JustPaste.it

مراسل مؤسسة السحاب:
شيخنا أشرتم فيما سبق إلى أن المتعين على المسلمين عموماً والمجاهدين خصوصاً إيجاد موطن أو دولة تكون المنطلق الأول لهم لنشر دين الإسلام في رُبوع الأرض وكما تعلمون فإن المجاهدين في العراق قد أعلنوا عن قيام دولة العراق الإسلامية فما هي نظرتكم لهذه الخطوة التي قام بها إخواننا هناك ؟

الشيخ أبو يحيى الليبي:
حقيقة أنا أعتبر أن إقدام إخواننا المجاهدين في العراق على إعلان قيام الدولة الإسلامية هو توفيقٌ إلهي محض, وهو جزء من الهداية التي تكفل الله بها لعباده المجاهدين بقوله: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) بل لا أشك أنه من دفاع الله عن المؤمنين الذين نصروا دينه وكتابه كما قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ), فالجهاد في العراق قبل إعلان الدولة كان يسير نحو منزلقٍ خطيرٍ وقاتل ولكن بِخفية وتستر والذي كشف هذا المنزلق وأزاح الغِطاء عن تلك الهاوية المُهلِكة هو إعلان قيام الدولة ولهذا فإن العدو المحتل وقع في مأزق لا يُحسد عليه حيث أربكت عليه هذه الخطوة كل حساباته وخلطت جميع أوراقه وذلك أن الخطوة أو بالأصح الخِطة التي كان يسير عليها العدو قُبيل إعلان الدولة هي إيجاد حكومة عميلة محسوبة على أهل السنة تكون مرضياً عنها نوعاً ما ومُعترفاً بها من قِبل دول السوس المجاورة وخاصة دولة آل سعود والأردن اللتان تتوليان كِبر هذه المؤامرة فصارتا تنفخان في بوق الدِفاع عن أهل السنة في العراق وتتظاهران بالحرص على دمائهم وصار الإعلام يضخم هذه القضية وينوع صور إخراجها ونحن لا نعني هنا أن إخواننا أهل السنة في العراق لم يكونوا ولا زالوا يتعرضون لأبشع صور الإجرام الرافضي والصليبي على حد سواء بل المقصود من كلامي أن الدندنة المستمرة على هذه القضية ومن قِبل دولٍ مردت على النفاق والإجرام كان جزء من مؤامرة كبرى تُحاك ضد الجهاد والمجاهدين في العراق, فبعد أن يبلغ التنكيل والتقتيل بأهل السنة مداه ويقتنع الجميع داخل العراق وخارجها أنهم وصلوا الذروة من المعاناة تُفبرك لهم مسرحية سياسية تترشح عن حكومة ذات أغلبية سنية وتُبادر دول المنطقة إلى دعمها وتقويتها وتلميع صورتها فيُقال لأهل السنة في العراق ها قد نِلتم ما تُريدون وظفرتم بما كنتم تطلبون ونجوتم من مسالخ الرافضة ومذابح أهل الصليب فانعموا بحكمٍ علماني عميل طبّل له القريب والبعيد ومن سيعترض على تلك الحكومة (السنية) وهذه بين قوسين, فسيجد نفسه شاذاً منبوذاً لأنه سيحاول بأفعاله تدمير هذا الصرح العظيم الذي ناله أهل السنة في العراق والذي يعيشون تحت مظلته وحمايته وهكذا يُسدل الستار على تضحيات الأبطال ودموع الأرامل ومعاناة الأيتام لتذهب هباء مع عاصفة الفرح والتأييد والتلميع والبطولات المصطنعة التي ستظهر بها تلك الحكومة المفترضة ولكن الله سلم وأنقذ الجهاد العراقي من ضربة قاصمة ستؤدي به أو ترجعه إلى نقطة الصفر وذلك بإعلان قيام دولة العراق الإسلامية.

مراسل مؤسسة السحاب:
ولكن كما تعلمون فإن كثيراً من المجاهدين داخل العراق وخارجها يرون أن الخطوة لا تصب في مصلحة الجهاد والمجاهدين.

