JustPaste.it

يستفاد من حديث محاولة الشيطان حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته، وهو الحديث الذي في صحيح مسلم عن أبي الدرداء أنه قال: قام رسول الله يصلى فسمعناه يقول: (أعوذ بالله منك) ثم قال: (ألعنك بلعنة الله) ثلاثا وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من صلاته قلنا: (يا رسول الله، سمعناك تقول شيئا في الصلاة لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك. قال: (إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهى، فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات، ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة، فاستأخر، ثم أردت أن آخذه ولولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان المدينة).
أن الشيطان يغتاظ جداً من الطاعات، وهو لحنقه يظهر على حقيقته ولا يخفيها، وهو يظهر في وقت شدة النور وسطوته كما يظهر في وقت شدة الظلام والكفر والمعاصي كذلك، كما في حديث عبدالله بن عمرو: ((ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه)) قال سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول ألا تستجيبون فيقولون: فما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور...)
أقول ان حقائق صور الشيطان تظهر لما يقوى الحق أو يزول بالكلية او شبه الكلية، ولقد كان اعداؤنا كلهم يلعبون لعبة التخفي والتقية، فالروم والغرب يلعب لعبة حقوق الإنسان، وطواغيت بلادنا من المرتدين اذنابهم يلعبون لعبة مصالح الأمة ومقاومة بقايا الاستعمار، والروافض يلعبون لعبة الوحدة الإسلامية، حتى اذا قام الجهاد بان ما يخفون ، وما هي حقائق قلوبهم، فظهرت قذارات القلوب وخبايا الصدور
وهذا من نعمة الله على الأمة بهذا الجهاد اذ عرفت اعداءها من هم، وما هم عليه، لا يخفى على ناظر شيء منهم.
وهذا النعيم الذي كشف الحقائق وأقام الحجة هلى الخلق يعده بعضهم ذنباً من ذنوب الجهاد، وكأنهم يقولون بأن المجاهدين هم من ثور العالم ضدنا، وهم من دفع الشيطان لكل هذه الشرور، وهم لا يعلمون حكمة الله في اظهار ما في القلوب، فإن من عدله وحكمته أن يقيم الحجة هلى الخلق، فلا يعيب الجهاد بهذا العيب الا جاهل بحكمة الله تعالى وأقداره وشرعه.
لقد احتاج الصحابة لفتنة الاحزاب حتى تنقطع علائقهم مع يهود بني قريظة، ولقد احتاجوا الى صلح الحديبية حتى يعلموا قبح قريش أكثر مما هي في قلوبهم، ولقد احتاج لوط عليه السلام لفتنة موقف قومه من ضيوفه حتى يقال له: أليس الصبح بقريب.
إن هذه الفتن والابتلاءات هي ثمن معرفة الخصم، وإن هذه الدماء التي تسيل حتى اذا تمكن منهم اهل الإسلام لم يكن لهم الا حكم واحد ، هو حكم سعد بن معاذ في بني قريظة، وهو حكم الله من فوق سبع سموات.

 

الشيخ أبو قتادة