الكثرة بمكان, وهذا الأمر مع كونه أكبر انتهاك صارخ للسيادة اليمنية من قبل الأمريكان, وتفريط في السيادة اليمنية غير مسبوق النظير من قبل الحكومة اليمنية - والتي أبدت استعدادها بكل صفاقةٍ لتبني أيِّ جريمةٍ تقوم بها أمريكا على الأراضي اليمنية من خلال ما يُسمى التعاون لمكافحة الإرهاب -, هو أيضاً خيانة وطنية عظمى ممن أذن بهذا التدخل الأجنبي كائناً من كان, ورهنٌ لليمن وأهل اليمن للوصاية الأجنبية المطبقة, وإباحة لدماء أبناء اليمن المسلمين, وهذا من أعظم الفتنة في الأرض, والفساد العريض, والمنكر الكبير, والحكم الشرعي في هذا الصنيع - نقوله بكلِّ وضوحٍ وبيانٍ وجلاء, لا نجمجم ولا نتلكأ, بلا مواربةٍ ولا مداورةٍ ولا مداهنةٍ هي النفاق- فالواجب على المسلم ألا يتمتم ولا يجمجم وهو يعلن مثل هذه الحقائق الكبرى, نقول: إنَّ التعاون مع الكفار في قتل وقتال المسلمين - خاصةً المجاهدين -, بأنْ كان هو والكفار يداً واحدةً على المسلمين, أو كان أداةً طيعةً بأيديهم يأتمر بأمرهم وينتهي عند زجرهم, أو بأيِّ نوعٍ من أنواع التعاون بالقول أو الفعل قلَّ أمْ كثر, وأيّاً كانت صور ذلك التعاون قوليةً أو فعلية, حسيةً أو معنوية, ظاهرةً أو باطنةً مما هي حلقاتٌ نكدةٌ في سلسلة الخيانة القذرة, ينتظمها جميعها سلكٌ واحد يسمونه محاربة الإرهاب, وحقيقته نقضٌ للأصل الأصيل في التوحيد : أعني " الولاء والبراء " الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين, والبراء من الكفر وأهله.
حكم ذلك كلِّه عندنا وعند كلِّ مسلمٍ يعقل معنى : لا إله إلا الله = الكفر البواح, والنفاق الصراح, والردة الجامحة, فهو كفرٌ بالله العظيم، وردةٌ عن دين رب العالمين، وارتكاب ناقضٍ من نواقض الإسلام, وفاعله مرتدٌ خارجٌ عن ملة الإسلام بلا ترددٍ ولا مثنوية. ونحن نقصد إلى كل حرفٍ من معنى هذه الجملة، ونحن في ذلك كلِّه لم نتجاوز كتاب ربنا, ولا سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا منهاج أهل العلم قيد أنملة. فالأمر جِدُ ليس بالهزل.
وبيان ذلك فيما يلي :
أولاً : أنَّ هذا الصنيع ناقضٌ لعقيدة الولاء والبراء = فإنَّ من أوجب الواجبات وأجلِّ القربات تحقيق عقيدة الولاء والبراء, الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين والبراء من الكفر والكافرين, فالولاء والبراء من لوازم التوحيد, ومخالفته ناقضٌ من نواقض الإسلام, والصنيع المذكور من المناصرة للكفار الصليبين على المسلمين المجاهدين من أعظم نواقض عقيدة الولاء والبراء, وذلك ناقض من نواقض الإسلام بالإجماع, فقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي أنواع المساعدة فهو كافرٌ مثلهم, والأدلة على هذا الأصل متضافرةٌ من كتاب الله عزَّ وجلَّ, منها قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}, فمن يتول اليهود والنصارى وينصرهم على المؤمنين فإنَّه منهم وهو من أهل دينهم, وعلى ملتهم, وظاهر الآية أنَّ من تولاهم فهو كافرٌ مثلهم, قال الإمام ابن حزم رحمه الله في " المحلى": ( وصح أنَّ قوله تعالى: { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }, إنَّما هو على ظاهره بأنَّه كافرٌ من جملة الكفار، وهذا حقٌ لا يختلف فيه اثنان من المسلمين ). ولقد قال عبد الله بن عتبة بن مسعود عند قوله تعالى: { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }: ( ليتق أحدكم أنْ يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر ). وقال الله تعالى: { لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ }, قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية: ( معنى ذلك لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهراً وأنصاراً, توالونهم على دينهم, وتظاهرونهم على المسلمين, من دون المؤمنين, وتدلونهم على عوراتهم, فإنَّه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء, يعني بذلك فقد بريء من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه, ودخوله في الكفر ). وقال الله تعالى: { تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }, وقال تعالى : {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } فدلت الآيات الكريمات على أنَّه لا يجتمع في قلب أمريءٍ قط إيمانٌ بالله ومودةٌ لمن حاد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, وأنَّه متى وجد أحدهما انتفى الآخر ولابد ولا يجتمعان بحالٍ ألبته, فإمَّا أن يكون العبد مؤمناً بالله معادٍ لأعداء الله, أو يكون على الضدِّ من ذلك موالٍ لأعداء الله كافرٍ بالله, وليس من منزلةٍ هناك بينهما ألبته.