الشيخ أبو يحيى الليبي:
فيما أرى والله أعلم أن الاعتراض على إعلان دولة العراق الإسلامية من قِبل هؤلاء الفُضلاء قد أخذ أكبر من حجمه وما أقدم عليه إخواننا من الإعلان يُعد خطوة أقل ما يُقال فيها أنها اجتهاد لطائفة كبيرة وشريحة واسعة من المجاهدين ويُتعامل معها على هذا الأساس ونتجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة التسديد والترشيد والدعم والتقوية ورص الصفوف والسعي الدائِم للأفضل والأكمل ولا نقف عند نقطة الإعلان ونجعلها وكأنها قاصمة ظهر الجهاد في العراق مع أن الواقع على الأرض يظهر غير هذا ويكشف الجوانب الإيجابية الكبرى التي توالت بعد إعلان الدولة ولا ينبغي أن نتغافل عن أعظم مكسب في هذا الإعلان وهو إنقاذ الجهاد في العراق من مشروعٍ استئصالي يأتي على قواعده وهي الحقيقة التي أدركها العدو قبل الصديق, فالقول بأن هذه الخطوة لا تصب في مصالح الجهاد والمجاهدين غير صحيح على الإطلاق وهو تجاهلٌ يصطدم اصطداماً مباشراً مع الواقع الذي تسير فيه قافلة الجهاد في العراق وحقيقة إننا حينما نريد أن نقوم أي أمرٍ من الأمور ونخرج فيه بنتيجة صائبة منصفة يجب علينا أن نوازن بين الايجابيات والسلبيات التي يتضمنها هذا الفعل أو ذاك (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) فرُب إيجابية واحدة بسبب ثقلها وقوتها ورجحانها ينغمر في بحرها مئات السلبيات والعكس كذلك والذين يتحدثون عن المشروع الإسلامي الحضاري الكبير ويتعلقون بالصورة المثلى له ويجعلونه معيارهم في نجاح أو فشل أي عملٍ حقيقة هؤلاء لم ينزلوا إلى ساحة العمل الواقعية ولم يحتكوا بتفاصيل الأحداث ولم يتعمقوا في النظر لدرجة الكيد والمكر والدسائس التي تتفتق عنها عقول دهاقنة الكفر يوماً بعد يوم, فقل لي بالله عليك هل هذا المشروع الحضاري الذي تتمتع العقول بتخيله وتسبح في بحار تصوره هل سيولد بين عشية وضحاها كاملاً فتياً قوياً قد سد الأفق بازدهاره وحضارته ونضارته أم أن معاناة الواقع واتجاهات أحداثه ستكون منعكسة تماماً عليه في قوته وحجمه وامتداده ولكنه يقاوم ويقاوم ويسدد ويقارب ويتقوى ويرتفع حتى يقترب شيئاً فشيئاً من مرحلة التمام والتي لن تكون إلا عبر عقودٍ من الزمان وليس في يومٍ أو يومين.

مراسل مؤسسة السحاب:
وفي نظركم ما هي أهم المخاطر التي يمر بها الإخوة في دولة العراق الإسلامية في هذه المرحلة ؟

الشيخ أبو يحيى الليبي :
كما ذكرت لكم من قبل فإن إعلان قيام الدولة كان مفاجأة كبرى للعدو المحتل بجميع المقاييس, حيث صارت القناعة التلقائية للشعب العراقي أن الدولة هي البديل الوحيد والمباشر الذي سيخلف المحتل عند انسحابه بإذن الله, ومع الضربات المتتالية التي يتلقاها الصليبيون على أيدي المجاهدين هناك وتزايد الضغوطات الداخلية لإدارة بوش ومع شدة الخطر الذي يستشعرونه من خلال إقامة المسلمين لدولة لها كامل الاستقلالية على كافة الاتجاهات مع هذا كله صار همّ المحتل هو إفشال هذا المشروع ووأده في مهده بأية طريقة ومن ذلك اقتلاع هذه القناعة التي ترسّخت في قلوب العراقيين بإعلان الدولة ليصنعوا لهم بعد ذلك من البدائِل ما شاؤوا وكانت أنجح وأنجع الطرق في هذا هو بث الفرقة الداخلية وتغذيتها بين المجاهدين واستغلال بعض النقاط التي تختلف فيها أنظارهم وتضخيمها وتعميق الخلاف من خلالها ومحاولة اختراق الصفوف للعبث بالمنهج الجهادي من الداخل وارتكاب بعض التصرفات الشنيعة ونسبتها للمجاهدين تنفيراً منهم وبذلك سيصبح المجاهدون منشغلين بأنفسهم ومنكبين على سلسلة مشاكلهم التي لا نهاية لها فتُستهلك طاقاتهم وتُهدر جهودهم وتنعدم الثقة بينهم ولهذا فإنني أشبه حال إخواننا في دولة العراق الإسلامية بحالة من يمشي في حقلٍ من ألغام وسط ظلام دامس وهذا يتطلب منهم تيقظاً كاملاً وتحسساً مستمراً لمواطن الأخطار ووعياً محيطاً بأنواع المؤامرات وبصيرة تكشف لهم سبيل المجرمين وأن تكون قراراتهم منبثقة من النظر الشمولي للأحداث والتعامل المستقل مع القضايا والشعور بالمسؤولية عند كل خطوة والبعد التام عن سياسة ردات الفعل والاستجابة للاستفزاز فالمرحلة جد خطيرة ودقيقة والخروج من عنقها بسلام يعني كمال النصر وتمام التمكين بإذن الله.

من اللقاء الثاني لمؤسسة السحاب مع الشيخ حفظه الله