ثانياً : أنَّ ذلك من طاعة الكفار والمشركين الطاعة الشركية المكفرة, المندرجة ضمن شرك الطاعة والإتباع, كما في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِنْ تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}, وقوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِنْ تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ }, وقوله تعالى:{إنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ{25} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ{26} فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ{27} ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ }, ذكر تعالى عن المرتدين على أدبارهم، أنَّهم ارتدوا على علم من بعدما تبين لهم الهدى، فلم ينفعهم علمهم بالحق مع الردة, وأنَّ سبب ما جرى عليهم من الردة، وتسويل الشيطان وإملائه لهم، هو قولهم للذين كرهوا ما نزل الله: سنطيعكم في بعض الأمر، فإذا كان من وعد المشركين، الكارهين لما أنزل الله طاعتهم في بعض الأمر كافراً، وإنْ لم يفعل ما وعدهم به، فكيف بمن أطاعهم, وسارع في الاستجابة لهم, ولمبادرة في تنفيذ أوامرهم, لا شك ولا ريب أنَّه أولى بالردة والكفر من أولئك الذين وعدوا المشركين بطاعتهم في بعض الأمر. فالمسلم إذا أظهر الطاعة والموافقة للمشركين جملةً أو فيما هو من خصال الكفر والشرك من غير إكراه يكون بذلك مرتداً خارجاً من الإسلام, وإنْ كان يشهد أنْ لا إله إلا الله, ويفعل الأركان الخمسة فإنَّ ذلك لا ينفعه.
ثالثاً : أنَّ هذا الصنيع من الركون إلى الذين كفروا وظلموا كما قال الله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }, وقال تعالى – مخاطباً نبيه وحبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم - : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً}, ففي هذه الآيات البيان الصريح بالنهي عن الركون إلى الذين كفروا وظلموا, وأن ذلك موجبٌ لنيل العقوبة الأليمة من مضاعفة العذاب في الحياة الدنيا, ومضاعفة العذاب بعد الممات, وفي الآخرة بدخول النار وفي الدنيا بانتفاء ولاية الله ونصره.
ولكمْ جرَّ علينا الركون إلى الكفار والظالمين من بلايا, وجلب إلى ساحتنا من رزايا من تحكيم للقوانين الوضعية الوضيعة في دماء المسلمين وأموالهم وفروجهم, ونبذ التحاكم إلى الشريعة الإسلامية، وتعطيل الشرائع المحكمة من الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود على المرتدين والمجرمين، وفتح الباب للأحزاب العلمانية واللبرالية والشيوعية والاشتراكية أن تنشئ لها هيئات ومؤسسات ومجالس ومؤتمرات وصحف وإعلام تدعوا فيها إلى أفكارها الكفرية ومبادئها اللادينية, ومن السخرية والاستهزاء بالدين وشعائره والتنقص للدين وأهله بل الدعوة إلى الكفر الصراح البواح في أجهزة إعلام مختلفة, كلُّ ذلك باسم الديمقراطية, والدولة المدنية, والانفتاح على الحضارة الغربية.
وختاماً فإنَّ فتاوى علماء الإسلام وفقهاء الشريعة على مر الأزمان بكفر وردة من تعاون وناصر أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والمشركين بأي نوعٍ من أنواع التعاون والمناصرة من الكثرة والجلاء بمكان, ولولا ضيق المقام لنقلناها بحروفها ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق, وما لا يُدرك كلُّه لا يُترك جُلُّه, وسأجتزئ على بعضٍ من فتوى نقلها حافظ المغرب عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني في رسالته "مفاكهة ذوي النبل والإجادة " وهو يذكر موجبات خلع سلطان الديار المغربية في زمانه, فكان مما قاله : من موجبات الخلع: الاستعانة بغير المسلمين على المسلمين :- هذا عندنا – معشر المسلمين – من أعظم المحذورات؛ فإن تمكين بلاد المسلمين من النصارى لا يجوز شرعاً ولا عادةً، والحكم في فاعله أنه: مرتد عن الإسلام لا تقبل منه طاعة ...ثم نقل جملةً من فتاوى علماء المغرب في مثل هذا الشأن, وهذا نصُّ واحدةٍ منها إنَّ قتل النفر الذين توجهوا إلى محل الجهاد لتكثير سواد المسلمين، والإعانة في قتل أعداء الله الكافرين، يُعدُّ من فاعله ردةً؛ لأنَّه لا يصدر إلا ممن خلع من عنقه ربقة الدين، وأنَّه إنَّما قتلهم من أجل جهادهم.ولا يقتل مؤمناً مسلماً لأجل الجهاد إلا كافر، فهو كمن قتله لأجل إيمانه؛ فقياسه عليه واضحٌ ظاهر. وحكمه: أنَّه يستتاب من فعله الذميم، الذي يقصيه من دار النعيم، ويدنيه إلى دار الجحيم. فإنْ تاب: فيمكن منه أولياء المقتولين؛ ليقتلوه قصاصاً، وإنْ لم يتب: فيقتل حداً؛ لكفره, وقد خسر خسراناً مبيناً، ويحق عليه قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }،فالسيف يحكم عليه على كل حال، فهذا هو الحق! ). أ هـ